لو كان للحب لسانٌ وذاكرة لصرَّح بأعلى صوته ببراءته من أغلب الذين يُسمّون أنفسهم من خلاله .
ليس الحب هو أن تحب لتؤكد معرفتك له، إنما أن تؤكد مدى جهلك له، لتمضي في الطريق إليه.
العاشق! ألا ما أبعده عن الحب الذي يدّعيه، طالما أنه حصر رغبته في وجه واحد، في جسد يشتهيه، والحب ليس كذلك.
أن تحب هو تدع روحك متجاوزة لك بكونيتها، حينها يحق لك أن تتهجى الحرف الأول منه .
العلاقة مع الحب نظير العلاقة مع ما هو متسام ٍ لا يُطال. يجب ألّا يؤتى على ذكره إلا في حالات خاصة جداً. انظر كيف يجري تسخيفه من خلال هذا التذكير المستمر به هنا وهناك، وكيف يكون مردوده خلافه.
الطاغية أيضاً يحب، بل يُعتبَر لحظة التدقيق فيه – ربما- أكثر الناس تميّزاً به، ووضوحاً بالمقابل، بما أنه لا يدخر جهداً في تصفية كل ما يراه متجاوباً مع يستهويه في ذاته الطاغية.
إذا أردت حقيقة الحب كما هو معمول ومتداول فتعقّبْه في اللغة، وكيف جرى ضبطه المزعوم، وتعريفه المزعوم، وتصنيفه المزعوم، ومجرد الإشارة إلى ذلك يعني أنه مزيَّف، جرّاء هذا التأطير وهذا التوجيه ممن يعتبرون أي خروج عما خططوا له عصياناً.
إذا سألتني عن الحب، أقول في الحال: لقد أحببت كثيراً، أحببت نساء في أعمار مختلفة، في مراحل مختلفة. لكن ذلك لا يُعَد حباً، لأعتبرني مرجعاً له. لقد جاء الحب ذاك تبعاً لمواصفات لي، ولا أحتفظ بنموذج له عندي.
أخطاء الحب لا تُحسَب عليه، إنما يحاسَب من يدّعيه. هل يمكن تصديق الجزّار حين يعلن حبه لنعجة وهو يضغط بسكينه الحادة على رقبتها؟ ما أكثر، ما أكثر الذين يصرّحون على مدار الساعة بحبهم المفخّم لمن حولهم، وينتظرون أي فرصة للإيقاع بهم.
في اعتقادي، ليس هناك أي رجل، ودون استثناء، يمكنني تصديقه في حبه لزوجته، طالما أنه يقترن بها وعينه على الخارج، ونفسه في سواها.
لا يحتاج الحب إلى شهادة للتمييز بين المعتبر حقيقة وزيفاً فيه، فهذا الذي لم يخف جنونه حباً بفتاة ما، واستمات في الدفاع عنها، كان يبتغي وصالها، إذ ما أن تحولت إلى امرأة، زوجته، تنكَّر لكل ما كان يعرَف به .
الحب الوحيد الذي يمكنني النظر فيه، هو هذا الذي يشغلني دائماً مذ وعيت على نفسي، وفي كل ما أقوله وأنشغل به، وهو متعال عليه. وطالما أنه يعلو تفكيري، يكون له دفق داخلي.
ما يجري بين الناس، وعلى مدار التاريخ حباً، هو أكبر كذبة جرى تطويبها، وفي احتفالية غير مؤرَّخ لها، صادق عليها من يرونها السلطة العليا التي لا تقوَّض لهم، والتي تخولهم باحتواء بعضهم بعضاً، بتجريد النساء بالذات من كل خصوصية من خلاله، وقد جرى ربطه بما هو مقدس وموجه دينياً.
مات شهيد حبه. يا للمفارقة. منذ متى كان الحب ساحة معركة؟ ذلك جرْم كبير بحقه، جرم يُرتكب على مدار الساعة.
يخاطب الرجل المرأة وعينه على جسمها قائلاً: أحبك! أي جناية فظيعة تُرتكب هنا، إنه احتقان إيروسي ليس إلا.
تًسمى مدينتي " مدينة الحب "، حيث يُتغنى بها كثيراً كثيراً، وفيها من الأحقاد التي تنامت كثيراً في السنوات الأخيرة، والتي غيَّرت في تكوينها الاجتماعي كلياً. ورغم ذلك لا زالت التسمية قائمة، وهذه أكبر شهادة على وجود من يصرّون على أن الواقع هو ما يريدونه لا كما هو.
