هيفاء بيطار

لم أستطع أن أثير فضول طفل التفاح، هكذا سميته وهو منطرح على الرصيف غارق في غيبوبة تحميه من وحشة الواقع، كان يحتل الزاوية نفسها من الرصيف العريض في أرقى شوارع اللاذقية وكأن المارة إعتادوا على منظره البائس ولا ينافسه في بؤسه إلا طبق التفاح الكبير الذي يحتوي على أكثر من عشرين تفاحة ذابلة ومتعفنة...
تدور صينية القهوة على المعزين، ينتظر دوره، عن يمينه صالون النسوة الباكيات، تساءل وهو يتناول فنجان قهوته: لماذا لا يبكي الرجال مثل النساء؟ وهل البكاء صفة من صفات النساء وحدهن؟ وتخيل الرجال يبكون بالطريقة ذاتها التي تبكي بها النساء، فضحك في سره، ورشف قهوته متذكراً أن عليه أن يزور بيتين آخرين...
لم تستوقفني فاطمة لأنها طفلة تتسول، فقد اعتدتُ رغماً عَنّي على منظر المتسولين الأطفال يداهمون المارة في الأزقة والشوارع، ليشعرونني كل مرة كم أن للحياة طعماً رديئاً..‏ لكن فاطمة التي لا يتجاوز عمرها عشر سنوات ـ كما قدّرت ـ شلّت تفكيري، واستقطبت أحاسيسي، وجعلتني أشعر كلما التقيتها، أو زارتني في...
"الكذب دين العبيد، والحقيقة هي إله الإنسان الحر". التقطت عيناه تلك العبارة التي كتبها في دفتر مذكراته منذ عشرين عاماً تقريباً! كان من عادته أن يكتب عبارات أثّرت به وأثارت إعجابه، ولم يعرف من كتب هذه الجملة الرائعة ومن أيّ كتاب اقتطعها، لكنه انتبه بعد أن تمغنطت عيناه بتلك الكلمات التي أحدثت...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى