خولة السعيد - يا ورد مين يشتريك؟

كانت سائرة في حزن وألم، طريقها المستشفى، لم تخبر أحدا من أهلها بأنها ستجري عملية فقد طمأنها طبيبها أنها تمر سريعا، وأنها تنجح بنسبة كبيرة، و سريعا يشفى المريض، لكنها مع ذلك تمنت لو أن عزيزا أحس بألمها وأدرك ما هي فيه، كادت وهي تعبر الشارع نحو الرصيف الآخر، تدهسها سيارة بسبب شرودها وسرعتها في المشي كذلك، أخرج صاحب السيارة رأسه مطلا عليها، ثم قال:
_عيناك أولا قبل قدميك.

ابتسمت له في صمود ، ابتسم أيضا وحمد الله، استبشرَت خيرا، وإذا بها تلمح فجأة أمامها محلا كتب على بابه : " يا ورد مين يشتريك؟ " وقفت تتأمل، وبدأت تخطو على مهل تستنشق أريج الورد في ابتسامة تحسها كل حواسها، سألها البائع:
* تريدين شراء ورد؟ تفضلي لدي أنواع عديدة، لأية مناسبة تريدينها؟
فكرت قليلا؛ ثم ردت:
*بلا مناسبة ، سأهديها لمن أحب
نظر إليها نظرة تأكد، وقال مبتسما:
* يا ورد مين يشتريك، وللحبيب يهديك؟!!
* هو كذلك، لكن أريد أن تبعثوها لهذا العنوان..
مدت له بطاقة كتب بها العنوان ، ثم قالت:

_أرجو أن تضيف: رقم الغرفة 3..
نظر باستغراب، حاول أن يتكلم لكنها أسرعت وطلبت منه أن يساعدها في اختيار أجمل الوردات ( ورد، عصفور الجنة، بنفسج، جوري ، شقائق النعمان، النرجس، التوليب، الأوركيد....)" أ كل هذا لشخص واحد؟" سألها البائع.
* نعم، نسيت أن أسجل لك الاسم، هات الورقة إن سمحت.. وأرجو أن تصل الورود بعد ساعتين وألا تتأخر عن ذلك من فضلك..
مد إليها الورقة، كتبت اسما، ظل مندهشا منه، منحها خمس وردات مختلفة وقال هذه هدية مني إليك، شكرته وطلبت منه أن يضيفها على بقية الورود،
وكأنه يريد أن يكتشف شيئا، خاطب ورداته الخمس أمامها وهو يرصها بجانب باقات الورود المنتقاة قائلا:
* يا ورد هون عليك
أدت ثمن الورد وغادرت مؤكدة على الموعد، صارت أكثر مرحا الآن، ولازمتها ابتسامتها وقد انطلقت تغني :
* يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل يا ورد.
دخلك يا بياع الورد انت الباقي و انا فليت
ميل صوبن ميل بعد لا تضيع عنوان البيت
بيعن جوري وبيعن فل بيعن كل شي بعمري ضل
....
بعد ساعتين وصل الورد ولكن البائع نفسه هو من أغلق محله وقد أخذه فضوله لمعرفة هذه الأنثى الغامضة. سُمح له بوضع الورود داخل الغرفة ، وبينما هو يرتبها بأناقة انتبه إلى صوت غير غريب عنه لكنه ضعيف وأكثر رقة يقول له : شكرا..
إنها نفسها التي اشترته واهية بالمستشفى، ذرف دمعة وتقدم نحوها، وفي غفلة منها أرجع ثمن كل الورود، وانصرف، وقد ارتاحت نفسه بهذا الألم بعد فضول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...