يتحدثون عن " العين المجردة " وحقيقتها الملموسة. حسنٌ. كيف يجري الحديث عن الحب ، في مجتمع كهذا الذي نعيشه، لم يمر يوم في تاريخه، إلا وفيه سفك دم، أو إزهاق روح، أو تهديد ما بين شخص وآخر، جماعة وأخرى، ومن متنفذ إلى غيره، وما نعيشه راهناً امتداد لسابقه. فهل اُستشيرت " العين المجردة " حقاً، لتدلي بشهادتها ، وإظهار حقيقة الحب المزعوم بيننا؟
نعم، أنا أحب إذاً أنا موجود. إنما أحب من، وكيف؟ ذلك هو السؤال!
ليت الحب كان على هيئة القومية فعلياً، أحياناً، مقارنة بما هو عليه. ففي القومية ثمة جماعة بشرية لها ثقلها العددي، وحضورها الاجتماعي والثقافي. لكن القومية ذاتها، هذه التي يطنبون فيها، وفي مجتمعاتنا خاصة، تمارَس فيها عصبيات لا أفظع منها: عشائرية، مذهبية، طائفية، فئوية، عائلية، ومن داخل العائلة يكون الأب" البطريرك، بأهوائه، وحبه لمن حوله كما يريد هو. أين هو الحب إذاً؟
هناك من يفلسف الحب.كمن يحيل الحنطة إلى طحين،بزعم أن الطحين هو الحقيقة. لكن الأصل في الحنطة، والحنطة محكومة بنوعها وتربتها وآفاتها، في الوقت الذي يعاني كثير من الفلاسفة من عسر الهضم، جرّاء الإيغال في تنظيرات يُزعَم أنها فلسفية، لهذا يصعب عليهم النوم، في الوقت الذي يعتبرونه نوعاً من التهجد " صلاة ليلية ".
في ضوء مجريات الأحداث في التاريخ، لو جرى التأريخ للحب، فأي نتيجة تتحصل هنا. الرعب. من المؤكد أن قراءة التاريخ، كما هو الجاري، لن تكون حيادية، وبذلك، يكون الحب أول ضحاياه، حين يجري تزييفه.
المتصوفة لديهم رصيد معتبَر في الحب. ولكن المتصوف في تعبيره عن الحب، يعاني من مشكلة الانتماء إلى الذات، في الهروب من هوية ممزقة، ليجد في ذاته ملاذه، وذاته بتشكلها القسري، أضعف من أن تمنحه قدرة الانطلاق إلى الوجود وحتى التوحد معه وخالقه. في الوقت الذي يجري تعظيمه وتفخيمه هنا وهناك. لا أدري كيف يكون الانسحاب من الوجود حباً بالطريقة هذه؟
ربما كان التجسيد الأعظم والأروع للحب متمثلاً في خاصية الأمومة: الأم تحنو على صغيرها، ترضعه، تضمه إليها. إنها تمنحه ما ينسيها أنها جسد حي، دون مقابل. لو أن توافر بعض من الحب الأمومي في الوجود، لكنا أكثر تميزاً بالأمان والأمن.
ليس هناك من هم أكثر من الذين يغنون عن الحب، إساءة إليه، وهو يفتنون من يقبلون إلى الحياة، ويرون فيهم قدوات لهم. إنهم في غالبهم، ليسوا كغيرهم في التفاعل مع الحب، بل ينسون كثيراً وهم يغنّون، أنهم يبثون " مشاعر صوتية " مفرقعاتها .
ما الذي يجعل الحب رخيصاً ومبتذلاً؟ جرّاء كثرة التذكير به، أو تهجئته. الحب في جوهره لا يًلفَظ، إنما يمكن التعرف إليه قيمة ومقداراً، وحقيقة هيئة، في العلاقة القائمة ونتيجتها، على مختلف الصعد.
الكثير من مشاهد الحب القائمة وبعنفها بين الناس، الرجل والمرأة خاصة، تذكّر بالطريقة التي يقبل فيها الضبع على نهش طرديته، أي وهو يمارس فيها تمزيقاً. إنها بدورها طريقة من طرائق الحب. ويا لها من كارثية !
الحيوان يفتقد الحب. إنه محكوم بعلاقات طبيعية يخضع لها تبعاً لنوعه، بناء على اعتبارات محفوظة ومتوارثة. لو أن بني البشر، بني جلدتي هؤلاء، راقبوا، لبعض الوقت، بعضاً من هذه العلاقات الحيوانية التي تتردد مفردة الحب في نطاقها، لتحرروا كثيراً من همجيات سلوكياتهم التاريخية، وأصبحوا أكثر أهلية لأن يجعلوا الحياة جديرة بأن تعاش حقاً.
فكرة الجنة، وبمفهومها الإسلامي، تحديداً، تقوم على مفارقة غير موثقة، مفارقة مطلة على هاوية، وهي في كيفية تفعيل أثر الحب في الحياة، ولكنه الحب الذي جرى رسمه كما يريد متفقهوه ممن يتباهون بذكورتهم، وهذا يزيد مفهوم الحب تعقيداً مع الزمن إلى درجة استحالة التحقق .
