تدرج الطبيعة بالإنسانية في مدارج الرقي والكمال، وتنهج بها مناهج السمو والتطور، فتحرص على النافع وتختار الأصلح، وتجدد دائماً! فتنقل الناس من حال إلى حال، ونخرج بهم من وضع إلى وضع، وما أداتها في هذا إلا الشخصيات العظيمة، والنفوس الكبيرة، والإرادات القوية الوثابة، التي تحمل في أطوائها عظمة الطبيعة...
لما وضع أرسطو مذهبه في النقد الأدبي، أقامه على المنطق والفكر، واعتبر العقل وحده كلَّ شيء في أدراك الحقيقة الفنَّية النافعة، يكشف ويوضح، ويقيس ويضبط، ويتلمس ويعلل، وينتهي من وراء ذلك كله إلى جملة من الضوابط والقوانين، يراها صالحة في كل زمان ومكان لقياس الفن، وتقدير الأدب، وفهم الجمال. فكأن النقد...
قرأت فيما قرأت للمرحوم الرافعي كلاماً يقول فيه: إن الذوق الأدبي في شيء إنما هو فهمه، وإن الحكم على شيء إنما هو أثر الذوق فيه، وإن النقد إنما هو الذوق والفهم جميعا!
وهذا الذي قاله الرافعي كلام يتهالك في أوله، بقدر ما يتماسك من آخره. نعم فقد أخطأ الرافعي إذ حسب أن الذوق الأدبي في شيء إنما هو...
روي إن ابن زيدون قام على جنازة بعض حرمه والناس يعزونه على اختلاف طبقاتهم فما سمع يجيب أحدا بما أجاب به غيره، قال الصلاح الصفدي: واقل ما كان في تلك الجنازة ألف رئيس ممن يتعين عليه ان يشكر له، فيحتاج في هذا المقام إلى ألف عبارة مضمونها الشكر.
وورد إن ابن نباتة الخطيب المصري أملى مجلدة معناها من...
روي إن ابن زيدون قام على جنازة بعض حرمه والناس يعزونه على اختلاف طبقاتهم فما سمع يجيب أحدا بما أجاب به غيره، قال الصلاح الصفدي: واقل ما كان في تلك الجنازة ألف رئيس ممن يتعين عليه ان يشكر له، فيحتاج في هذا المقام إلى ألف عبارة مضمونها الشكر.
وورد إن ابن نباتة الخطيب المصري أملى مجلدة معناها من...
... وإني لأعجب للجاحظ كيف اتسع وقته واتسع قلبه لكل هذا الضحك والإضحاك من الناس، فكأنه كان رقيباً يرقبهم في كل ناحية من نواحي نقصهم، ليعود من وراء ذلك بالنادرة الطيبة، ويفوز بالفكاهة الضاحكة، وينثني بالملحة البارعة، فهو يتسقط جهد طاقته - حيلة المتطفل، وحجة البخيل، ونحلة الأكول، وخفة الأبله،...
على بساط من رمل الصحراء الأحمر، وفي ثنية من ثنايا الجبل السامق نحو السماء، وفي جو رخاء يتموج في جوانبه نسيم العشية البليل، أخذ القوم مجلسهم كالعادة يسمرون ويتفكهون! انهم فتية شبوا في ظلال الخفض والرفاهية، لم يثقلهم من الدهر هم. ولم يشغلهم من الحياة شاغل، فكلهم في بيته سليل المجد، وربيب النعمة...
ولكن ليس كل هذا ما فقدناه من أحاديث الجاحظ وآثاره في المرح والدعابة فأن له كثيراً من الطرائف والملح التي ضاعت بين سمع الأرض وبصرها، وطوتها الأحداث بين أجواء العصور الخالية، فلم يبق منها إلا معالم كأنها معالم الطود قد استبد به الزمن ومحقته العواصف القاسية. وهانحن أولاء نكتب عن دعابة الجاحظ وليس...
ولقد رأيت في الناس من يحسب أن التنادر من الشيء الهين، الذي يستطيعه كل إنسان، ويقدر عليه كل شخص؛ وهذا حسبان خطأ، فان التنادر فن له ثقافة ودراية كسائر الفنون، ولا بد من حذقه من استعداد موهوب، وملكات فطرية، يتصل بعضها بالقلب، وبعضها بالعقل، وقد يناقض بعضها بعضاً، وقد لا تجتمع كلها لشخص واحد، ومن ثم...
كان أبو عثمان الجاحظ لوقته شيخ الأدب، وفخر العرب، جمع بين اللسان والقلم، وبين الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، إن تكلم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النظام في الجدل، وكان إلى جانب هذا كله ظريفاً مرح النفس، يحرص على النادرة ويحتفل بها، ولو كان فيها ما...