الآباء الغارقون بالعرق ذوو الكرش، الذين يعودون من العمل ظهرًا ومعهم بطيخة وجريدة.. يتوارى الصِّبْية ذعرًا في غرفهم لأن هذا هو وقت تنفيذ الأم لتهديدها المخيف (هاقول لأبوك أما ييجي).. لا بد أن يُشرف على ذبح البطيخة كأنه يؤدي طقوسًا كهنوتية ما، ويتأكد بنفسه من أن البائع لم يخدعه، يجلس ليلتهم الغداء...
أنت شخص وحيد.. وحيد بالمعنى الكامل للكلمة... لا أحد يستمع للأغاني التي تعشقها.. لا أحد قرأ ما قرأت أنت من كتب.. لا أحد يضحك على النكات التي تجدها أنت ظريفة.. لديك ذكريات لكنها كعملة أهل الكهف لا قيمة لها اليوم ولا أحد يريد سماعها برغم أنك تجدها ثمينة جدا.
أصدقاء الماضي رحلوا واحدًا تلو...
عندما جربت السفر للملكة العربية السعودية بعد التخرج – عام 1990 - تعثر تصريح السفر، وقيل لي إن علي أن آخذه من جهاز أمن الدولة. هناك كارثة ما.
المخبر الذي يجلس في مكتب الاستقبال كالح الوجه، يتعامل مع الناس بوقاحة مستفزة كفلاح جلف يعرف أنك عاجز عن أن تضره. يسخر من لقب كل شخص (أحمد حسنين ؟ هع هع ...
عندما دارت عينا هدى الزجاجيتان لتنظرا لي شعرت بأن ساقيّ ترتجفان، وأنني سأفقد وعيي بسهولة.
في العام 1986 كنت طبيب امتياز مذعورًا مرتبكًا يمارس عمله في مستشفى طنطا الجامعي، وكانت هناك مقولة إنجليزية قاسية يطلقها علينا الأطباء المقيمون متندرين: “طبيب الامتياز ظل أبيض يمشي في الظلام حاملاً أكياس...