ليس الحب هو أن تحب لتؤكد معرفتك له، إنما أن تؤكد مدى جهلك له، لتمضي في الطريق إليه.
العاشق! ألا ما أبعده عن الحب الذي يدّعيه، طالما أنه حصر رغبته في وجه واحد، في جسد يشتهيه، والحب ليس كذلك.
أن تحب هو تدع روحك متجاوزة لك بكونيتها، حينها يحق لك أن تتهجى الحرف الأول منه .
العلاقة مع الحب نظير العلاقة مع ما هو متسام ٍ لا يُطال. يجب ألّا يؤتى على ذكره إلا في حالات خاصة جداً. انظر كيف يجري تسخيفه من خلال هذا التذكير المستمر به هنا وهناك، وكيف يكون مردوده خلافه.
الطاغية أيضاً يحب، بل يُعتبَر لحظة التدقيق فيه – ربما- أكثر الناس تميّزاً به، ووضوحاً بالمقابل، بما أنه لا يدخر جهداً في تصفية كل ما يراه متجاوباً مع يستهويه في ذاته الطاغية.
إذا أردت حقيقة الحب كما هو معمول ومتداول فتعقّبْه في اللغة، وكيف جرى ضبطه المزعوم، وتعريفه المزعوم، وتصنيفه المزعوم، ومجرد الإشارة إلى ذلك يعني أنه مزيَّف، جرّاء هذا التأطير وهذا التوجيه ممن يعتبرون أي خروج عما خططوا له عصياناً.
إذا سألتني عن الحب، أقول في الحال: لقد أحببت كثيراً، أحببت نساء في أعمار مختلفة، في مراحل مختلفة. لكن ذلك لا يُعَد حباً، لأعتبرني مرجعاً له. لقد جاء الحب ذاك تبعاً لمواصفات لي، ولا أحتفظ بنموذج له عندي.
أخطاء الحب لا تُحسَب عليه، إنما يحاسَب من يدّعيه. هل يمكن تصديق الجزّار حين يعلن حبه لنعجة وهو يضغط بسكينه الحادة على رقبتها؟ ما أكثر، ما أكثر الذين يصرّحون على مدار الساعة بحبهم المفخّم لمن حولهم، وينتظرون أي فرصة للإيقاع بهم.
في اعتقادي، ليس هناك أي رجل، ودون استثناء، يمكنني تصديقه في حبه لزوجته، طالما أنه يقترن بها وعينه على الخارج، ونفسه في سواها.
لا يحتاج الحب إلى شهادة للتمييز بين المعتبر حقيقة وزيفاً فيه، فهذا الذي لم يخف جنونه حباً بفتاة ما، واستمات في الدفاع عنها، كان يبتغي وصالها، إذ ما أن تحولت إلى امرأة، زوجته، تنكَّر لكل ما كان يعرَف به .
الحب الوحيد الذي يمكنني النظر فيه، هو هذا الذي يشغلني دائماً مذ وعيت على نفسي، وفي كل ما أقوله وأنشغل به، وهو متعال عليه. وطالما أنه يعلو تفكيري، يكون له دفق داخلي.
ما يجري بين الناس، وعلى مدار التاريخ حباً، هو أكبر كذبة جرى تطويبها، وفي احتفالية غير مؤرَّخ لها، صادق عليها من يرونها السلطة العليا التي لا تقوَّض لهم، والتي تخولهم باحتواء بعضهم بعضاً، بتجريد النساء بالذات من كل خصوصية من خلاله، وقد جرى ربطه بما هو مقدس وموجه دينياً.
مات شهيد حبه. يا للمفارقة. منذ متى كان الحب ساحة معركة؟ ذلك جرْم كبير بحقه، جرم يُرتكب على مدار الساعة.
يخاطب الرجل المرأة وعينه على جسمها قائلاً: أحبك! أي جناية فظيعة تُرتكب هنا، إنه احتقان إيروسي ليس إلا.
تًسمى مدينتي " مدينة الحب "، حيث يُتغنى بها كثيراً كثيراً، وفيها من الأحقاد التي تنامت كثيراً في السنوات الأخيرة، والتي غيَّرت في تكوينها الاجتماعي كلياً. ورغم ذلك لا زالت التسمية قائمة، وهذه أكبر شهادة على وجود من يصرّون على أن الواقع هو ما يريدونه لا كما هو.
يتحدثون عن " العين المجردة " وحقيقتها الملموسة. حسنٌ. كيف يجري الحديث عن الحب ، في مجتمع كهذا الذي نعيشه، لم يمر يوم في تاريخه، إلا وفيه سفك دم، أو إزهاق روح، أو تهديد ما بين شخص وآخر، جماعة وأخرى، ومن متنفذ إلى غيره، وما نعيشه راهناً امتداد لسابقه. فهل اُستشيرت " العين المجردة " حقاً، لتدلي بشهادتها ، وإظهار حقيقة الحب المزعوم بيننا؟
نعم، أنا أحب إذاً أنا موجود. إنما أحب من، وكيف؟ ذلك هو السؤال!
