قررت أن اتوجه إلى هناك، فذهبت، وفتح الباب، ودخلت وكلى خجل وخوف وتردد وأقدام وشجاعة. جلسنا ؟ بدأت ألهث كالمعتاد من ارتفاع السلم؟ ثم بدأ العرق يتصبب منى وكأنى بذلت مجهودا ضخما. دخلت الأم، وسلمنا، جلسنا صامتين؟ تبادلنا التحيات، الجو يخيم عليه السكون، والترقب، يقطع الصمت فيه بعض الكلمات الخائفة المنتظرة الخاوية.
وفجأة سألتها “أين هو” ؟
وكانت بداية البداية، فزاد العرق تصبيا؟ وازددت تحرجا، وانعقد لسانى. ضاعت أفكارى وبدأ عقلى يفكر فى الموجود بالحجرة، انا أعرق، إنها تلاحظ عرقى، وهذه الأخرى أيضا، لا … إنهم كلهم غارقون فى الاهتمام بالكلمات، وما تحتويه، أنا خجلان ماذا أقول، كيف أبدأ الكلام؟
ازدادت الأفكار فى عقلى، ومن فرط لهثى وراءها ازددت عرقا، ضاعت أفكارى، ها هو قد جاء؟ ليس هو، فليتوقف هذا التيار الجارف من الأفكار، فلأخرج إليهم بكلمات تملأ أعينهم، ولا أضيعهم فى شتات المواضيع حتى لا يرونى، حتى لايدركوا كم بى من تحرج ، حتى لا يصلوا إلى، حتى لا يبصرونى.
واستمر الكلام، وبدأت أكون سورا حولى، ولكنى كنت وأنا معهم بعيدا عنهم، أسمع كلاما بأذنى اليسرى. أفكر معهم بعقلى السطحى، وأستمع،”إلىٌِ” بأذنى الأخرى، وبعقلى الآخر. كيف أنا هكذا، أنا خجول ولكن ليس هكذا؟ إننى أعرق بغزارة، الجو شتاء، ومع هذا لا يريد هذا العرق أن يكف، كفاك يافتى، انتبه، آه فرصة، تجفيف العرق وإزالته من على وجهى ويدى هى الاخرى تزيدنى تحصنا، الكل ينظر إلى، أحسن أنهم كلهم ينتظروننى، بالرغم من أنهم يتناقشون فى أمور بعيده كل البعد عنا؟ ولكن، إنهم ليسوا معى؟ ما هذا؟ فى هذه اللحظات ضاع الزمن؟ لا أعرف كم مضى من الوقت، انتهت علاقتى بالواقع، أصبحت أنا وأفكارى، أريد أن أجتاز حاجز الخوف، أريد أن أخطو خطوة واحدة مرة فى حياتى، أريد أن تكتمل هذه الخطوة، لا أريد أن تعود أدراجها، ليس بى دافع لأن أتراجع، ولكن الخوف يملؤنى، إننى أزداد عرقا، وأحسن أننى لن أتحمل أكثر من هذا، إنهم لم يعودوا ينتظرون بعد، لقد انشغلوا بالكلمات، ولكن مازالوا ينتظرون، إذا كيف يعرفون؟ إنهم موافقون، وإلا لما انتظروا، لكن لا، قد يكونون يريدون شيئا آخر؟ لا أعرف، أحس أننى ضعيف، أحس أننى اما أن أكون أولا أكون، فالعدم أحسن، أحس أننى لن أكون إلا بهذا العمل، لا أقصد، ولكن لن أكون قبل أن أولد، قد تكون هذه ولادتى، لا…أنا موجود، وقائم و ..لا ..لكن استمراى، حياتى … آه! الدافع! هناك آخرون! أخريات! المال! أنا! إسمى! كيانى!! لابد أن أصير ، وكيف ! إن لالعرق يملؤنى، والآخرون ليسوا معى، إنها إجراءات هم يتخذونها و ينفذونها، ولوائح ، وعادات، وفرص، ودراسات، ومبادئ، ومجتمع، وأنا؟ أين أنا فى هذا الخضم الهائل؟ لا … لابد أن أصير.
فلأقتحم حاجز الخوف، ولأعبر الضعف، لأنفجر؛ لكن … فلأكن أكثر تؤده؛ أكثر تحكما؛ فلأتمكن من قواى العقلية، ولأجمع شتات أفكارى، ولأستغل قوتى، ولأنتهز الفرصة، الكل ساهون، لأنطلق وأصرخ وليكن مايكون: ” ياحاجة أنا أطلب القرب”.
