إبراهيم الديب - النيش؟...

عندما ينتشر عرف بين الناس و يتفشى في حياتهم، ولم ينكره أحد ليكتسب بذلك قوة بصمت الناس فيستفحل امره :باتفاق شبه صامت من الأغلبية بالتغافل عنه ليتمتع بقوة القانون الواجب النفاذ،: ثم تتوغل هذه العادة أو وتزداد انتشاراً؛ وتتمدد في حياتنا كلما تقادمت فترة من الزمن ، لعل وجهة نظر المجتمع فيما سبق الا شيء فى ذلك ولا مانع طالما أنه فى صالح العباد بعد فرض الضرورة له وهضم المجتمع لهذا تعبيراً , فالحياة كلها مباح الا حرم بنص, تلك هو الاجتهاد البشري والتيسير على خلق الله ،طالما لا يتعارض مع نصوص الدين في شيء.

هذا العرف الذي تسلل لحياتنا شيئا فشيئا بطيئا ,حثيثا, دون به من أغلبنا و أصبح يتمتع بقوة قانون الواجب النفاذ وبدا من الصعب الخروج عليه بعد تبوأه اهمية كبرى في طقوس جهاز العروسة، محتويات العرف تحظى باهتمام النسوة والويل لوالدة العروسة عند التقليل من شأنه من أقارب الزوج حتى لو من باب التلميح ، يواجه بعاصفة شديدة من الردود دفاعاً عن محتوياتها ، أما في حالة تهميشه وجعله في ذيل الأولويات فيقابل صاحب هذا راي بالتخلف المجتمعي وبالعودة به للوراء وشق صفه بأفكاره الرجعية المتخلفة، وكأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة , بعد اكتساب هذا العرف قداسة لا تدانيها منزلة وخاصة في نفوس النساء..
لعل الفضول والشغف أصبح حالكم عن أي شيء أتحدث بعد هذه المقدمة الطويلة: اتكلم أيها السادة عن: سيادة "النيش المبجل "من يؤرق أبا العروسة ويضج مضجعه الذي أتخيله يقول في نفسه: لو كان النيش رجلا لقتلته لاستنزافه؛ أموالا لا طائل لها، وخاصة فى أيام ضنكة معيشتها لضم النيش على ارففه: أطقم فخار من افخر الماركات العالمية فهناك الصيني والياباني و لا ننسى الفرنساوي ،والأكروبال ولكنى لاست على علم الدولة التي تنتجه؟ أما أحدث هذه الأطقم ساكنة النيش حديثا وشله متفق عليه من قبل النساء هو الطقم البولندي الذي يرص بطريقة خاصةً ليحتل أهم زاوية فى النيش ؛ فهو معبر بمجرد وجوده واحتلاله اهم مناطق النيش الجغرافيا وخاصة عند النساء عن مستوى أهل الزوجة المادي والاجتماعي ليصبح مصدر فخر لوالدتها وهم وغم لوالدها لما يسببه من زيادة دين جهاز ابنته.
تحول النيش سيد شقة الزوجية وأهم قطعة أثاث بلا منازع ،فقد تتغاضى الزوجة عن خطأ لزوجها إذا حطم أي شيء فى الشقة دون قصد طبعا مهما غلا ثمنه، أما النيش فلا تغفر له أبدا إذا ذكره باستخفاف أو سوء او نظر إليه نظرة غضب ،أو يسأل زوجته يوماً عن مفاتيحه لتمتعه بمكانة لا تدانيا مكانة عند الزوجة تقترب من مكانة مفاتيح كنوز قارون عند بني إسرائيل... فكل شيء من محتويات البيت يستهلك وما تبقى منه قابل للتحطيم وتجري عليه سنن الحياة فهذا أمر طبيعي إلا النيش المقدس.. فإنها جريمة كبرى أن يحاول أفراد الأسرة بخلاف الزوجة فتح إحدى ضلفه.
أنا نفسى منذ زواجي لا أعرف أين مفاتيح النيش ولم أجرأ يوماً سؤال زوجتي عن مفاتيحه ،ناهيك عن محتوياته الأشد قداسة و الغير قابلة للمس وكأنه لا يوجد في شقتنا ، فتعودت المرور من أمامه ذهابا وإياباً بنظرة إكبار وتبجيل لما يتمتع به بمكانة في حياتنا انتزعها غفلة منا وتمدد في عقول ونفوس النساء قبل بيوتنا، أقوم بتحيته ، يحتل النيش فى الشقة مساحة ومكانة لا تتمتع بها دولة الفاتيكان داخل ايطاليا ولا سفارة للولايات الأمريكية المتحدة، في إحدى دول أمريكا اللاتينية. أو دول المشرق العربي المطبعة مع إسرائيل.. مكانة في الشقة تشبه قدس الأقداس في بيوت العبادة؟!..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...