ثمّة أحزان تعلّمنا البعد الثالث للحياة …
وكيف نرحل ونحن على قيدها ..
ثمّة مواقف تجعلنا قدريين بمحض الصدفة، وتجبرنا على العيش المشروع وفق قانون الغاب وما يمليه علينا من صراعات في مزارع ومراتع الحياة …
ليس وحدهم الأشخاص الذين يرحلون عنّا، ويتركون إرثاً كبيرا من الهزائم في دواخلنا، نجابه بها ما...
قد تّحرّضك هذه الحياة على تسوّل الاهتمام ...
أن تنبش الجحيم مُجبراً على الاستمرار في مهزلة البقاء ...
تحت ضربات الألسنة و وسوسة الشياطين ..
و قد تفرض عليك أيضا قانون الغاب ، لتجرّدك من كل صفات الانسان فيك...
لِتُصبح ذئباُ بشريا دون أن تشعر.. أو تقاوِم جلاد الضمير بداخلك بين العمر و الآخر ...
لكن...
قد يكون أصعب انتقام يقدم عليه الشخص ، هو الانتقام من نفسه ...!
أن يقيم القصاص عليها ، يحاسبها ..و يؤنبها ...حد الاكتواء بنار الضمير ...!
ليس خوفا من تناسل الخطايا عليه ، و لا رأفة على عواقبها ...لكن لفرط الضعف و قلق العطاء..!
هكذا شعرت ..للوهلة الأولى من الضعف ، فقدت السيطرة..و شعرت أن ما تبقى...
إليك .. سأكتب رسالتي الأخيرة ، و أنا في كامل وعيي و سذاجة أفكاري ..
سأُدوّن تفاصيل ما حدث و ما لم يحدث بيننا.. بتجرّد !
سأتجرّد أيضا من أنانيتي و أعترف بأنك النصف الذي لم يكمِّلني بعد..
سأعترف أنّي ما زلت ناقصة بدونك .. مكتملة بالفقد..
و بأن علاقتنا لم تكن محض صدفة .. لكنّها دعوة جاءت بظهر...
لكل فعلٍ ردّة فعل ...
و لكلّ سوء تقدير ، ردّ اعتبار ..
من هنا تبدأ حكايتناً سوية ..؛ حين نُفتّش في حقائب خلافاتنا عن المخطئُ فينا و المُصيب منا ..
عن المظلوم و السجّان ..
عن خطايا رسائلي في صندوق الإعراب...و النوايا..
عن سبب اتّساع الفجوة الملعونة ..بيننا
فتُعانِدني .. و تنفضني كالغبار على كتفيك...
مذْ وُلِدت وأنا على موعِد مع لُقياك ..
أنتظرك .. أتوَهَّمك .. أُخالِف الأعراف ..
والله يشهد .. و العمر يشهد .. و الروح تشهد .. أنّك في قلبي وحدك ..من يستحق العِصيان ...!
لأجلك تنصّلت لبذرتي الأولى ..!
لأجلك ابتكرت مُدناً من الأحلام..!
و تنكّرت لأسلافي لتعيش عمراً في خلايا دمي .. عذباً كالحياة...
لا أستثنيك ..!
من الوجوه التي عرفتها و خذلتني..
من الأمواج التي صارعتها بعاطفتي، فصفعتني و رمت بي إلى القاع ..
من بين الميتات التي عِشتُها ممتلئة بالفضيلة ..
من بين الخطايا التي قصمت ظهر الأخلاق..
لا أستثنيك .. باسم الذي عِشناه و لم نعش...
و ما قُلناهُ و ما لم نَقُل..
و نحن في حالة الهذيان ،...