لست متأكد أنى قلتها ولكنى متأكد أنهم سمعوها .
د. سيد حفظى
* مجلة الانسان والتطور
عدد ابريل 1981
وفجأة سألتها “أين هو” ؟
وكانت بداية البداية، فزاد العرق تصبيا؟ وازددت تحرجا، وانعقد لسانى. ضاعت أفكارى وبدأ عقلى يفكر فى الموجود بالحجرة، انا أعرق، إنها تلاحظ عرقى، وهذه الأخرى أيضا، لا … إنهم كلهم غارقون فى الاهتمام بالكلمات، وما تحتويه، أنا خجلان ماذا أقول، كيف أبدأ الكلام؟
ازدادت الأفكار فى عقلى، ومن فرط لهثى وراءها ازددت عرقا، ضاعت أفكارى، ها هو قد جاء؟ ليس هو، فليتوقف هذا التيار الجارف من الأفكار، فلأخرج إليهم بكلمات تملأ أعينهم، ولا أضيعهم فى شتات المواضيع حتى لا يرونى، حتى لايدركوا كم بى من تحرج ، حتى لا يصلوا إلى، حتى لا يبصرونى.
واستمر الكلام، وبدأت أكون سورا حولى، ولكنى كنت وأنا معهم بعيدا عنهم، أسمع كلاما بأذنى اليسرى. أفكر معهم بعقلى السطحى، وأستمع،”إلىٌِ” بأذنى الأخرى، وبعقلى الآخر. كيف أنا هكذا، أنا خجول ولكن ليس هكذا؟ إننى أعرق بغزارة، الجو شتاء، ومع هذا لا يريد هذا العرق أن يكف، كفاك يافتى، انتبه، آه فرصة، تجفيف العرق وإزالته من على وجهى ويدى هى الاخرى تزيدنى تحصنا، الكل ينظر إلى، أحسن أنهم كلهم ينتظروننى، بالرغم من أنهم يتناقشون فى أمور بعيده كل البعد عنا؟ ولكن، إنهم ليسوا معى؟ ما هذا؟ فى هذه اللحظات ضاع الزمن؟ لا أعرف كم مضى من الوقت، انتهت علاقتى بالواقع، أصبحت أنا وأفكارى، أريد أن أجتاز حاجز الخوف، أريد أن أخطو خطوة واحدة مرة فى حياتى، أريد أن تكتمل هذه الخطوة، لا أريد أن تعود أدراجها، ليس بى دافع لأن أتراجع، ولكن الخوف يملؤنى، إننى أزداد عرقا، وأحسن أننى لن أتحمل أكثر من هذا، إنهم لم يعودوا ينتظرون بعد، لقد انشغلوا بالكلمات، ولكن مازالوا ينتظرون، إذا كيف يعرفون؟ إنهم موافقون، وإلا لما انتظروا، لكن لا، قد يكونون يريدون شيئا آخر؟ لا أعرف، أحس أننى ضعيف، أحس أننى اما أن أكون أولا أكون، فالعدم أحسن، أحس أننى لن أكون إلا بهذا العمل، لا أقصد، ولكن لن أكون قبل أن أولد، قد تكون هذه ولادتى، لا…أنا موجود، وقائم و ..لا ..لكن استمراى، حياتى … آه! الدافع! هناك آخرون! أخريات! المال! أنا! إسمى! كيانى!! لابد أن أصير ، وكيف ! إن لالعرق يملؤنى، والآخرون ليسوا معى، إنها إجراءات هم يتخذونها و ينفذونها، ولوائح ، وعادات، وفرص، ودراسات، ومبادئ، ومجتمع، وأنا؟ أين أنا فى هذا الخضم الهائل؟ لا … لابد أن أصير.
فلأقتحم حاجز الخوف، ولأعبر الضعف، لأنفجر؛ لكن … فلأكن أكثر تؤده؛ أكثر تحكما؛ فلأتمكن من قواى العقلية، ولأجمع شتات أفكارى، ولأستغل قوتى، ولأنتهز الفرصة، الكل ساهون، لأنطلق وأصرخ وليكن مايكون: ” ياحاجة أنا أطلب القرب”.
لست متأكد أنى قلتها ولكنى متأكد أنهم سمعوها .
د. سيد حفظى
* مجلة الانسان والتطور
عدد ابريل 1981