في مصر أزمة ثقافية شديدة، يحسها في هذه الأيام كل قارئ وكل ذي فكر وبيان. . .
إن الكتاب الجيد لا يكاد يطبع منه الآن أكثر من بضعة آلاف نسخة، في بلد يقولون ن عدد القارئين الكاتبين فيد يزيد على خمسة ملايين، وإن عدد طلاب العلم في معاهده يبلغ نحو مليونين؛ بل إن هذه الآلاف القليلة التي تطبع من الكتاب...
(كل أدباء العربية على أن المتنبي نشأ نشأة السواد من أهل الكوفة، وأن حياة الكفاح شغلته وملأت تأريخه حتى لم يكن فيها من الفراغ ما يهيئ له أن يتذوق الحب فيترجم عن إحساس العاشق.
(ولكن صديقنا الأستاذ محمود محمد شاكر يرى رأياً غير ذلك؛ فيزعم أن المتنبي علوي منكور النسب، وأنه كانت له في بلاط سيف...
كانت خديجة في الخامسة والعشرين من عمرها، أو لعلها قد جاوزتها، وإن كانت تبدو لمن يراها أصغر من ذلك؛ فهي قد نالت شهادة (المعّلَمات) منذ سبع سنين؛ فكم كانت سنها يومئذ؟. . . على أن ذلك لم يكن يعنيها كثيراً، ولعلها لم تشغل نفسها يوماُ بحساب عمرها؛ وماذا يجدي عليها ذلك وإنها لسعيدة بحياتها التي تحيا؛...
في حارة (قصر الشوق) من حيّ الجمالية بالقاهرة، وإلى الشمال الغربي من مسجد (أبي عبد الله الحسين) حيث لا تزال القاهرة التي بناها المعز لدين الله قائمة في هذه القباب والمآذن، وتلك الدُّروب والمسارب، وهذه الدُّور الرحيبة المتقادمة التي تفضي إليها من باب إلى باب إلى أبواب. . .
. . . هناك، حيث...
لم يكن من طبيعتها الزهو والمباهاة، ولكنها تشعر الليلةَ بين لِداتها وصواحبها أنها قد بلغت مرتبةً من حقها أن تُزْهي بها وتفتخر؛ إنها خطيبة (سامي)، وهذا خاتم الخطبة في إصبعها يزهو ويتألَّق شعاعه؛ وأي صواحبها لم تعرف (سامي) أو تسمح به، وإنه من الشهرة وذيوع الصيت حديثُ كل فتىً ونجوى كل فتاة!
وراحت...
خلَتْ (هُدَى) إلى نفسها تتدبّر أمرها وتزن ماضيها وحاضرها؛ كانت تشعر أنها قادمة على أمر ذي بال، وأَنها الساعةَ في مرحلةٍ بين مرحلتين من حياتها، وثَمّةَ طريقان عليها أن تختار أيَّهما تسلك؛ فإما إلى سعادةِ تُنسيها الماضي بما فيه من لذة ونشوة وسحر، وإما. . .
ولكنها لا تعرف السعادةَ إلا ما كانت فيه...
الليلة عيد مولده!
أولئك أصحابه وصواحبه قد أحاطوا به فرحين مهللين، يضيء البشر في قسماتهم، وترف على شفاههم بسمات الفرح والمسرة؛ قد تنادوا إلى موعدهم ودعوه معهم إلى ناديهم، ليحتفلوا بعيد مولده!
وإنه لجالس بينهم ولكنه ليس منهم؛ إنه هنا ولكنه هناك!
. . . وفي يده زهرة يعبث بها. . . وضمها بين راحتيه...
كانت (راجية) تعلم أنها مفارقةٌ المدينة غداً، ما من ذلك بُدّ؛ لقد حاولتْ أن تنسأ الأجل إلى الرحيل فلم تظفر بطائل، وافتنَّت في الاحتجاج لرأيها ما افتَّنت فلم يستمع لها أحد؛ وأجمعت الأسرة أمرها على السفر إلى الريف لتكون بمنجاة من ويلات الحرب. . . حقاً؟ أيكون الريف أبعد من المدينة عن ويلات الحرب؟...
(بقية ما نشر في العدد الماضي)
قد قَّدمنا القولَ في صدر هذا البحث أنه لم يسبق ابنَ عبد ربه إلى التأليف في باب الأخبار والنوادر على هذا النحو إلا ثلاثةُ نفر: الجاحظ، وابن قتيبة، والمبرّد.
أما الجاحظ والمبرّد فقد كان لهما نهج في التأليف يخالف نهج العقد، على اتفاقهما ما في الموضوع والغرض؛ فكان...
بعد أسابيع قليلة، تظهر الطبعة الجديدة من كتاب (العقد الفريد) التي تنشرها المكتبة التجارية بالقاهرة، في ثمانية مجلدات؛ وقد حققها وضبطها وراجعها على مصادرها الأولى الأستاذ محمد سعيد العريان
(ونحن ننشر فيما يلي المقدمة الجامعة التي قدم بها هذه الطبعة للتعريف بالكتاب؛ إذ كان مما يهم كثيراً من قراء...
جلس (أحمد) على مقعد في جانب من غرفتي الخاصة وارتفق بذراعه على المنضد الصغير وراح يفكر. . .
إن بعض الصور التي تتناولها العين في نظرة عابرة قد يكون لها من التأثير في حياة بعض الناس مالا تؤثر الأحداث العظيمة التي تهز العالم. هذا أحمد، شتان ما هو الساعة وما كان منذ ساعات. لقد عاد لتوَّه من السيما...
