عبد الجليل بدزي

عبد الجليل بدزي
أصله من تافيلالت قبيلة آيت الخضار المشهورة هناك، لكن ميلاده كان بمدينة مراكش، بحي القصبة الموحدية، وكان البيت الذي ولد فيه بين قصرين يمثلان حضارتين عظيمتين في تاريخ المغرب، قصر البديع السعدي، والقصر الملكي العلوي، وبذلك كان يشتم عبق التاريخ العظيم منذ تدرجه الأول في هذا العالم الدنيوي، وانغرس فيه حب الوطن، فكان محركه الأساسي للنهل من تراث الأجداد وكشف جوانب العظمة فيه، هذه العظمة الدالة على مجد وشموخ شعب أبِيٍّ رفض الخضوع والخنوع لكل دخيل ومحارب للإسلام ولهوية المغاربة.
رضع حب التراث من ثدي أمه، وذلك من خلال العديد من المرددات الشعبية التي كانت تجري على لسانها وهي تحادث جيرانها أو أخواتي الكبيرات، أو تردد أذكــارا زجلية لحَضَّارَات كــن يقِـمن ليالي المعــروف احتـفاء ببعض الأولياء والصالحين، وكان اتصاله الأول بأدب الملحون عن طريق والده رحمه الله الذي كان يحب هذا الفن بشكل كبير، وخاصة قصائد التراجم مثل "الحْرَارَزْ والخصامات" وغيرها، فكان يأتي بقصائد مسجلة من السوق أو من أحد أعلام هذا الفن من أصدقائه، مثل "الشيخ قزبور" رحمه الله خصوصا ويستمتع بالاستماع إليها، وعندما يخرج الأب للعمل، تستمر أمه في الاستمتاع بهذه القصائد والتعليق على أحداثها، مما كان يخترق سمعه ويثير إعجابه رغم أنه لم يكن يفهم ما يقال، لا من طرف المنشد، ولا من طرف أمه، وشيئا فشيئا، بدأ اتصاله بالملحون يزداد، وذلك عندما كان يطلب منه أبوه زوال يوم الجمعة أن يقرأ له شيئا من القرآن، ثم ينسخ له بعض النصوص من الكنانيش التي كان يأتي بها من بعض الأشياخ آنذاك والأصدقاء من محبي هذا الفن، فيعمل الطفل جاهدا على كتابة ذلك مرغما في البداية، لكن بعد ذلك، بدأ يشعر بنوع من الزهو وهو يطلب من الأب أن يمنحه فرصة لكتابة بعض النصوص خاصة أيام العطل، ويستفسر أباه عن بعض الأشياء مثل "معنى الحراز" وغير ذلك، ورغم أنه لم يكن يفهم شيئا مما يشرحه له أبوه، إلا أنه كان مزهوا بهذا الاستثناء وهذا الحب الذي كان يظهره له أبوه، مما جعله يتفانى في حب أدب الملحون والمواظبة على قراءة القرآن.
زيادة على هذا، فمنزل الحاج محمد المرابط أو(بَدَّازْ) كما كانوا يلقبونه في مراكش، كان قبلة لقراء القرآن مرة في الشهر، وفي ذكرى المولد النبوي الشريف، يستدعي الأب الطائفة العيساوية التي كان يعشقها من أجل إحياء ليلة بمنزله، أما عاشوراء، فلا تمر دون حضور فرقة الدقة المراكشية وإقامتها احتفالا بالبيت، كل هذا كان يترسب في ذاكرة وأعماق صاحبنا ويلون دواخله بلون الأصالة والتراث، حتى أصبح يعشق هذه الفنون الأدبية والصوفية لحد الجنون.
