جون كيتس - السيدة الجميلة التي ﻻ ترحم - ت: سليمان ميهوبي.

آهِ مَاذَا بِك، فَارِسُ شَاكُّ السِّلَاح(1)،
تَرُودُ(2) سَاهِمًا وَوَحِيدًا؟
سُعْدُ(3) الْبِرْكَةِ ذَبَل،
وَلَا طَائِرَ يُغَرِّد.

آهِ مَاذَا بِك، فَارِسُ شَاكُّ السِّلَاح،
هَكَذَا مُمْتَقِعٌ وَهَكَذا مَحْزُون؟
هُرْيُ السِّنْجَابِ(4) امْتَلَأ،
وَالْحَصَادُ قَدْ تَمّ.

أَرَى زَنْبَقَةً(5) عَلَى جَبِينِك،
مَعَ نَدَاوَةِ غَمٍّ وَرَشْحِ حُمَّى
وَعَلَى خَدَّيْكَ وَرْدَةً ذَابِلَةً(6)
سَرِيعًا مَا تذْوِي هِيَ أَيْضا.

لَاقَيْتُ سَيِّدَةً فِي الْمُرُوجِ
رَائِعَةً بِأَكْمَلِها، بِنْتًا جِنِّيَّة(7)؛
كَانَتْ طَوِيلَةَ الشَّعْر، كَانَتْ وَئِيدَةَ الْمَشْي،
وَكَانَتْ عَيْنَاهَا شَارِدَتَيْن(8).

عَمِلْتُ إِكْلِيلًا مِنَ الزَّهْرِ لِرَأْسِها،
وَأَسَاوِرَ أَيْضا، وَنِطَاقًا عَابِقا(9)،
نَظَرَتْ إِلَيّ لَمَّا حَبَّتْ
وَأَصْدَرَتْ تَأَوُّهًا حلْوا.

أَرْكَبْتُهَا عَلَى جَوَادِي الذَرِيع،
وَلَمْ أَلْحَظْْ أَحَدًا آخَرَ طِوَالَ النَّهَار،
لِأَنَّهَا كَانَتْ مَائِلَةً عَلَى جَنْب، وَتُغَنِّي
أُغْنِيَةً سَاحِرَة.

قَدَّمَتْ لِي جُذُورًا حُلْوَةَ الطَّعْم(10)،
وَرَحِيقَ أَزْهَارٍ بَرِيَّة، ومَنَّ الطَّل(11)،
- وَأَكِيدًا بِلُغَةٍ غَرِيبَةٍ قَالَتْ لِي
"أَنَا أُحِبُّكَ حَقّا".

وَقَادَتْنِي إِلَى كَهْفِهَا الْجِنِّي،
وَهُنَاكَ بَكَتْ وَتَنَهَّدَتْ مِلْءَ أَسَفِها(12)،
وَهُنَاكَ أَغْمَضْتُ الشَّارِدَتَيْن، عَيْنَيْهَا الشَّارِدَتَيْنِ
بِقُبَلٍ أَرْبَع.

وَهُنَاكَ نَوَّمَتْنِي نَوْمًا عَمِيقًا
- وَهُنَاكَ حَلَمْت - آه! يَا وَيْلَتا! -
الْحُلْمَ الْأَخِيرَ الَّذِي لَمْ أَحْلُمْهُ أَبَدًا
عَلَى سَفْحِ التَّلِّ الْبَارِد.

رَأَيْتُ مُلُوكًا شَاحِبِينَ وَأُمَرَاءَ أَيْضا،
وَجثنُودًا شَاحِبِينَ، كُلُّهُمْ فِي شُحُوبِ الْمَوْت(13)؛
كَانُوا يَتَصَايَحُون - "السَّيِّدَةُ الْجَمِيَلَةُ بِلَا رَحْمَةٍ
أَوْقَعَتْكَ فِي الْعُبُودِيَّة!"

رَأَيْتُ فِي الْعَتَمَةِ شِفَاهَهُمْ الْخَاوِيَة،
بِتَحْذِيرٍ مُرَوِّعٍ مَفْغُورَةً تَمَاما،
فأَفَقْتُ وَوَجَدْتُ نَفْسِي هُنا،
عَلَى سَفْحِ التَّلِّ الْبَارِد.

وَلِأَجْلِ هَذَا أَنَا أَمْكُثُ هُنَا
أَرُودُ سَاهِمًا وَوَحِيدًا،
رَغْمَ أَنَّ سُعْدَ الْبِرْكَةِ ذَبَل،
وَلَا طَائِرَ يُغَرِّد(14).



=====================
شروحات المترجم
...........................

* - أي المرأة الجميلة الّتي لا ترحم أحدا وقع مشغوفا بجمالها. والعنوان أقتبسه كيتس كما هو باللّغة الفرنسية من قصيدة صدرت قبل أربعة قرون للشاعر الفرنسيّ القديم الملقّب بأبي البلاغة الفرنسيّة، ألان شارتييهAlain Chartier (1385-1449).
1.- ماذا ألمّ بك حتى تأخذ سلاحك؟
2.- تذهب وتجيء غير آمن ولا مطمئن.
3.- نبات طيّت الرائحة ينبت في الأماكن المغمورة له سيقان طويلة تستعمل للتّزيين.
4.- (مجاز) : اللّقاط أو الحصّاد. والسنجاب حيوان مشهور بجمعه الحبوب والثمار وتخزينها لفصل الشتاء بتخبئتها في الأرض.
5.- بياضا كلون الزنبق.
6.- توردا كلون الورد.
7.- من الجنّ.
8.- لم كانت عيناها شاردتين؟ بحثا عن رجل آخر أيضا؟
9.- حِزام تلفّ به المرأة خاصرتها، وكلّ ما كان عمله لها كان من سيقان السعد.
11.10. - الجذور الحلوة هي جذور الجزر الأبيض (اللّفت). ومنّ الطّلّ هو ندى يسقط ويجفّ على بعض الأشجار، فبصبح كالعسل فيؤكل. تلميح إلى أن تلك المرأة كانت معسولة الكلام.
12.- من كونها جنّيّة والفارس من البشر؟. هل هو تلميح للحب المستحيل؟
13. - ضحايا حبّ السّيّدة الجنيّة من الإنس ومن مختلف طبقات المجتمع؛ هنا يكمن معنى عنوان القصيدة.
14.- خوفا من الوقوع في عبوديّة تلك المرأة أم رغبة منه، هذه المرّة وقد جاء في كامل سلاحه، في السيطرة عليها وامتلاكها؟ سؤال سكت عنه كيتس وتركه بدون جواب. السّؤال كان ولا يزال، هل يمكن للرجل ترويض امرأة رائعة الجمال جامحة بقوّة السّلاح؟
15.- هذا المقطع الأخير هو جواب الفارس على السؤال المطروح عليه في المقطع الأوّل.





* جون كيتس


.
صورة مفقودة
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى