الآن صرت وحيداً
وحيداً وطيباً كما كنت
نتذكرك بفخر نحن الذين عاشوا في زمنك
نحكي عنك للأحفاد
وكيف كان يمكن رؤيتك مباشرة
وأنت تجلس بكل تواضع ووقار
في حديقة الحيوان
كيف كنا نتابعك في مسلسل الكرتون
وفي لحظات مطاردتك
في الأدغال والمروج..
الآن صرت وحيداً أكثر من مجرد قرن
أكثر من كناية الاسم...
أخيراً كان علينا أن نختصر
كل هذه السنوات في ركنٍ صغير..
كان على الوقت أن يسدد نحوي طلقةَ الحياة..
كان على الدهشةِ أن تكون على الهواء مباشرة
أخيرا عرفنا أن المسافةَ نسبية جداً..
..أن الطاولة التي بيننا قد تعادل أن تكوني في آخر العالم
لكنا هزمنا الحنين وبخدشٍ واضحٍ في الوجه..
عرفتُ سر يديك ودمغتها...
الآن فقط صارت شجرة
الآن فقط صار لها بتلات وأوراق
وزيادة في الكلوروفيل
الآن تكوّنَ الجذع واللحاء..
وحطتْ العصافير على الأغصان..
الآن فقط صارَ الهواءُ يحركها
مثل شَعر غجري في رقصة
الآن تثمرُ ويتدربُ على رسمها الهواة
الآن هسيسها الحاني مع جوقة الرياح
يصعد ..يصعد
...
...
الآنَ وأنتِ تمرينَ بالقربْ
الفراشة التي دخلت من نافذة المطبخ
كانت تحوم لأيام في كل الغرف
ترتطم بالسقف كلما حلمت بالهواء
وتحك ألمها على ضوء خافت للأباجورة الأصلية
الفراشة التي نامت كثيرا
على صوت هسيس الأشجار في التلفزيون
وعلى حواف الأحلام في الأغنيات الشعبية
لم تعد تذكر لون السماء تماما
ولاتفرق بين الجدار والفضاء
لذا تتعرف...
أبحث عن بيتنا القديم عبر قوقل إيرث
صغير ويبدو مثل ندبة في خلية نحل
سيارة مركونة أظنها لأخي
عندما عاد من سفر طويل
ليخبرنا بشيء عن مفهوم الحنين ..
بيت جديد ومسجد
في الأرض المسورة التي كانت ملعب كرة قدم ..
المزرعة صارت سوبر ماركت كبير
لأن الطيور لم تعد على أشكالها تقع ..
الأسطح أكثر وضوحاً
حتى في...