وتطل على المجتمع المغربي الأغنية الجماعية في شخص مجموعتي ناس الغيوان وجيل جيلالة، ويسجل الطفل هذا الحدث ويغرم به وهو في المرحلة الإعدادية، خاصة عندما بدأ أعضاء مجموعة جيل جيلالة تشتغل على فن الملحون وتأخذ من نصوصه، فأعجب بتجربتهم، وتجدد اتصاله بهذا الفن عن طريقهم، فبدأ يكتب النصوص التي يؤدونها ويحفظها، ومن ذلك "اللطفية/ والشمعة غيرهما"، وبقي على هذا الحال، يقارن بين "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة" في التعامل مع نصوص الملحون دون دراية واسعة، وبعد انخراط الأستاذ عبد الجليل بدزي في الدراسات الجامعية، والتحاقه بجامعة القاضي عياض كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تجدد حبه مرة أخرى لفن الملحون وتعلق به أيما تعلق، لكن هذا الاتصال الأخير كان أقوى وأعمق، حيث أخذ في جمع بعض النصوص من أفواه بعض الأشياخ والحفاظ، ليتصل فيما بعد بالمرحوم عبد الرحمن التركي "تلميذ لشياخ"، فيأخذ عنه العديد من النصوص التي أحبها كثيرا وعكف على قراءتها ثم دراستها، وكان نتيجة ذلك أن قدم بحثا في نهاية السلك الأول من الدراسات الجامعية تحت عنوان: "شعراء الزجل في بلاط المولى إسماعيل"، وقرر منذ بداية السنة الثانية من تعليمه الجامعي أن يكتب رسالته لنيل الإجازة في أحــد المواضيع المتعلقة بالملحـون، لكـن العائــق الذي كان يفكــر فيه آنــذاك ـ والبحث في هذا الجانب شحيح والأساتذة المختصين قلة ـ كان هذا العائق يتمثل في "مَنْ مِنَ الأساتذة يمكن أن يشرف على بحث في الملحون؟"، وبقي في حيرة من أمره مدة طويلة.
واتفق أن كان الأستاذ بدزي يبحث في بعض أعداد الملحق الثقافي لجريدة العلم عن إحدى القصص للكاتب أبو يوسف طه تحت عنوان "الرغيف"، فصادف مقالا للدكتور حسن جلاب ـ الذي كان آنذاك أستاذ الأدب المغربي بكلية الآداب جامعة القاضي عياض ـ يتحدث فيه عن الدقة المراكشية، يَـرُدُّ فيه يصحح ما جاء في كتاب القصيدة للدكتور عباس الجراري حول هذا الفن، فكاد يطير فرحا، واتصل بالدكتور حسن جلاب وخاطبه في الأمر، ووجد عنده رغبة مماثلة واستعدادا للإشراف على هذا البحث، وبقيت هناك مشكلة ثانية تتعلق بالتيمة التي يمكن أن تكون موضوع البحث، حيث كان محتارا آنذاك بين شيخين من شيوخ الملحون المراكشيين، ليس ببعد إقليمي ضيق، ولكن رغبة في إزاحة الغبار عن إرث هذه المدينة من هذا الأدب، وكان الشيخان اللذان وقع عليهما اختياره هما: الشيخ الجيلالي امتيرد، والشيخ المدني التركماني، وبعد تفكير عميق، ولأسباب خاصة ليس هنا مجال ذكرها، قر قراره في النهاية على أن يكون البحث حول الشيخ الجيلالي امتيرد، وكان البحث يصب حول تأكيد سبقه في بعض الأغراض التي لم يطرقها رجال الملحون قبله، وكذا تجديده في جانب الشكل وابتكاراته في هذا الصدد، وقد أفاد كثيرا من توجيهات أستاذه العلامة الدكتور حسن جلاب الذي كشف له بنظرته الثاقبة ومنهجه الرصين عن الكثير من الجوانب الخفية في هذا الفن.
ــ انخرط في جمعية هواة الملحون المراكشية منذ 1983.
ــ انخرط في جمعية الشيخ الجيلالي امتيرد وكان عضوا في لجنتها الثقافية منذ 1993/1994.
