طلوا واجهة البار الزجاجية باللون الأزرق الغامق،كان ذلك إبان الحرب والغارات الجوية إذ كان ذلك قراراً ملزماً للجميع،وأبقوه على حاله بعد الحرب ولم يجدوا داعياً للتغيير لا بل بدّلوا الاسم أيضاً إلى البار الأزرق بناء على اقتراح أحد الزبائن حين تجلّت الفكرة في رأسه،واستكمالاً للإبداع فرشوا الرصيف أمام البار بموكيتة زرقاء ولكنهم اضطروا لإزالتها بعد ان تعثّر فيها بعض المارة واشتكوا إلى البلدية فلم ييأسوا من الأمر واستبدلوا بسطة الموكيت بطلاء أزرق أشدّ توهجاً.
وقعت عيناي على حذائيه اللامعين وهو يخطو إلى خارج البار،ورفعت رأسي لتصطدم نظراتي بوجهه،
كان الدم يصرخ في وجنتيه من شدّة الاحمرار،وتساءلت بيني وبين نفسي نظراً لقلة خبرتي بالموضوع هل هي الخمر التي تعصف بالدماء هكذا أم أنه جو البار المحتقن،وبالرغم من سهومه وشرود نظراته إلا أنه سرعان ما عثر علي وصاح بأعلى صوته:
- ابن عمي..وين...والله لتيجي معي..زمان ما قعدنا ودردشنا...
وإذن فصحيح ما يقولون من أن الخمر تعزز الانفعالات فتجعل الشخص إما أكثر ودّية وإما أكثر عدائية ولكن في كل الأحوال أكثر عاطفية !وصدق الباحثون.
المهم أن ابن عمي الافتراضي وهو قرابة بعيدة بالمناسبة أمسك بيدي كي لا يترك لي فرصة للإفلات وعرّج على دكان متلألاة بالأضواء واشترى كيلو مكسرات وعلّق معقّباً:
- نتسلّى قليلاً حتى تحلو القعدة.
أدار المفتاح ودخلنا إلى البيت،ضغط زر النور واتجه إلى غرفة النوم مستأذناً مني وداعياً إياي للجلوس في غرفة الجلوس الصغيرة،جلس على حافة السرير وبدأ بخلع نعليه ثم مد يده للجراب اليمين وما إن انزله إلى النصف حتى انقلب على السرير وذهب في النوم وعلا شخيره صادحاً.
قلت في نفسي ربما يصحو بعد قليل وعندها سأستاذن وأذهب،تناولت كيس المكسرات ودلفت إلى الغرفة المتبقبة في البيت ولشدة دهشتي اكتشفت انها غرفة مكتبة والكتب مرصوصة على الرفوف لم يمسّها سوء،وبدأت في تناولها وتقليبها وأخذتني الدهشة مرة أخرى حين تناولت كتاباً فوجئت بأنه" في ظلال القرآن" ومن باب الفضول بدأت في تقليب الصفحات وقراءة بعض السطور ووجدتني منجذباً بشدة للموضوع فاسترخيت على الكنبة وشرعت في القراءة حتى ذهبت في النوم دون أن أشعر!
استيقظت بعد الشروق على جلبة ابن عمي في المطبخ، فذهبت وألقيت عليه تحية الصباح،كان منهمكاً في إعداد القهوة وعلّق:
- القهوة تسبق الفطور! هل توافقني!
ثم مستدركاً بعد أن فطن أنه لم يرد التحية:
- صباح الخير! هل نمت جيداً؟
نبهني سؤاله إلى أن الكتاب لا يزال في يدي: رفعته قائلا:
- في الحقيقة لقد استغرقت في قراءة هذا الكتاب!
استدار قليلاً ملقياً نظرة خاطفة:
- خذه إلك! في الحقيقة لا حاجة لي به! مشاغلي كثيرة ولا أجد الوقت للقراءة.
تناولنا القهوة معاً واتجهت بعدها إلى المكتبة،جمعت باقي الأجزاء ووضعتها في كيس واستاذنت في المغادرة،ليقاطعني ابن عمي:
- لا وين! بدنا نوصي عفطور...المطعم قريب من هون.
وبلهجة مُصرّة قلت:
- معلهش! اسمح لي..بلاش اتأخر عالشغل.
