عيناها خاليتان من النظرات ، شاخصتان الى المرأة القابعة في الزاوية محدقة في الفراغ، تحاول ان تجتذب نظراتها إليها فلا تفلح ؛ يتململ طفلها في حضنها البارد يعيدها إليه فتحاول إرضاعه ، لكن ثديها يمانع فلا يدرّ له الحليب ، تعاود البحث عن المرأة في الزاوية فلا تجدها اختفت فجأة ، تشرد بعينيها تبحث عنها...
تفتح سناء الباب؛ تطير كل فراشات الكون ، وتحلق في روحه دفعة واحدة .
تطرق بكعب حذائها على بلاط قصر والدها الذي يعتلي أكبر هضبة في كفر الصوان ، تتبعثر نبضات قلبه وتهرب منه لائذة بحركة شعرها القصير وهو يتقافز حول أذنيها مع كل خطوة تنقلها كطائر حجل وسمته الدهشة .
الوقت الذي تعود فيه إلى البيت هو...
أطير ببطء، أصيلٌ باردٌ و قصير، خلف بابه يقف الغروب، يتواطأ الزمن مع المسافة ضدي، أبحث عن مفترق ضيق، أدخله، سرعان ما تطويني المسافة، فأجد نفسي أبحث عن متسع جديد لاأعثر عليه، أسابق الظلام، لا أريد العودة إلى النافذة ذاتها التي أدور حولها منذ الصباح ،
خانتني قواي؛ أعبر الزقاق سريعاً ؛ يطالعني طيف...
ارتطمت مقدمة سيارتي بالمصباح الخلفي للسيارة التي تتقدمها. توقف الرتل الطويل كله
همستُ بغيظ :
-" اللعنة!
هل من الضروري أن تتحرك كل سيارات أفراد العائلة لمجرد الذهاب إلى حفلة عرس
كان يمكن أن نذهب بسيارتين فقط ."
ارتجت السيارة وارتج معها جسدي وارتدّ رأسي إلى الوراء بعنف ، قلت بحنق:
-" كادت رقبتي...
توقف عن لمسي، منذ تزوج وأحضر هذه المتعجرفة .
كم اشتقت لأن يمرر أصابعه على جسدي فتسري تلك القشعريرة اللاهبة في أوصالي و يجتاحني طوفان الارتعاش اللذيذ .
روائح العطر تفوح هذا المساء يرافقها أنغام موسيقا حالمة تنبعث من زاوية الغرفة ؛ إضاءة خافتة ويداه تعبثان بأزرار فستانها الأصفر ؛ مضى على زواجهما...
تووووووت
تصدر الأنسة مها صوتا مصفّراً كأته صوت قطار تمسك بخاصرتي وتدفعني أمامها وندور معا حول الطاولة؛ هذه لعبتي المفضلة، سأكون يوماً ما سائق قطار ، لكني الآن لا أرغب في اللعب، أشعر بالتعب ؛ أتوقف، فتقودني الأنسة مها وتجلسني خلف الطاولة وتضع أمامي أكواماً من ورق ملون؛ تتناول يدي وتضعها فوق مجسم...
خطواتي منتظمة باتجاه قاعة الاجتماعات في الفندق الذي أملكه، صوت حذائي على البلاط الفاخر لفت سمعي بصداه المميز . المصعد الحديث السريع يثب بي طابقاً تلو آخر ، وعند الطابق السادس عشر،أتوقف قليلاً خارج الباب، اتهيأ لأدخل بثقة وعنفوان الى القاعة حيث يجتمع رؤوساء أبرز الشركات المنافسة ، سيستمعون...
«طلبت منها- مازحاً- حين كنت رئيساً لفرع اتحاد الكتاب العرب في "دير الزور" أن تكف عن المشاركة في مسابقة الاتحاد لأن مشاركتها تعني حرمان بقية المشاركين من فرصة الفوز بالمركز الأول وذلك بعد حصولها عليه لعدة سنوات متتالية».
هذا ما قاله لنا الأستاذ "محمد رشيد رويلي" حين سألناه عن الأديبة "عبير...
قذفها الدور الطويل خارج القفص الحديدي الذي أعدّوه لتنظيم طابور الخبز ، غادرت الطابور مكرهة ، تبحث عن هاتفها الجوال الذي أحست بأنه سُلَ من جيب ثوبها وأثناء انسلاخها من معمعة الزحام ، تمزّق ثوبها بخرق طويل من الخصر الى الذيل ؛ توارت لتواري سوءة الثوب ؛ وتستر فخذيها العاريين . مشت مبتعدة عن الشارع...
ألقاني صاحب اليدين الفولاذيتين من أعلى درج ما ، انزلقت وتدحرجت الى أسفل الدرج ، غطت لزوجة دبقة ماتم هتكه من ستر جسدي، فقد مزقوا ملابسي وبقي قليل منها لايستر معظم أعضائي ، شعرت بأيد تنهضني وتحملني ثم تنزع عني عصابة عينيّ السوداء التي عصبوني بها عندما تلقفوني من بوابة كلّيتي وأحاطوا بي بصمت شرس...
لم أكن يوماً امرأة .. كنت دوماً سرداً لائذاً بنصه ..
سرد تختبئء فيه المعاني وتتزاحم الصور .. وتقيم الكلمات احتفالاً سرياليا لحضور الزنبق اللغوي في حديقة النص.. اللغة امرأة رطبة رقطاء الجلد تنزلق من خاصرتي تقف فوق جسدي البارد المستلقي على فراش الدهشة تضع قدمها على صدري وتطوّح بالقدم الأخرى فوق...
ولدنا متلاصقين. نتلاقى في الخاصرة وجزء من الظهر أكاد أقول أنه يحملني على ظهره او ربما أشكل امتدادا متطاولاً لمنتصف جسده .أجمع الأطباء أن حالتنا نادرة ،رغم أننا بقينا نحن الاثنان على قيد الحياة. طبياً في مثل حالتنا يموت أحد الطفلين ليعيش الآخر ، يمكن أن تجرى عملية لفصل المولود الأضعف ، كنت أنا...