هند زيتوني - جارتي الغربية...

كنا كعائلة
مثل طيورٍٍ متنافرة
نخبئ جلودنا الحقيقية
فلا يظهر منّا سوى ابتسامة صفراء
ونظرة شاحبة
نلتقي في المساء
على فنجان بارد من المجاملة ، نبرّر للوقت لؤمه
وللمصادفة خبثها
نتظاهر بالطيبة واللطف
ولكننا كنا ألدّ الأقرباء
العائلة أفعى تنفث سمّها
وتقنعك بأنها ستمنحها ترياق
المحبة بعد لدغة اللقاء
لقبٌ وأسماء فُرضت عليك
وسلاسل تُسحَب بها من رقبتك
حتى تجفّ دماؤك وتهوي في غرفة العدم
أختي الصغيرة تخفي
صوتها الناعم في قارورة زجاجية
تبتلع رسائل عشيقها
كي لا يقرأها أحد
وأخي الوحيد
يزورنا كلما حصل كسوف للقمر
يهدي أمي المدمنة
، قطعة صابون لتنظف قلبها من سواد الأيام
جدتي امرأة وقورة، وحزينة،
ترتّل آلامها مع الإنجيل الذي حفظته مثل ملامحها
تزرع أسماءنا في تربة قلبها لننمو كما تحب
ولكن كبرنا وتفرقنا كشجر ضال
ونشبنا أغصاننا في رقبة الوقت
الرجل المراوغ الذي يسمى والدي
زرع شتلة صغيرة في رحم أمي
ولم يروها بنقطة مطر واحدة
كان يقول: الرب سيتكفل بكل
الحقول ،اليتامى، الوعول
الفقراء والمساكين وضحايا الحرب
واختفى كالحقيقة
بيتنا الصغير كان مأوى
لكل المتحاربين في العالم
والذين يؤمنون
بأن العائلة وهمٌ كبير
وغابة مشتعلة بالنقاشات والرؤى المختلفة
منذ خلقت وأنا أتمنى أن أكون ابنة لشجرة صماء لا تشتكي أبداً


* من ديوان أقدحُ شرر الكلام
الديوان الذي صدر ضمن سلسلة اشراقات تحت رعاية الشاعر الكبير أدونيس ، دار تكوين للنشر والتوزيع ، تنشر بمنحة خاصة من مؤسسة غسان جديد للنشر والتنمية / تصميم الغلاف أحمد المعلا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...