هدى بوحمام

كثُرت صرخات الآهات والآلام والدموع والشكاوى. صرنا نعيش داخل فيلم سينمائي درامي حائز على جائزة نوبل للدّمار، فيلم طويل لا ينتهي أبدا، من إنتاج الظروف وإخراج "الوضعية" وتشخيص الإحباط واليأس والاستسلام والبكاء والتوهّم والسلبية واللامسؤولية والقرف! فيلم يستحوذ فيه دور الضحية على البُطولة المطلقة...
أنا اليوم ممتنّة، ممتنّة لكلّ تجارب الحياة التي كُتبت في كتابي، الصعبة منها والسهلة، الحنونة والقاسية، الفقيرة والغنية، المظلمة والمشرقة، الناجحة والفاشلة، الجارحة والحاضنة، الشاقة والمريحة. أبدي امتناني لها ولكل من أخذ دورا فيها وأنسب لهم ما أنا عليه اليوم. إذا أخذتكم معي وحاولنا تلخيص كائن...
يحدث الكثير في الأحياء الشعبية، فما بالك بحي في ضاحية شعبية من ضواحي أحد العواصم الأفريقية التي تفتقر الفواصل والأسقف. بقعة من التراب تحوي القليل من البيوت النصف مبنية والكثير من السُكان. الدكاكين فيها شاحبة الألوان، متعبة الدخل، وكثيرة اللغو. البيوت فيها عارية تُناشد بالستر، والجدران متبرجة...
لم أتوقع أنّني سأقف يوماً عند فكرة إرسال ابنتي إلى المدرسة لأنّها وحتى الآن، لم تكن أبدًا فكرة بل كانت دائما واجبًا أبويًا لا نقاش فيه. كبِرنا ونحن نرى الآباء يختارون أحسن المدارس لأبنائهم كي يتعلّموا فيها ويتباهون بتخرج أبنائهم من أرقى المدارس. قَضيت وقتًا كبيرًا من حياتي بين المدارس ولاأزال،...
أصبح للمرأة العاملة دور مهم في مجتمعنا الحالي لأنها برهنت على تميّز وكفاءة في العديد من المجالات -إن لم نقل كلّها-. ولكن، تزامن مع هذا الجانب المشرق من التطور الاجتماعي آراء وقناعات معاكسة حول زواج الرجل من فتاة عاملة. لا أعتبر هذا التصريح غريبا على الجنس الذكوري بصفة عامّة والشرقي بصفّة خاصة،...
أكتبُ هذه التدوينة إلى كلّ الناس الذين لم تبدّلهم الحياة ولم تفرقهم الطرق ولم تغيّرهم الظروف. أجدد السلام عليهم وأحيّيهم كما حيّاهم جبران من قبلي.. أخصّ بالذكر قاهري الحياة، بهمومها وجروحها ومشاقِّها وقسوة لدغاتها، الذين تحدّوا التغيير ، الذي لم يرغبوا به وقاوموه كي يُحافظوا على أنفسهم، الذين لم...
تكونت شخصياتنا ونحن نسمع عن حفظ الكرامة وعزة النفس وقيمة النفس. ولكنّها مصطلحات تظلّ متشابكة المعنى ونسبية المفهوم ومبهمة الغرض. من البديهي أننا كمخلوقات مكرّمة ومفضّلة، نحرص دائما على الحفاظ على أنفسنا والارتقاء بها لأن كل نفس غالية عند صاحبها. ولكن كيف يكون الحفاظ على النفس؟ أهناك معايير...
تكبر معنا أحلام منذ صغرنا، فمنّا من يريد الوصول إلى القمر ، ومنّا من يريد إيجاد علاج لمرض السرطان ، ومنّا من يريد السفر عبر العالم. أمّا أنا فكنت أحلم دائماً ببناء دار للأيتام -طبعا إلى جانب أحلام أخرى-. ليس لأنّني يتيمة، ولا لأنني لدي علاقة بأي يتيم كي أقول إنني تأثرت، لكنّني أذكر آية من كتاب...
كنت ألعب مع أطفال المنطقة عندما وصل الوفد المنتظر إلى قريتنا، بينهم رجال بقبعات شمس وسترات بيضاء عليها كتابات ملونة لم أستطع قراءتها، وبينهم نساء ترتدين نظارات شمس وتحملن زجاجات ماء معدني وحقائب ظهر ممتلئة. كانوا يبدون لطيفين، يبتسمون ويلوحون لنا بأيديهم، قبّلتني واحدة منهن على خدّي وداعبت وجهي...
يؤلمني داخلي كما يُؤلم الرضيع أمّه حينما لا تستطيع معرفة ما يؤلمه. يصرخ، يبكي ولا يقول شيئا، يُريد الدواء ولا يُعرّفها بدائه، تماما مثل روحي؛ تتألّم، تتخبّط ولا تشاركني تفاصيل ألمها. تُنشئ بيني وبينها مسافات، تُخفي عنّي أوضاعها، وأنا التي كنت أعتقد أننا صرنا أصدقاء، نفرح ونتحمّس معاً، ونشكوا...
نكبر وتكبر معنا المسؤوليات والأهداف والهموم، تبلعنا الحياة في بطنها وتمضغنا بين العقبة والأخرى. تشغلنا بتقلصاتها وينتهي بِنَا المطاف إلى الطحن بين الدراسة والشغل ودفع الفواتير والمتطلّبات الاجتماعية والمعاناة المادية والمرض والعديد من النقط المتتالية في قائمة طويلة لا تنتهي إلا مع انتهاء العمر...
كل منا يعيش في دوّامته الخاصة التي تشمل الناس والدين والتقاليد والعادات وأشياء أخرى عديدة تؤثر على شخصياتنا وأفكارنا وقراراتنا في الحياة، لكن مدى ارتباط كل منا بِدوامته يختلف من شخص إلى آخر؛ فمنا من يختار العيش تحت ظل دوامته التي وُجد فيها، ومنا من يختار العيش عكسها، ومنا من يصنع دوّامته بنفسه...
تحمل كلمة الطفولة معان كثيرة في ثناياها؛ يخطر في بالنا البراءة، والألعاب، والدمىٰ، والاهتمام، واللامبالاة والاستمتاع باللحظة. فالأطفال لا يفكّرون في متطلبات الحياة وهمومها المرهقة، لا يُبالون بما خلّفه الماضي أو بما يحمل المستقبل، فقط يستمتعون بحاضرهم، ينامون وهمّهم الوحيد ملاقاة ألعابهم في...
ليس مُقدّرا لك، ليس فيه خير لك، غيّري اتجاهك، وصلت إلى باب مسدود، لا تُضيّعي وقتك في المحاولات الفاشلة، إنه مجالٌ متعب لا يليق بك، الخير فيما اختاره اللهُ... كُلها عبارات مرّت على أذني عندما كنتُ أحاول تحقيق حلمي وأفشل. كلها عبارات سهلة ومتداولة بيننا لمُواساة أقربائنا وأصدقائنا والتخفيف عنهم...
استيقظت على أصوات الأجهزة الطبيّة وأضواء الغرفة البيضاء. كنت أشعر بثقل رأسي ولكنّ عيناي كانت تتجوّل في مكانها تفحصا للمكان الذي يحتويني. كنت أحاول استجماع ما تبقى لي من خلايا دماغي وربط الأحداث لفهم ماذا حدث. أين أنا؟ من شدة بياض الصورة حولي اعتقدتُ لوهلة أننّي وصلت إلى الجنّة، بحثت عن الملائكة...

هذا الملف

نصوص
32
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى