- قتلتها .. قتلتها .
عاريا يصيح " السماك " من فوق سور البلكونة, وسكين كبير في يده يقطر دما.
وقفت " بهتيم " على شعر رأسها , حين تردد الخبر.
- الزفر تزوج عزيزة.
وركضت على ألسنتها, إلى دكان " السماك" تسأل أم " محمد" زوجته القديمة صحة الخبر, وزحفت " بهتيم" على عيونها إلى ما وراء الشرفة والنوافذ...
- عندك مكان ؟
ما اعتقدت أبدا أن سيارتي يمكن أن تصطاد امرأة.
ذهلت ..
اصطدت أو اصطادتني امرأة .. تلبستني .. كادت تصيبني " بالهطل" أو الجنون , ليس لجمالها وإن كان جليلا , ولا أنوثتها وأن كانت طاغية , ولا فتنتها وإن كانت متفجرة .
" منقبة .. الآن وهنا "
بين كوبري " أبو العلا " ووكالة البلح , في بقعة...
- الحسيني غرق .
قال أخي ممدوح , كررها مرة ثانية ومضى .
تلقيت الخبر ببرود شديد , أشعلت سيجارة , أطلقت نفثة الدخان , وذهبت إلي دورة المياه , تخلصت من أوساخي , اغتسلت , وغيرت ملابسي , دون معاونة من أحد , فالجميع هرولوا إلي هناك .
هجرت عائلتنا بيوتها , الكبار والصغار , رجالا كانوا أو نساء , إلي الشط...
- الليل الليل هز يا ميمون .
- .......................
- أرقص يا ميمون .
- .....................
- تحرك يا ميمون , أقفز .
- ..........................
- نوم العازب يا ميمون , هيا .
- مولاي , عليك أن تعيد راسك , من حجر الخليفة أولا .
خاصمتك الدنيا , وفر ميمون يا مروان .
أطبق الصمت , وهجعت المدينة...
تقيأت زوجتي دما .
قال الطبيب : قرحة في المعدة .
قالت أخت زوجتي : لم تعتد بعد علي الأكل الطيب والكثير .
قالت زوجتي : ما عندي طاقة علي احتمال هذه الكمية من الدهون واللحوم والخضار والفاكهة .
قلت : لا تقرب الطعام إلا في الليل , أحس أنها تخشاه أو تكرهه .
قالت زوجتي : أحس أنه ليس لي .
قالت أخت زوجتي ...
حمل الحاج والي البندقية علي كتفه ووارب الباب, ثم أطل برأسه , ينظر الطريق و قتامة الليل , تسلل علي أطراف أصابعه, مضي في الحواري , والدنيا كحل , يتلصص حواليه , يرهف السمع إلي أنفاس وخلجات أهالي " بهتيم " , خلف جدران البيوت , يلقي قطعا من لحم حسن الحوفي , الذي مزق بدنه أشلاء , للكلاب التي تنبح في...
جارى الذي غاب سنة وراء سنة , عاد الليلة في سيارة " بيجو " فاخرة , فجاءت زوجته - التي كنت اقرأ لها خطاباته وأكتب له خطاباتها - تدق باب شقتنا , ترتدي الروب الأحمر- الذي طالما خلعته أمامي , في غرفة نومها , عندما أتسلل إليها - في أنصاف الليالي- تدعونا , نفض الحقائب والكراتين معهم, وكانت نظيفة ...
انحسر الضوء , وسقط الظل أمام القهوة , امتد إلى أرجل الدكة المتهالكة , التي يقعد فوقها المعلم" عوض" صاحب القهوة, التي ورثها عن أبيه المعلم" زهران", الذي مات على أثر تناوله " نص قرش" من الحشيش البني.
كان المعلم عوض يتأمل من مكانه ,الذي يطل على شارع الجامع الكبير:الكهارب والزينات والفراشين وهم...
عند جامع البكري , الذي يقع علي أطراف القرية , في الوقت بين المغرب والعشاء , كان الأولاد – الصبيان والبنات – يلعبون ألعاب الليل لا النهار , يثيرون التراب والغبار خلف أقدامهم , وهم يركضون هنا وهناك , يختبئون فرادي في الغيطان – وسط كثافة الظلمة ونقنقة الضفادع وهسيس المزارع – وخلف أسوار الدور...
صحت فاطمة من النوم مفزوعة , والدم الساخن يتدفق لزجا بين اكتناز وبضاضة فخذيها .
وكانت الحجرة معتمة .
بحذر انسلخت من بين الأخوة المبعثرين حولها , ورجت جسم أمها المفرطح رجا قويا , وقالت :
" أمه , أنت يا أمه , الله , ما تصح يا وليه " حينذاك كانت سيارة دفن الموتى, وسط طابور من السيارات , تدخل القرية...
جدتي لأبى فاطمة ماتت , وهى تلد عمى فهيم الذي يكبرني بأربعين عاما , فظل جدي لأبى شتاءين وصيفا , يجوب قريتنا " دمهوج " كل يوم , من شقشقة النهار إلى ما بعد آذان العشاء بساعات , من ترعة الخضراوية إلى مقام الشيخ درويش وجامع البسيوني وطاحونة أبو الحسين , وهو يحمل عمى فهيم في خرقه بالية على ذراعيه حينا...
لحظات وتغادر الفراش ..
دقـائق وتغادر البيت ..
الساعة الآن تجـاوزت التـاسعة ..
إلى أيـن ؟ ليس مهما ، مـع من ؟ ليس مهما .
" رشـا في حـاجة الآن إلى فنجـان قهـوة على الريحة أو كبـاية شـاي سـكر خفـيف "
غـرفة عـطنة ، شـرفة متربة ، سـتائر متربة ، وسـائد متربة ، سجـادة متربة ، مرآة وتسريحة متربة، منضدة...