إذا طلب مني ذات يوم ان اقدم افضل التجارب في مجال القراءة التي مرت في حياتي ، ساختار بعض التجارب اعتبرها الاكثر عمقا ، واحدة من هذه التجارب هي قراءة الفلسفة الوجودية وبالأخص كتب جان بول سارتر ، ولأنني كنت اضع برنامجا ، فقد حاولت ان اتجول في دهاليز هذه الفلسفة فاذهب تارة الى كيركغارد ومرة اخرى...
يُعبَّر عادةً عن المعارف التي تصل إليها العلوم في قضايا، وتُقدَّم للإنسان في صورة نتائج صالحة للتطبيق، و«نظرية» أحد المفكرين هي ذلك الذي لم يقُله في ثنايا قوله، وهي ذلك الذي يتعرض له الإنسان بحيث يَهَب له نفسه في سخاء.
ومن أجل أن نجرِّب ذلك الذي لم يقله أحد المفكرين — أيًّا كان نوعه — ونتمكن من...
كتب هايدغر في "تجربة الفكر": "يظل الأقدم في كل ما هو قديم يلاحقنا، ولا بد أن يدركنا". تفيد هذه الملاحقة مفهوما معينا عن التاريخ لاينحل إلى مجرد حركة صيرورة تقدمية يتجاوز فيها اللاحق السابق، وإنما يغدو، على العكس من ذلك، حركة حاضر يمتد بعيدا نحو الماضي، ولا يكون تذكرا له فحسب، وإنما تنبؤا...
في سنة 1974 وجّه شابان شاعران إلى جان بوفري اثني عشر سؤالاً فيما يخصّ هايدغر. نُشرت الأجوبة في السّنة نفسها في العدد الخامس من مجلة «لي بيل ليتر»، قبل أن تُنشر منقّحة فيما بعد في كتاب خاصّ. وجان بوفري 1907-1982 فيلسوف فرنسي تميّز بعلاقته الوثيقة مع هايدغر، لعل أكثر دلالاتها شهرة الرّسالة التي...
"يبدو أن سوء الفهم الذي طال فلسفة هايدجر بعد مؤلف "الوجود والزمان" و"ما هي الميتافيزيقا؟" يتعلق بهذا Le Ne - Pas: أو "اللا" التي لا تشير إلى ما هو سلبي في الوجود بقدر ما تشير إلى الوجود كاختلاف، وإلى المسألة كسؤال. عندما حاول سارتر تحليل الاستفهام في بداية مؤلفه "الوجود والعدم" جعل منه مدخلا إلى...
على المنحدر الوعر لوادٍ كبير وعالٍ في جنوب الغابة السوداء توجد، على ارتفاع 1150 مترًا، دارةٌ صغيرة للتزلج على الثلج، مساحتها 6 x 7 أمتار مربعة. يؤوي السقف الوطيء ثلاث غرف: المطبخ الذي يصلح أيضًا قاعة جلوس رئيسية، ومخدع النوم، ومكتب العمل.
تتبعثر في العمق الضيق للجبل، وعلى المنحدر المقابل والوعر...
في العام 1955 ألقى الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر (1889-1976) في منطقة النورماندي الفرنسية (Cerisy-La-Salle) محاضرة شهيرة عنوانها "ما الفلسفة؟"، أعلن فيها أن الفلسفة ليست مستودعاً من المعارف النظرية، بل مسرى من التطلب الوجودي يستنهض الكائن الإنساني في أعماق وعيه حتى يستجيب لنداء الحقيقة، أي...
إننا لم نفكر بعد، بشكل حاسم، في ماهية الفعل(1). إننا لا نعرف الفعل إلا كإنتاج لمفعول تقدر حقيقته تبعا لما يقدمه من نفع، غير أن ماهية الفعل هي الإنجاز(2). الإنجاز معناه: بسط شيء ما في تمام ماهيته وبلوغ هذا التمام. لا يمكن أن ينجز بالضبط إلا ما هو موجود مسبقا. والحال أن ما يوجد قبل كل شيء هو...