(7)
هكذا قامت العلاقة بين المعلّم والمتعلّم، وبين التلاميذ والتلاميذ، حتى كانت (الحفلة) طقسًا معتادًا أن يؤديه بعضهم مصرفهم من المدرسة. وما الحفلة إلا أن تتكالب مجموعة منهم على واحد بائس ضعيف يصبّون على جسده فنونًا من العذاب توازي ما ذاقوه هم في المدرسة أو في البيت.
وكذلك كان شأن الزوج...
(6)
فكيف كانت الأسَر؟ لقد كان المعلّمون والآباء في العنف سواء. وإذ قد رأيتَ طرفًا من أخبار تنكيل المعلّمين بالتلاميذ؛ فهذا طرف من نبأ قهر الآباء للأبناء.
أتى رجل يسأل عن حال ابنه في الدراسة، ونادرٌ هذا جدًّا، فأنبأه المدير بأنه أحيانًا يغيب. نادى الرجل ابنه الطفل، لم يخاطبه بلسانه، ولم يكن معه...
(5)
والإنصاف يقتضي أيضًا أن يُذكر بالخير معلّمو مدرسة البادية جميعًا، المجتهدون والمقصّرون، وأن يُشهد لهم بالأخلاق الرفيعة والإنسانية. فلم يكن أحد منهم يدّخن مع التلاميذ أو يتبادل معهم السجائر، وأن يمازحهم مزاحًا سمِجًا باردًا كما يفعل بعضهم اليوم. وباستثناء معلّم واحد لم يكن منهم مَن يُجبر...
(4)
يختار المعلّمون الكسالى مدارس البادية لأنها بعيدة عن رقابة المسئولين، ولأن العربان كانوا لا يشتكون قط من تقصير المعلّمين أو من غيابهم عن العمل ابتداءً.
وبالبناء على ذلك يستطيع الرفحي أن يحكم على ثلاث دفعات تخرجّت في مدرسة البادية الإعدادية في أعوام 85 و86 و1987، والحكم يقضي بأن أحدًا منهم...
(3)
بعد انفصال (رفح) المصرية عن (رفح) الفلسطينية عام 1982 نُصبت سوف (السبت) في باحة سواء بين البادية والمدينة. كانت خمسة القروش ورقة أنيفة عزيزة يحتال الرفحي في حصول عليها وربما طمع في أكثر منها إذا اقتفى آثار العاملين في جمع اللوز، يبحث في الرمضاء عن حبيبات دفنتها الأقدام في الرمال، ويشرئب...
(2)
لا يخفى علينا نحن المصريين أن أهل القاهرة يرون أنفسهم طبقة ممتازة بين سائر المصريين. وأن أهل الصعيد ينظرون إلى أهل الدلتا نظرة غير جيدة، ويبادلهم أهل الريف النظرة نفسها. وقل مثل ذلك في أحياء القاهرة؛ فأحياء تحتقر أحياء. وكذلك محافظات الصعيد فيما بينها، ومحافظات الدلتا فيما بينها، ولا داعي...
وفي الصف الثالث الإعدادي، عام 1987 انتقل (الرفحي) من مدارس البادية إلى أكبر مدرسة في المدينة، مدينة رفح. كان التلاميذ في مدرستيه السابقتين كلهم (من عربه)، أما هنا فالتلاميذ من بيئات مختلفة. منهم أبناء البادية مثله، ومنهم أبناء الحضر، ومنهم أبناء المحافظات الأخرى الوافدين مع أسرهم للعمل والإقامة،...
أحب الحرافيش العاملين الكادحين المطحونين.. والآملين أيضا. أحب الحرافيش؛ فهم – كالشعراء – ملح الأرض! وأحب الحرفوش (شحاته) وأحب شعره.
وأحب في شحاته أيضا وعيه الجيد ونظرته النافذة إلى دور الشعر في الإمتاع الفني من ناحية، وفي بناء الإنسان والمجتمع من ناحية أخرى، وأحب فيه إيمانه بأن الشعر – كي يحيا –...
كتب إسماعيل؛
في هذا الوقت من السنة تبوح الأرض بالأسرار بعد طول كتمان، تلفظ مافي جوفها من سحر وجمال، تتملكها غريزة الرسم والألوان.
تبزغ الشمس كالعادة من صدر السهول ومن خلف أكتاف الربى الخضراء مع خيوطها البنفسجية لتصافح النوار الأصفر وما قدمه الربيع تشريفاً لفخامتها! كان كل شيء مختلفاً عما اعتدت...
دراسة فريدة لمنطقة ثقافية بكر، نهض بعبئها الثقيل الباحث المصري الجاد والشاعر - أيضا - الأستاذ (مسعود شومان) الذي أنفق ربع قرن من الجهد الدءوب حتى صدرت هذه الدراسة القيمة عام 2022 عن (الهيئة المصرية العامة للكتاب)، في 219 صفحة من القطع المتوسط، واشتملت على تصدير وإهداء وتقديم، ثم فصل أول عن الأطر...
لعل الحوار من أنسب الإجراءات الفنية التي تلائم الشعر،
من حيث إن كليهما يميل إلى "إجاعة اللفظ وإشباع المعنى"
كما يقول أسلافنا، أي: الإيجاز والتكثيف. ذلك أن الحوار
يحدد ويسوّر الوحدة القولية في بناء الخطاب الشعري.
والحوار – عمومًا – يمكن النظر إليه بوصفه نمطًا تواصليًّا
يقوم على تبادل وتعاقُب...
هذه قراءة في رواية (شمال شرق) نتتبع من خلالها طريقة تناول مؤلفها (عبد الله السلايمة) لقضية (الزمن) متمثلا في الاسترجاع أو الاسترداد الروائي الذي هو أحد تجليات اللعب الجمالي بالزمن.
مفتتح:
"الرواية تركيبة معقدة من الزمن"، و"كل رواية جيدة لها نمطها الزمني وقيم الزمن الخاصة بها، وتستمد أصالتها من...
في ثلاثة أجزاء هي (الفراشات - المكابدات - التحرر) جاء هذا العمل العظيم (التحديق في الشرر)، وهو السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور (أيمن تعيلب) أستاذ النقد الأدبي، والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة (السويس). وقد صدر عن دار (أروقة للأبحاث والترجمة والنشر) بالقاهرة عام 2021.
والسير الذاتية فن دخل الأدب...
الحديث عن قصيدة من كل جوانبها أمر شاق وعويص، وإنما يتيسّر الأمر شيئًا إذا تناولنا محورًا واحدًا من محاورها، وليكن المحور المختار هو (اللفظ) في إحدى قصائد الشاعر محمود حسين، وهو أحد شعراء بادية سينا المُجيدين.
غير أن اختيار محور اللفظ لا يضمن لي اليُسر أبدًا، وذلك أن اللفظ لا يأتي عبثًا، وإنما...
بداية أولى أقول إن قصيدة (إبراهيم فايد) تنتمي إلى الطور الجديد من شعر بادية سينا. وبداية ثانية أقرر أن تصنيف القديم والجديد ليس معيارًا للمفاضلة؛ فإن بعض شعرائنا الحاليين ينتجون على المذهب القديم قصائد جيدة، ذكرنا منها سابقًا قصيدة لفرج المزيني، ومجموعة قصائد لأبو سلمان الزير، وأبو نوره، وقصيدة...