أفتحُ رأسي
أرى الأفكار تتوضأ
الجنود ما زالوا في المواقع
يترصدون الموت الغائب
الطائرات الحربية
تقصف صوري المختبئة على الرصيف
أمي
تحمل كفني المزركش
تقف عند عتبة الباب
تقرأ آية الكرسي
فتتحول الكلمات إلى عصافير
تحمي قلبي من السقوط
أبي في القبر
في أول أيام العيد
بقميصه الجديد
وشعره...
احتمي بالأشجار
من الرصاصات الحادة
الخارجة من جسمي
من الأدعية الكثيرة الساقطة من السماء كالمطر
من القنابل المزروعة في داخلي أثناء الحروب
من الأوراق الميتة للأشجار النائمة
من قصاصات الورق الصغيرة
وهي تطير مع الرياح الصاخبة
احتمي بالأشجار
من أرواحٍ تعفنت كانت تعود لشعراء أحبهم
احتمي من العالم...
كن سعيداً باليقين الذي تملكه
بروحك وهي ترفض المطارق الكبيرة
منذ طفولتك
كن سعيداً بالنور الذي يأتيك وأنت في ظلام الآخرين
كن نفسك
كن حراً
وشجاعاً
وأنت تواجه العاصفة
حتى لو كسروا أجنحتك
كن الارض التي تحترق
ولا تتوقف عن الدوران
فائزة سلطان
هناك
ستضعُ رأسك المتعب من رحلتك القاسية
على كتفي
الثابت مثل جبال مدينتي
وستحكي لي عن عشقك المنفرد دوني
هناك في الوادي
وسأصغي لك مثل طفلةٍ تنتظرُ قصصاً مع الحلوى
سأفرشُ لك روحي العائدة مع نورسٍ نبيل
وسترتاحُ قليلاً من رحلتك وأنت تبحثُ عنيّ
وستغفو على راحة يديّ
هادئاً مثل قلبي
أنا البحر المتقلّب...
أختبىْ داخل شجرةٍ
أسمعُ هدير الأمواج المتلاطمة
البحرُ يختبئ معي
نهربُ من قاتلٍ واحد.
........
في كلّ غيمةٍ
هناك إمراة
انتظرها تحت المطر
قد تسقطُ على كفك.
...............
تحت جناح عصفورةٍ متمردةٍ
ولدتُ ذات مرة
أنا الأغنية في فمك.
...........
في قلبي
الأرضُ والسماء
لهما لونٌ واحدٌ
...
الليلة
قبل أن أنام
سأقرأ قصيدةً حيةً
لشاعرٍ راحل
وسأطفئ النجوم الثرثارة
سأغطي الليل العجوز
بمعطفه المثقوب
وسأوقظ النوم
ليقف حارساً
وسأبدأ بالعد
كم قصيدة
ستهرب من أنفاسي
لتهبط على كفك الحاني.
# فائزة سلطان
رجع الخريف إلينا خائباً
يحمل على كتفيه مهاجرين مبللين بالدموع
واوراقاً ملّونةً من أشجارٍ تتعرى بتزامن
الحدود التي تحوّلت إلى حفرٍ عميقة
نرمي فيها خيباتنا المتلاحقة
وجزءاً من ارواحنا المتصدئة
الأوطان تهرب معنا
تترك الحروب والأزهار الذابلة
تحت رأس أمي المريضة
وشعاراتٍ جوفاء
لم يبق منها سوى حبرٍ...
تهرب النجوم من اقفاصها
وتحتمي في صدري بين أسراري
تسقط الشهب على رأسي
وتحرق ما في قلبي من ألمٍ قديم
تبكي السماء وترسل الغيوم
لتنام عليها روحي وتهدأ
يتحول الدمع إلى فراشة
ولا تراها وهي تهبط على قلبك الغادر
اغني وكل كلمة لها أجنحة تتركني على الأرض قرب شجرة
# فائزة سلطان
خرجتْ من ضبابٍ كثيفٍ لفّ الأبنية العالية والأشجار الكبيرة حولها. حطت عصفورةٌ شرسةٌ راحت تنقر على رأسها الذي بات بيضة كبيرة ملساء، أو كرة غريبة بيضاء نبتت على كتفيها فجأة. سارعت العصفورة بالنقر وكأنها تبحث عن شيء داخلها، ومع كلّ نقرةٍ تصرخُ من الألم وتحاول إبعادها عن رأسها دون جدوى. ومع كلّ صرخةٍ...
لو كان رأسي مكعباً
لأنزويت في زاوية
أفكر بهذا العالم الصاخب
اضع الحلول على طائراتٍ ورقيةٍ
أصنعها بأفكاري
ثم اطلقها للريح
علّها تصل للمجانين
تلاحقني نساءٌ يشبهن الساحرات
يضعن اجسادهن المترهلة مثل قصائدهن
على طاولةٍ حمراء
من يشتري.... من يشتري الكلمات البائسة؟
أنها الحداثة! أنها الحرية! أنها...
لا احد يفهم لغتي
حتى النملة التي انقذتها من الموت
حتى قلبي المجنون الحكيم بالحب
حتى العصفورة العرجاء التي كانت تنتظر لقمتها من فمي
حتى الشمس التي لا تريد الغروب قبل أن اقبل أفقها الملّون
حتى الأرض التي اتمعن في ذرات ترابها قبل أن ادوس عليها بقدمي
حتى الشعر الذي يحرقني مع كل قصيدة
حتى الروح التي...
حقيبةٌ سوداءٌ صغيرةٌ ترتعشُ بين يديّ، اردتُ أن اجمع فيها خمسة وعشرون عاماً من حياتي، كانت غرفتي الباردة تنظرُ إليّ بشغف طفلٍ ينظرُ إلى عروس وأنا أحاول أن أدسّ في حقيبتي كلّ ما احتاجه في رحلتي إلى المجهول. الكتب الكثيرة على رفوفي القديمة كانت تتنهد كلما كنتُ أمسكُ بها أقلّبها وأحاولُ أن أختارها...
أنا قرارُ البحرِ
استقبلُ الهاربين من أوطانٍ فاسدةٍ
استقبلهم بلغاتهم المختلفة
وذعرهم المتشابه
أنا قرار البحر
ابني اوطاناً صغيرةً
بحجم كل جثةٍ استقبلها
وادفنها في قلبي.
# فائزة سلطان