عندما انتصف الليل، ارتمى علي على كرسي سيارة الأجرة متعباً… صوت أم كلثوم أضفى عليه هدوءاً أليفاً بعد يوم صاخب.
لم يكن معتاداً على الحديث مع السائقين… لكنّ وجود شريط أم كلثوم بصوت منخفض في السيارة جعله يشعر بوجود شيء مشترك بينه وبين السائق: الله.. ماأجمل صوت أم كلثوم… إنه ينقلنا إلى عالم صافٍ ...
عندما تتفاقم الأمور في الرأس الصغيرة وتزدحم الأفكار, تغدو الكتابة عما يجول في الخاطر فعلاً مستحيلاً . الزحمة - حتى في الرأس- عذاب يجعلنا نندم على الأيّام التي قضيناها خلف مقاعد الدرس، وبين تلال الكتب في المكتبات العامّة. ذلك النهم الشاسع نحو التعرّف إلى العالم عن قرب، أورثنا تلك الزّحمة...
لو كنت ضابطاً، ماكان ليستطيع أن يفعل مافعل. بل كان سيحاول التودّد إليّ، ومن المؤكد أنه سينحني لـ… - عفواً - من أجل أن يحصل على رضائي لأخفّف عنه عبء العمل، أو لأمنحه إجازة يزور فيها أسرته… بل ماكنت لأسمح له أن يسكن في الطابق الذي يعلو طابقي… لأنه جندي وأنا ضابط.
ولكنني لست ضابطاً، وهو ليس جندياً...