الشتاء بأظافره -التي كمخالب الدببة الأسترالية- يكشط جثث البراغيث عن جلده الأسمر، ظنّها جلداً ميتاً، وقدّر أنه تحوّل بطريقةٍ ما إلى زاحفٍ قرر تبديل جلده في الموسم المناسب. الفانوس العتيق على كوة جدار غرفته الطينية رسم من الظل كائنات ناهضة على أحد الجدران العارية من الطلاء، كانوا يرقصون في الخارج...
اللغة -أي لغة- بحر واسع من المصطلحات والمعاني والدلالات القريبة والبعيدة. إن اختراع الإنسان للغة كان بدافع الحوجة للتعبير عن المدركات والمشعورات. وعلى هذا فإن قولنا بأن لغة أفضل من أخرى هو قول غير صحيح على الإطلاق؛ إذ أن كلّ لغة تولد معتمدة على احتياجات الناطقين بها في كل المجالات. وتطور اللغة...
الشتاء بأظافره -التي كمخالب الدببة الأسترالية- يكشط جثث البراغيث عن جلده الأسمر، ظنّها جلداً ميتاً، وقدّر أنه تحوّل بطريقةٍ ما إلى زاحفٍ قرر تبديل جلده في الموسم المناسب. الفانوس العتيق على كوة جدار غرفته الطينية رسم من الظل كائنات ناهضة على أحد الجدران العارية من الطلاء، كانوا يرقصون في الخارج...
إن أولى مناطات البحث حول الانتلجنسيا السودانية هي محاولة الإجابة عن الأسباب التي أدت إلى عدم انتشار الأدب السوداني كما هو الحال في بقية الآداب الأخرى. ولعل هذا الأمر هو واحد من المعوقات الأساسية في سبيل لقاء الأدب السوداني حظه من الانتشار والنقد والتداول إقليمياً وعالمياً، وإن استثنينا الأديب...
الحقيقة أنَّه لم يكن بمقدوره تجاوز محنته الصِّحيَّة إلا عبر ارتشاف عصارة أوراق البابايا، التي كانت «آبا» تُقطِّرها له من فمها، وصلواتها أمام حطب البروسوبس المحترق، ولم تزل صورتها محفورةً بعنايةً على كهف ذاكرته، مع بقايا وجوهٍ وتماثيلَ نصفيَّةٍ لرجالِ ونساء القرية، ودقَّات الطُّبول الأفريقيَّة،...
لانجي سليلة الكاكاو الطازج، ذات العشرين ربيعاً. رقيقةٌ وقاسيةٌ كالأحجار الطينيةِ المنثورةِ على سفوحِ جبلِ يايي
- 1 -
. ما زالت خطوط الاستواء مرسومة على جبينها الذي زخرفته لها أمها - المقعدة الآن - بخطوطِ اليارُومبا
- 2 -
، بإبرة التايونج
- 3 -
، مذ كان عمرها ستة أشهر. كانت في حقول المانجو، والبن...
كانت هذه الريح في ذاتٍ رمل حارق، تلهو بمناخٍ يعرفه البدو بأنه قاسٍ، وتسكنه الحمى الترابية، تألفه الأفاعي ذوات الدم البارد، وتعشقه اللافقاريات! كانت هذه الريح قاب رملين أو صفير من سرابٍ موغلٍ في القدم. حطّ على جناح طائرٍ خرافي أوسعَ الأساطيرَ ضرباً وطار في سماءٍ حمراء للأبد. دمه – الذي هو علامة...
قبل هذا اليوم بأسبوعٍ، كنتُ -في منزلي ليلًا- أُطارد آخر الحشرات الزَّاحفة، التي نجت من مسحوق الآفات القاتل. إنَّه الآن يومٌ باردٌ، والنَّاس يتساقطون في الشَّوارع المُغطاة بالثُّلوج، وآخرون يمشون بخطواتٍ حذرةٍ تجعلهم -مع منظر تلك الثُّلوج، وسُترات البرد الغليظة- يُشبهون البطاريق. حتَّى أزهار...