صباحٌ ومساء، يقظةٌ ونوم، وأمنيةٌ بالنهار تتراءى حُلماً بالليل، وعجلةُ الزمن تدور فتطوي العمر وتختزل الحياة. . . هذه هي الدنيا. . .!
يا ويلتا!. . . وفي الناس من يعيش دنياه كما يدور الثور في الطاحون: يدور ويدور ولا يزال يدور؛ لا يدري أين ينتهي؛ ويمضي على وجهه في طريق طويلٍ لا يقف عند حد ولا ينتهي...
يا الله! وفي الدنيا هذا الجمال؟
فتاة، وما اعرف مثلها فيمن رأيت!
أتراها كانت تعرف أين هي من أحلام فتيان الحي؟
وكان لها من جاه أبيها جمالٌ إلى جمال، فاجتمعت لها أسباب الفتنة والإغراء. . .
ورآها صديقي فتبدل غير ما كان، وأنه لشاب وإنها لفتاة، ولكنها. . . ولكنه. . .
وجاءني ذات مساء وفي عينيه...
كنا في مجلسنا من شرفة النادي حين لمحنا صديقنا الأستاذ ع مفتش التعليم الأولي قادماً من بعيد، يتوكأ على عصاه وهو يميل يمنة ويسرة، ويطول في مشيته ويتقاصر؛ إذ كان في رجله عرج قديم من التواءٍ في إحدى قدميه؛ فلما بلغ حيث كنا جالسين، ألقى إلينا التحية ثم اتخذ له مقعداً على مقربة
ومضينا فيما كنا من...
على حدود الصحراء صوامع وبَيع، وكنائس وأديار؛ فيها قساوسة ورهبان نذروا أنفسهم لله أو نصبوا حبائلهم للمال؛ منهم برٌّ وفاجر، وناسك وداعر؛ وحواريٌّ من بقية السلف المؤمنين خاشع في محرابه، عاكفٌ على أسفاره، يترقب مَشرق الصبح بنفس راضية وقلب عامر؛ وآخرُ شيطانٌ في مسوح راهب، قد استمرأ المرعى في ظل...
* مهداه إلى الأستاذ توفيق الحكيم
(القرن الثالث الميلادي، في عصر الملك (دقيانوس) الوثني الطاغية، خرج من مدينة (طرسوس) في بلاد الروم، بضعة نفر من المسيحيين المؤمنين، فراراً إلى الله بدينهم من بطش الملك، ثم لم يظهروا ولم يعلم عنهم شيء. . . وكان منهم وزير الملك. . .!)
(أهل الكهف)
. . . ومضت...
مهداة إلى الأستاذ مصطفى صادق الرافعي
لم يرقها اليوم أن تجلس إلى المرآة جلستها الطويلة، فدلفت إلى النافذة تنوء بهم ثقيل على صدرها، واتكأت بمرفقها على حافة المقعد، ثم أزاحت السجف وجلست ترقب الطريق. وصك أذنيها غناء المغنيات في بيت جارتها كريهاً نابياً كأنما ينعى إليها الشباب. .!
لقد جاوزت...
نماذج من فن القصة القصيرة لكبار القصاصين الرواد
كم كان نجيب أفندي وفياً لزوجه براً بأسرته؛ إنه لم يكن يسمح لنفسه أن يقضي خارج البيت قليلاً من الوقت لغير عمل؛ فأيان تلتمسه لا تجده إلا في الديوان أو في البيت، وفي فترات قليلة كان يجلس إلى أصحابه في النادي يستمع إليهم ويستمعون إليه، ولكنه كان...
نماذج من فن القصة القصيرة لكبار القصاصين العرب الرواد
جلس إسماعيل على المعقد الخشبي بجانب غرفته على السطح، يغني في حنين الواجد ولهفة المشتقات بعض أغنيات بلاده، ويتابع بعينه الشمس الغاربة منحدرة انحدارها اليومي، كأنها جمرة كبيرة تطفأ في النيل.
كان يعيش وحده في هذه الغرفة من منزل كبير في حي...
- 1 -
جلس شوكت أفندي كاظم في حجرة الانتظار في مدرسة. . . يجيل طرفه في قطع الأثاث المبعثرة، وينقل النظر بين السقف والأرض والحيطان. لم يتغير شيء فيها عما رآه لآخر مرة منذ سنوات أربع؛ هذا النضد الصغير في زاوية الحجرة كأنه قطعة من أرض المكان فلم يتزحزح عن موضعه؛ وهذه الأريكة الكبيرة طالما تمدد...
ننشر تباعا نماذج من القص العربي لكبارالقصاصين الرواد
لم يكن حامد قد أتم دراسته العالية حيث بدأت تقوى صلته بصديقه حسين أفندي، ولم يكن الحديث يبنهما كلما تقابلا يتجاوز السؤال عن الصحة والأنجال، والذكريات القريبة عن جهادهما في صفوف الشباب الوطنيين، ولا يذكر حامد أنه زار صديقه حسينا في منزله غير...
الغزل والنسيب:
ليست هاتان الكلمتان مترادفتين بالمعنى الأخص كما جرى في عرف الناس، ولكن بينهما فرقًا نبه عليه قدامة فقال: إن النسيب ذكر خلق النساء وأخلاقهن، وتصرف أحوال الهوى به معهن، وقد يذهب [عن] قوم موضع الفرق بين النسيب والغزل، والفرق بينهما أن الغزل هو المعنى الذي اعتقده الإنسان في الصبوة إلى...