محمد أبو العزايم - على باب الحُسَينْ...

في الشارعِ المُكْتظِّ
بالعرَباتِ والماشينَ نحوَ السّاحةِ الغَرَّاءِ
مشتاقينَ للعطرِ المُعتَّقِ -مِنْ قرونٍ- في الضَّريحْ
جَلَسَ العجوزُ
يبيعُ -في ركنٍ- طواقِيَهُ التي يقتاتُ منها،
بينما كانتْ أناملُهُ تُداعبُ سِبْحةً خضراءَ،
إذْ سمِعَ العجوزُ كأنّما أحدٌ ينوحْ
بَصَّ العجوزُ أمامَهُ، ووراءَهُ..
بصَّ العجوزُ عن اليمينِ، عنِ الشِّمالِ،
وعندما لم يستَبِنْ أحدًا يلوحُ لِناظِرَيهِ
تَحَوّلَتْ لَفَتاتُهُ لِحديثِ روحْ !
لا بُدَّ قدْ كَذَبَتْكَ أُذْنُكَ أو عيونُكَ،
أنتَ في الزّمَنِ الذي فيهِ الجوارحُ
لا تقودُكَ لليَقينِ إذا ذَهَبْتَ،
وليسَ ترجِعُ باليقينِ إذا قَعَدْتَ وقدْ أذِنْتَ لها تَروحْ !
مِصرُ القديمَةُ (كلُّ ما أبْقى لنا الطّوفانُ حَيًّا)
بعدما هَرَبَ الجميعُ لِفُلكِ نوحْ
ما أكثرَ الباكينَ فيها عندَ بابِكَ يا "حُسَينُ"
وأكثرَ الجَرحَى،
وما استعْصى على أيدي الأُساةِ منَ الجروحْ
فَلَرُبَّما ذي نَهْنَهاتُ فقيرةٍ سَرَقَ الوُلاةُ رَغيفَها،
وغفا الرٌّواةُ عن القراءَةِ في دفاترِ دَمعِها،
ودُموعُها - لو يَشعُرونَ - سُلافَةُ الشِّعرِ الفَصيحْ
لَكَ - يا ابنَ بِنتِ المُصطفى-
جاءتْ تَبُثُّ شِكايَةَ الفُقَراءِ، هل أحدٌ
يُحِسُّ بِما يُحسُّ بهِ الذّبيحُ.. سِوى الذَّبيحْ ؟!
وَلَرُبّما الجُدْرانُ تبكي، أو زخارِفُها تنوحْ
في مسْجِدٍ سَلَبوهُ - لا يدري لماذا- مِنْبَرَهْ
أوْ رُبَّما ناحَتْ - على إحدى نوافِذِهِ القديمَةِ- قُبَّرَة
أسلافُها - مِن ألفِ عامٍ-
شَيَّدَتْ عُشًّا على " بابِ الفُتوحْ "
لَكِنَّهُمْ ..
ركِبوا السّفينَةَ - كُلُّهُمْ-
وهيَ التي
- مُختارَةً أن تستريحَ النَّفْسُ في كَنَفِ الحُسينْ-
أَبَتِ النُّزوحْ.

محمد أبوالعزايم
أغسطس 2019

فيما يخص الشعر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...