رشيد طالبي علوي

لِأَنَّ الكَمالَ يُذَكِّرُ بالموتِ، أَعْشَقُ في الخريفِ نُقصَانهُ وَالْغَضَبَ الكامِنَ فيهِ . هُوَ ابنُ الطَّبيعةِ المُشَاكِسُ ،العَاقُّ ،المحطِّمُ والمُشَكِّكُ في كلِّ حقيقةٍ، والعابثُ الَّذِي لا يَرْتَاحُ في حُضْنِ امرأةٍ مِثْلَ " الدُّونْ جْوانْ " . فالخريفُ لا يَعِدُ بشَيْءٍ كي يُخْلِفَهُ...

الساحة فارغة أمام البيت متربة . الدواب تنام الكلاب شريدة. وها المساء حزينا لا هدايا في يده . النجمة وحيدة تسبح لا تغني ، هي تراقب فحسب . الظلام يركض وحده ، لا يكلمني . ... في منتصف الليل تخرج الروح إلى الظلام ويبقى الجسد مصلوبا فوق السرير .

السفينة التي حملتني على موج الأيام رست على أول شاطئ غير أن الشاطئ مقفر .. كان يكفي أن تنادي قبرة باسمي حتى ينخلع القلب كان يكفي أن تداعب نسمة غصن شجرة حتى تخضر الروح كان يكفي ... .. الآن أطل من شرفة الطابق الثاني والليل في منتصفه وجدتني أمسك قبضة من الرمل حباته تنزلق من بين أصابعي حبة حبة ...