الحائطُ المقابلُ لا يتسع لكتابةِ كلمة "فشل"مرتين،
علينا شق المسافة بين الكلمتين
لربما يشع ضوء طفيف من جرح الجدار
وكامرأةٍ تجيد تخزين الأرز والدقيق وعلب الصلصة الفارغة في جيوب البيت الصغير
أستطيع أن أخزن المزيد من "الفشل" على حوائط الغرفة.
تقريبًا توقفت عن ملاحقة التواريخ،
وكلما تعثرت في تذكر كم...
أشياءٌ كثيرةٌ تليقُ بالسادسةِ صباحًا
كالتحدثِ إلى الله
أو الإنصات لأقدام الأطفال وهم ذاهبون للمدرسة
أو مراقبة العجين وهو يتكاثر بين يدي عاقر
أو وضع خططٍ لنخرقها ونبكي.
يارب أنا وحيدةٌ
أسكن في بناية مليئةٍ بالشعب
ولكني لا أعرف أحدًا
ولا يطرق بابي أحدٌ
ربما لسببٍ فيزيائي
هم يستيقظون في السادسة...
وحيدةٌ أسير
ووحيدةٌ ينفرط من قلبي الطريق
خطوةً
خطوة
وبدمٍ ساخنٍ على الأرصفة
أستطيع كتابة النهاية
أذرف دموعي في أحواض الغسيل
مخافة أن تراها ابنتي في أطباق المكرونة
دموعي مالحة
حتمًا ستؤذي كبدها الصغير
إذا ما ابتلعتها
وحوضي كبير
يتسع للطريق
وللوحدة
ولأفكار امرأةٍ بلا حيلة عن الحيلة
وعن الدوائر...
أشياءٌ كثيرةٌ تليقُ بالسادسةِ صباحًا
كالتحدثِ إلى الله
أو الإنصات لأقدام الأطفال وهم ذاهبون للمدرسة
أو مراقبة العجين وهو يتكاثر بين يدي عاقر
أو وضع خططٍ لنخرقها ونبكي.
يارب أنا وحيدةٌ
أسكن في بناية مليئةٍ بالشعب
ولكني لا أعرف أحدًا
ولا يطرق بابي أحدٌ
ربما لسببٍ فيزيائي
هم يستيقظون في السادسة...
المشاعر ليس لها صلاحية
الحكايات بلا وطن
القلب بلا دين
تراني في شارع حديقة النباتات في باريس
أراك في شارع النبي دانيال في الاسكندرية
تقول لي كل شيءٍ عن الحرب في سوريا
أحكي لك عن الصقر الذي خيم فوق نافذة المطبخ
وعن وحي الشعر الذي يهطل في الصحاري القاحلة
وعن ميكانيكا الجسد الذي يُحور أعضاؤه مع كل...
ورغم ذلك
أنت مدينٌ للوحدة
حتى وهي تخرط جسدك
وتوزعه على كراسي البيت
لتهيئ طقسًا ما
طقسًا يشبه استقبال الضيوف لعشاء خفيف
يشبه روتينية الأعياد الثقيلة
يشبه حفلات الزفاف الموسمية
ورغم ذلك أنت مدينٌ للوحدة
حتى وأنت تربي الأعلام على يديك
فتكبر كثيرا ويضيق الوطن أكثر
حتى وهي تكشف رأسك للمارة الوحيدين...
على الأمهات أن يمتن
بعد أن ينجزن واجباتهن المنزلية
بعد أن يفتحن النوافذ
ويهتكن أعشاش العنكبوت
بعد أن يرتبن أدراج الثلاجة
أخضرٌ بجانب أخضر
ويابسٌ فوق يابس.
على الأمهات أن ينهضن قبل الموت بدقائق
ليتخلصن من كسرات الخبز العفن
وبقايا الزيت في المقلاة
وآثار الدموع على الوسائد
عليهن أيضاً أن يستبدلن...
التراب مُكومٌ تحت السجادة
القذائف مغطاةٌ بورق الحائط
العفن في الأطباق تعلوه مناشفَ بيضاء
الرتق في الجورب يخفيه الحذاء
والثقب في الحذاء يستره الطريق
التعاسة وراء الصورة العائلية
والحب أمام فلاش الكاميرا
كل شئٍ في مكانه الصحيح
شهادةٌ جامعية بمرتبة الشرف في غرفة عاطلٍ عن العمل
حفلُ زفافٍ بطلاه...
إلى تغريد عبد الجواد
1
لا أدري أيَّ شيءٍ دفعني للكتابةِ إليكِ
ربما الخوف
ربما التعثرُ في فتحِ حديثٍ مع ربة منزل
كلَّما رأتني لعَنَتْ خوفي
واستمرت في بصقِ النصح.
2
ربما كتمثالٍ عاطلٍ عن العمل
لا أحدَ يعزِّزُ وجودَه غير مناقيرِ الطير
وربما كخاسرٍ يحاولُ أن يلملمَ أوراقَه
ليعيدَ ترتيبَ صفوفِه...
التراب مُكومٌ تحت السجادة
القذائف مغطاةٌ بورق الحائط
العفن في الأطباق تعلوه مناشفَ بيضاء
الرتق في الجورب يخفيه الحذاء
والثقب في الحذاء يستره الطريق
التعاسة وراء الصورة العائلية
والحب أمام فلاش الكاميرا
كل شئٍ في مكانه الصحيح
شهادةٌ جامعية بمرتبة الشرف في غرفة عاطلٍ عن العمل
حفلُ زفافٍ بطلاه...
كن بخيرٍ أيها العجوز
منذ تركناك وحيدًا
تشاهد بانوراما الدلتا
وتقتل باعوضتين بكفٍ واحدةٍ.
منذ تركناك تتجول بين أرغفة خبز الردة
ودماء الجبنة القديمة
منذ وجدناك بين ترددِ ماكينة الري ونقيق الضفادع .
كن بخيرٍ
ولا تلتفت لبطنك الواسع من أثر الاستسقاء
ولا لسحابة عينيك المعكرتين من خيوط البلهارسيا
كن...