ــ أسس جمعية "جسور للثقافة والتنمية" بحي القصبة، وذلك من أجل الاهتمام بأدب الملحون سنة 2004.
ــ الكاتب العام السابق لجمعية سبعة رجال لفن الملحون والتراث المغربي.
ــ انخرط في العمل الجمعوي لجمعية الشيخ بوستة اصويطة برئاسة الشيخ أحمد بدناوي.
ــ عضو مؤسس لجمعية الشيخ دلال محمد الحسيكة لفن الملحون.
ــ عضو بجمعية شيخ دار الضمانة لفن الملحون بمراكش برئاسة الشيخ مولاي عبد الله خيبات.
ــ رئيس اللجنة الثقافية لجمعية "الورشان" لفن الملحون.
ــ كتب العديد من المقالات النقدية والقصص القصيرة على صفحات: جريدة العلم وجريدة معالم وجريدة بيان اليوم إضافة إلى جريدة الميثاق الوطني.
ــ وضع مقدمة لديوان الزجال ميلود العلوي: "انواعر لقوافي".
ــ وضع مقدمة لديوان الزجال عبد اللطيف البطل: "عاش مع هباش".
ــ وضع تقديما لديوان الزجال محمد المختار الإفغيري: "العين المعلقة"
ــ له قراءات موضوعية لمجموعة من الدواوين الزجلية أهمها: ديوان "اخيوط مخبلة فراسي" للزجالة فاطمة بصور، وديوان "كلها يقرا فلوحتو" للزجالة السعدية صلاح الدين.
ــ له مشروع يسعى من خلاله إلى إلقاء الضوء على أشياخ مدينة مراكش، التوثيق لهم وجمع دواوينهم وتحقيق قصائدهم، وقد بدأه بالشيخ المدني التركماني، ثم الشيخ عباس بن بوستة، والشيخ محمد بن الطاهر الشاوي، فالشيخ محمد بلكبير، والشيخ محمد بلفاطمي الركراكي، وكل هذه الدواوين ثم استخراجها ووضع مقدمات لها، لكن مع الأسف لم تر النور، ولازالت حبيسة الرفوف.
ــ كتب العديد من المقالات على صفحته الفيسبوكية حول قضايا تهم فن الملحون، حيث ألقى الضوء على العديد من الأشياخ وقصائدهم وقام بقراءتها بطريقة موضوعية بعيدا عن الشعوذات والخرافات.
ــ كتب العديد من قصائد الملحون أغلبها يدور حول التوسلات والأمداح النبوية.
ــ كتب أيضا في الزجل المعاصر عددا من القصائد ذات الطابع الاجتماعي.
ــ نقح جانبا مهما من قصائد الملحون وصححها وشرح كلماتها من أجل إيصالها للمتلقي بطريقة سليمة.
ــ شارك في كثير من الملتقيات والمهرجانات الخاصة بالملحون على المستوى الوطني، مراكش، مكناس، سلا، تارودانت، أزمور، سجلماسة.
ــ كانت له مشاركات وإسهامات في ملتقيات خاصة بالزجل المعاصر بكل من الدار البيضاء، المحمدية، مراكش، العرائش وغيرها.
ــ شارك في العديد من البرامج الإذاعية الخاصة مثل: إذاعة مراكش الجهوية، إذاعة راديو بلوس، إذاعة إم إف إم أطلس، إذاعة مكناس الجهوية وغيرها.
ــ مرجع في لغة الملحون وبحوره واقياساته.
ــ سعيه حثيث نحو تخليص البحث في القصيدة الملحونة من الأوهام، وإخضاعها لمنهج موضوعي سليم يجعلها تسهم في معركة التحدي التنموي لوطننا الحبيب، وذلك لما تتوفر عليه من قيم إنسانية تجعل المغاربة في مقدمة الشعوب المتحضرة الداعية إلى السلم والسلام.








1634676505556.png
أعلى