جبّار الكوّاز - البئرُ ظمآى، دلاؤها تبكي...

العراق/بابل
وحينما رأيتُها
منذ سنوات مضت
كانت خطاها حلما إستيقظت غاباتُه لتغني
أغانيَ الرماد
..لم تكن تمسك قمرَها وهو ينازعُها بأوراقها البيض.
لم توقدْ أفقَه بالاشارة.
وكان الزمانُ لابداً بين
خطاها
وهي تمشي على استحياء..
كانت قصائدُها تمشي معها
وهي تنبعُ مهمومةً
من أصابعِها.
وكان الدرب يبتسم
وهي في توجّسها توقد غيومَها بالخوف
وكانت سبابتُها تنقر صدرَها
في خفةٍ
فتنهال اوراقُها البيضُ بلا إذن منها
وهي تبتسمُ لها...
-أين مضى زمانُنا؟!
-في زمنٍ خاتلٍ خلف عينيك،
-لا تخفي آبتسامتي فكلما رأيتُكِ أطلَّ منها كونٌ قلقٌ.
وسراجٌ ينير ظلماتِنا بالوردِ
والعشبِ
والمطر.
-الاوراد تنحني لها كلّما مرّتْ أمامها،
هي في هدوئها
وأنا في عُجالتي
- أتعرفُنا البابُ؟!
- جيدا
ستؤشرُ لكم وتهمسُ كلّ حين
فلا تستغفلا لجلجةَ لقائهما
-انا خائفٌ من الانتظارِ
وانتِ خائفةٌ أكثرَ منّي.
-والعشبُ؟!
-العشبُ مازال متوجّسا من آخضرار كفّيها بعد أن يبسَ الفراتُ في ناقوطِها.
-والبئرُ؟!
-البئرُ ظمآنٌ
فلطالما سمعنا دلاءَه تبكي كلّ فجرٍ.
-وأنتِ؟!
-احلمُ بكَ وأزجّي حلمي بالصمتِ.
-بالصمتِ ؟!
-صمتُ جمالكِ يدفعُ صمتَ أحلامي في دفترِ
زوالي.
-كيف أواجهها بصمت كلماتٍ
تفتحُ فجرَ فرحي كلّ لقاءٍ؟!
كانت تخطو...
وسطَ زحام جمالِها وتنهّاتِ فراديسِها.
كنتُ واقفا في ركنٍ قصيّ
أعاتبُ نفسي على النسيانِ.
وهي تمشي وجلةً أمامي
على آستحياءٍ،
وحينها مرقتْ روحي خلفَها
وأنا أقودُ أغنامي الى خيمةِ الرعاع في أسفارِ (موسى).
لم تعدِ الابتسامةُ تكفي آحتمالَ صحوةِ جمالِها
وسموِّ صمتِها.
والأيامُ تسيرُ ببطءٍ خلفَها
كنتُ مذهولا أبحثُ عنها بين أصابعي،
كلما مرّت أمامي .
أحقاً إنّ أيامي منقوعةٌ بالانتظار؟!.
أهي من أولمتْ حروفي مظلةً لها؟!
- لا مظلةَ في المدينةِ الّا خطاها .
- وأنا؟
-أنتِ؟!
-أتراني أمشي خلفَها منذ سنواتٍ وهي لمّا تكنْ تمشي.
-ما كانتْ تُرى الا في مخيلتكَ،
-حين أسمع اغانيها ترقصُ نخلةُ بيتنا وتشيرُ لاهثةً بسعفِها لها.
-أين هي؟
-هنالك الا تراها؟!
-أمازلتَ تنتظرُها منذ سنواتٍ ؟!
-نعم..
-هي ما زالتْ تخطو نحو روحي فتقفزُ حدائقٌ وفراديسُ وغاباتٌ من خطى يائسةٍ من أفولِ جمالها.
-وقيلولتي؟
-إنتظرْ أوانَها
وأسرقني اليها.
- مفتاحُ بابِ قيلولتي سرقَه.الجنُّ منذ سنواتٍ.
-تعالَ...
تعالَ...
_هاهي قادمةٌ.
-اين هي لأ أراها؟
-في صومعةِ المكتبة الوطنيةِ تقرأُ شعرَها على ملائكة (عبقر)،
ما زالت تخطو بآستحياءٍ،
ما زالت بسمتُها تنبتُ مطرا وسلاما
فتعالَ..
معي اليها..
-لا تبقَ صامتا جامدا.
-سيسرقُها الغروبُ منكَ.
- لا انتظارَ لكَ معها
لا شمسَ ستغويكَ.
لا قمرَ سيسهرُ معكَ
ولا دموعُك تُدنيكَ منكَ
-سانتظرُها
انا الذي لم أرَها،
-ستأتيكَ على غيمةٍ
من نورٍ
ومطرٍ
وسلامٍ
-متى؟!
-قبل ان يرتدَّ طرفُك اليكَ.
في ليلةٍ مترعةٍ بسهرِها
ستقرعُ بابَك يوما
إفتحْها
وحينَها
لا ترى غيرَ قمرٍ وسماءٍ وأفقٍ غارق بالضباب والدخانِ.
-وهي...؟!
-في كلّ شيءٍ تكونُ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...