وعندما كنت أخلو إلى نفسي وأستغرق في القراءة،كنت أقول بيني وبين نفسي: والله يا ابن عمي هناك أشياءغير السّكر في هذا العالم،حتى لو خالفت بعض الأفكار فإنها تستفزّك لترفع منتشياً أفكارك الخاصة في وجه الآخرين عوضاً عن رفع الكأس،ثم أضحك وأذهب لإعداد القهوة فهذا شغف مشترك بيني وبين ابن عمي ،أو أنّها أحد مقررات حياة العزوبية.
نزار حسين راشد
وقعت عيناي على حذائيه اللامعين وهو يخطو إلى خارج البار،ورفعت رأسي لتصطدم نظراتي بوجهه،
كان الدم يصرخ في وجنتيه من شدّة الاحمرار،وتساءلت بيني وبين نفسي نظراً لقلة خبرتي بالموضوع هل هي الخمر التي تعصف بالدماء هكذا أم أنه جو البار المحتقن،وبالرغم من سهومه وشرود نظراته إلا أنه سرعان ما عثر علي وصاح بأعلى صوته:
- ابن عمي..وين...والله لتيجي معي..زمان ما قعدنا ودردشنا...
وإذن فصحيح ما يقولون من أن الخمر تعزز الانفعالات فتجعل الشخص إما أكثر ودّية وإما أكثر عدائية ولكن في كل الأحوال أكثر عاطفية !وصدق الباحثون.
المهم أن ابن عمي الافتراضي وهو قرابة بعيدة بالمناسبة أمسك بيدي كي لا يترك لي فرصة للإفلات وعرّج على دكان متلألاة بالأضواء واشترى كيلو مكسرات وعلّق معقّباً:
- نتسلّى قليلاً حتى تحلو القعدة.
أدار المفتاح ودخلنا إلى البيت،ضغط زر النور واتجه إلى غرفة النوم مستأذناً مني وداعياً إياي للجلوس في غرفة الجلوس الصغيرة،جلس على حافة السرير وبدأ بخلع نعليه ثم مد يده للجراب اليمين وما إن انزله إلى النصف حتى انقلب على السرير وذهب في النوم وعلا شخيره صادحاً.
قلت في نفسي ربما يصحو بعد قليل وعندها سأستاذن وأذهب،تناولت كيس المكسرات ودلفت إلى الغرفة المتبقبة في البيت ولشدة دهشتي اكتشفت انها غرفة مكتبة والكتب مرصوصة على الرفوف لم يمسّها سوء،وبدأت في تناولها وتقليبها وأخذتني الدهشة مرة أخرى حين تناولت كتاباً فوجئت بأنه" في ظلال القرآن" ومن باب الفضول بدأت في تقليب الصفحات وقراءة بعض السطور ووجدتني منجذباً بشدة للموضوع فاسترخيت على الكنبة وشرعت في القراءة حتى ذهبت في النوم دون أن أشعر!
استيقظت بعد الشروق على جلبة ابن عمي في المطبخ، فذهبت وألقيت عليه تحية الصباح،كان منهمكاً في إعداد القهوة وعلّق:
- القهوة تسبق الفطور! هل توافقني!
ثم مستدركاً بعد أن فطن أنه لم يرد التحية:
- صباح الخير! هل نمت جيداً؟
نبهني سؤاله إلى أن الكتاب لا يزال في يدي: رفعته قائلا:
- في الحقيقة لقد استغرقت في قراءة هذا الكتاب!
استدار قليلاً ملقياً نظرة خاطفة:
- خذه إلك! في الحقيقة لا حاجة لي به! مشاغلي كثيرة ولا أجد الوقت للقراءة.
تناولنا القهوة معاً واتجهت بعدها إلى المكتبة،جمعت باقي الأجزاء ووضعتها في كيس واستاذنت في المغادرة،ليقاطعني ابن عمي:
- لا وين! بدنا نوصي عفطور...المطعم قريب من هون.
وبلهجة مُصرّة قلت:
- معلهش! اسمح لي..بلاش اتأخر عالشغل.
وعندما كنت أخلو إلى نفسي وأستغرق في القراءة،كنت أقول بيني وبين نفسي: والله يا ابن عمي هناك أشياءغير السّكر في هذا العالم،حتى لو خالفت بعض الأفكار فإنها تستفزّك لترفع منتشياً أفكارك الخاصة في وجه الآخرين عوضاً عن رفع الكأس،ثم أضحك وأذهب لإعداد القهوة فهذا شغف مشترك بيني وبين ابن عمي ،أو أنّها أحد مقررات حياة العزوبية.
نزار حسين راشد