بيان: أوقفوا هذا الدم

ما أقسى هواء هذا العالم الذي غدا مكتظا بالفجيعة ورائحة خيالات فقط للجسد البشري متكئا على طاولة الموت. كيف يستطيع أن يحمل القلب كل هذه البراكين من الأحاسيس الفاسدة وكل هذه الأنهار من الشناءة والضغينة والحقد؟ ولماذا مذاق الرصاص والبارود وليس زهرة عباد الشمس، كيف سنحصي الآن القتلى، وقد صار عدد الموتى أكثر من عدد الكلمات؟ كيف سنكتب مراثي وخلف كل نشيد مقبرة أخرى؟
وإذ نقف الآن على الحافة ذاتها، نقول:
ما حدث، وما يحدث، وما سيحدث هو فاكهة شجرة سدر مسمومة، إنها شجرة بجذور عميقة في الجسد والروح، في الواقع والمتخيل، في الأزلي والعابر، في الحضور والغياب، في العقل والجنون… إنها شجرة تسللت عبر التاريخ الرمادي إلى هذا الكائن الذي أصبح أكثر عداوة وأكثر برودة من الرصاص الذي يحمله في جيبه.
هل كان العالم سيكون أجمل دون ميتافيزيقا؟ ربما.
وإذ نكرر ذلك في هذه الغابات السوداء، ونطرق أبواب حفاري القبور أبناء الله بابا بابا بعد كل نائبة وبلوى، فنحن لا نضع الزلازل على أكتاف المؤمنين من أبناء العائلة، ولا نبني الجدران بين الفكرة وجارتها، بل نحاول أن نرمي الخطو نحو الآتي.
سوف يسقط الكثيرون في الطريق هنا وهناك قبل أن نصل إلى الحياة في جغرافيا ما زالت تنزف منذ قرون، إنها في نهاية المطاف ليست طبول حرب بين هنا وهناك، بل هي معركة مريرة بين هنا وهنا، وتتناثر شظاياها في كل الأرض، إنها معركة طويلة، ويجب أن تنتصر فيها الحياة، يجب أن نتجاوز فيها ما تبقى من صحراء الماضي في أرواحنا وأن نخرج إلى العالم كما يليق بحفدة للوجود. ولا يمكن أن يكون ذلك دون أن نؤسس للاختلاف ولمجتمعات مدنية علمانية وأن نبتعد عن التوتاليتارية والفكر الأحادي والحقيقة المطلقة، لا يمكن مطلقا دون أن نؤسس لثقافة الحب والجمال التي خاصمتها حقولنا منذ زمن طويل جدا، إنه الطريق الوحيد لكي نوقف هذه المجازر البشرية ولنوقف جرائم هذه البشاعة.
وأخيرا، عزاؤنا لكل ضحايا إرهاب الإسلام السياسي ولعائلاتهم.

منظمة أدهوك: مدنية، حداثة، تعددية
موقع أتارغاتيس
مجلة الموجة الثقافية


.
%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%8A-%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%A8-%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%A8.png
 
أعلى