/ إلى القاص سمير غالي
صاحوا
وصحنا
لكنَّ الصدى تكوَّرَ مثل لقيطٍ في مزبلة
كان اللهُ ينظرُ
مرةً هنا ومرةً هناك
ونحن نجفلُ
لحظة سقوطِ رائحةِ الموت
على خطى المكان
ــ يا أمي، لِمَ لا تنتهي هذي الحروب، أو ننتهي نحن، لِمَ أشعرُ كلما نفد عتادي ألقمني الله رصاصا كثيرا، وكلما استرحتُ ركلتني الفاجعة،...
ــ 1 ــ
كان عليكَ أن تصرخَ بوجهِ السماءِ
بكلّ ما أوتيتَ من ضياع
كان عليكَ أن لا تأمنَ لإخوتكَ
لحظة اندلاعِ الخوفِ في خيمةِ الغروب
كان عليكَ أن تموتَ قبل حلولِ موتكَ
وتردمَ البئرَ بكلّ ما حملتَ من تراب
بكلِّ ما بالروحِ من شجن
بالترقبِ
بانهمارِ سكاكين الصدفةِ، كما شعرتُ
على ارتعاشِ كُلّي
بانزوائي،...
الشوارعُ مصيدةٌ،
فمٌ مثل مقبرةٍ، لا تشبع
قذفتني اللحظةُ في رحمِ الليلِ، فشاخت كلّ خطواتيَ
ـــ تلك المدينةُ مسلخٌ كبيرٌ كبيرٌ وماخور ـــ
هناك، على ذلك الرصيفِ، كنتُ أخزّنُ الهواءَ في رئتي،
أصبُّ على كلّ الجهاتِ أسئلتي،
وما من جوابٍ، غير البصاقِ والركلاتِ وتمزيقِ الملابسِ، كنتُ أبكي، أبكي حدَّ...
عندما تكون وحيداً، كقبرٍ،
و لا يحيطكَ سوى الخواء
اتبع ما يمليه عليكَ الدمعُ
ودّعْ أشياءكَ،
واهمس في قلبِ آخر كتابٍ
كنتَ تمارسُ معه لغة البوحِ
قبِّلْ أبنتكَ الصغرى،
أخبرها إنَّكَ لستَ شجاعاً
كي تكملَ مشوارَ عذابكَ،
وإنّكَ لست نبياً
كي تُصبحَ آلامكَ بيتاً، تغرّدُ فيه عصافيرُ الجنة،
الدمعةُ ما عادت...
هو الآن يُغنّي وحيداً
كنورسٍ ضيّعَ اتجاهَ سربهِ
يتلفتُ، لا حصادَ سوى الآهات، تسّاقطت
من أشجار الترقبِ، نحو خديهِ
كإلهٍ من ورقٍ، كنتَ تعبثُ بالنيرانِ
لا أملاً يشقُّ جدارَ وحشتكَ
التي تنوءُ
فوق ظهرِ الصمتِ
هكذا كنتَ ممزقاً، كثوبِ متسوّل
أعرفكَ، تحبُّ الغناءَ بلا صوتٍ
وتعشقُ الرسمَ على طينِ ظلّكَ...
نجوتُ كثيراً
وضحكتُ أكثر
أو بتعبيرٍ أدقٍّ، أنَّني ضحكتُ حدَّ البكاءِ
من فرطِ انغماسِ ظلّي بالهواءِ
وانكسارِ وجهي في مرآةِ روحي
لا أحدَ يشبهني
لذلك كلما ضاقت بوجهي، تمسكتُ بالانزواء
ورميتُ من شرفةِ الأحلامِ جثة الضجيج
أنا الزجاجُ الذي شوَّهَ وجهَ الحجارةِ
الشاةُ التي سلخت جلدَ السكاكين
والصفعة...