ليت الحب كان على هيئة القومية فعلياً، أحياناً، مقارنة بما هو عليه. ففي القومية ثمة جماعة بشرية لها ثقلها العددي، وحضورها الاجتماعي والثقافي. لكن القومية ذاتها، هذه التي يطنبون فيها، وفي مجتمعاتنا خاصة، تمارَس فيها عصبيات لا أفظع منها: عشائرية، مذهبية، طائفية، فئوية، عائلية، ومن داخل العائلة يكون الأب" البطريرك، بأهوائه، وحبه لمن حوله كما يريد هو. أين هو الحب إذاً؟
هناك من يفلسف الحب.كمن يحيل الحنطة إلى طحين،بزعم أن الطحين هو الحقيقة. لكن الأصل في الحنطة، والحنطة محكومة بنوعها وتربتها وآفاتها، في الوقت الذي يعاني كثير من الفلاسفة من عسر الهضم، جرّاء الإيغال في تنظيرات يُزعَم أنها فلسفية، لهذا يصعب عليهم النوم، في الوقت الذي يعتبرونه نوعاً من التهجد " صلاة ليلية ".
في ضوء مجريات الأحداث في التاريخ، لو جرى التأريخ للحب، فأي نتيجة تتحصل هنا. الرعب. من المؤكد أن قراءة التاريخ، كما هو الجاري، لن تكون حيادية، وبذلك، يكون الحب أول ضحاياه، حين يجري تزييفه.
المتصوفة لديهم رصيد معتبَر في الحب. ولكن المتصوف في تعبيره عن الحب، يعاني من مشكلة الانتماء إلى الذات، في الهروب من هوية ممزقة، ليجد في ذاته ملاذه، وذاته بتشكلها القسري، أضعف من أن تمنحه قدرة الانطلاق إلى الوجود وحتى التوحد معه وخالقه. في الوقت الذي يجري تعظيمه وتفخيمه هنا وهناك. لا أدري كيف يكون الانسحاب من الوجود حباً بالطريقة هذه؟
ربما كان التجسيد الأعظم والأروع للحب متمثلاً في خاصية الأمومة: الأم تحنو على صغيرها، ترضعه، تضمه إليها. إنها تمنحه ما ينسيها أنها جسد حي، دون مقابل. لو أن توافر بعض من الحب الأمومي في الوجود، لكنا أكثر تميزاً بالأمان والأمن.
ليس هناك من هم أكثر من الذين يغنون عن الحب، إساءة إليه، وهو يفتنون من يقبلون إلى الحياة، ويرون فيهم قدوات لهم. إنهم في غالبهم، ليسوا كغيرهم في التفاعل مع الحب، بل ينسون كثيراً وهم يغنّون، أنهم يبثون " مشاعر صوتية " مفرقعاتها .
ما الذي يجعل الحب رخيصاً ومبتذلاً؟ جرّاء كثرة التذكير به، أو تهجئته. الحب في جوهره لا يًلفَظ، إنما يمكن التعرف إليه قيمة ومقداراً، وحقيقة هيئة، في العلاقة القائمة ونتيجتها، على مختلف الصعد.
الكثير من مشاهد الحب القائمة وبعنفها بين الناس، الرجل والمرأة خاصة، تذكّر بالطريقة التي يقبل فيها الضبع على نهش طرديته، أي وهو يمارس فيها تمزيقاً. إنها بدورها طريقة من طرائق الحب. ويا لها من كارثية !
الحيوان يفتقد الحب. إنه محكوم بعلاقات طبيعية يخضع لها تبعاً لنوعه، بناء على اعتبارات محفوظة ومتوارثة. لو أن بني البشر، بني جلدتي هؤلاء، راقبوا، لبعض الوقت، بعضاً من هذه العلاقات الحيوانية التي تتردد مفردة الحب في نطاقها، لتحرروا كثيراً من همجيات سلوكياتهم التاريخية، وأصبحوا أكثر أهلية لأن يجعلوا الحياة جديرة بأن تعاش حقاً.
فكرة الجنة، وبمفهومها الإسلامي، تحديداً، تقوم على مفارقة غير موثقة، مفارقة مطلة على هاوية، وهي في كيفية تفعيل أثر الحب في الحياة، ولكنه الحب الذي جرى رسمه كما يريد متفقهوه ممن يتباهون بذكورتهم، وهذا يزيد مفهوم الحب تعقيداً مع الزمن إلى درجة استحالة التحقق .