عبد المحسن يوسف - البضة

في الظلال السخية ِ ،
بأحد بساتين النخيل
العامرة بالعصافير ،
والمغسولة بالنسائم .
جلستْ هادئة ً
مثل غيمة ٍ بضة .
في اللحظة ِ التي أبصرتها
كان أسفلها المقمرُ عاريا
وكانت تقضي حاجتها
من الظلال والضوء والراحة
والتأمل في أنوثتها الناضجة .
أنوثتها مرآةُ الجسد .
أنوثتها أعراسُ الظلال ..
في ذلك الهواء الطلق ،
الهواء المتحرر من أغلال ِ
صيف ٍ ثقيل ٍ كرصاص ٍ لا يُحتمل .
أبصرتها مقعية ً كلجة ٍ باذخة .
حقلها الوفير كان باديًا للعيان ،
كان مكسوًّا بعشب ٍ لامع ٍ
ومتطامنًا كقديس !
بزوغي المباغتُ كشهاب ٍ ،
أو كغزال ٍ ،
أو كلمعة برق ٍ ،
جعلها تجفلُ قليلاً ..
كمهرة ٍ فقدتْ طمأنينتها خلسة ً.
عدلت من جلستها ..
ولكي تستر عري مثلثها الوفير .
مثلثها الفائض ،
أدارت لي ظهرها بهدوء ٍ سريع ،
أو بسرعة ٍ هادئة ..
بدت مؤخرتها أكثر جلاءً
من قمر ٍ ذات ليلة ٍ صيفية .
كانت ملساء
وذات استدارة ٍ عامرة
استدارة كالرغيف
استدارة كالقمر
استدارة تضرم في الروح اللهب !
محاولة ستر المثلث العشبي
المثلث البض
العامر
الوافر
الفائض
كشفت لي عما بدا
أكثر اشتهاء ً ، وبهاءً ،
من المثلث نفسه .
أدهشني كثيبها
ـ إنه لشهي ٌّ ذلك الكثيب الهائل
الأبيض ، الحليبي ، المجبول
من زبد ٍ ، وقشدة ٍ ، ومرايا .
قلتُ هذا من دون أن أقول .
وتملكتني دهشة ُ من يرى
عريًا أنثويا
كاملا /
وناضجا
وعامرًا
لأول وهلة ..
أدركني خجلٌ طفوليٌّ فانسحبت .
مضيت متهاديًا بين أشجار النخيل
بدت لي تلك الأشجار حسانًا فاتنات .
فيما كانت تمشط النسائم
ضفائرهن / الحرير
على مهل ٍ
على مهل .
ليست امرأة ً ما رأيت .
إنها لجة ٌ باهرة
بحرٌ من عسل ٍ
غيمة ٌ من حليب ٍ
جسدٌ مدعوكٌ بعناية ِ الأقمار
غزالة ٌ من ضوء ٍ
قمرٌ من خبز ٍ
أنوثةٌ من ياسمين ٍ
ومن لؤلؤ ٍ ..
مهرةٌٌ من حقول الشموس .
تلك البضة ،
سيدة من حيِّنا
الذي يسمى " البستان "،
حينا الفقير ، البائس ،
الغني بالأنوثة ..
ـ ياله من مشهد ٍ فريد ٍ
لأنوثة ٍ طاغية .
هكذا هجست ـ فيما بعد ـ
وتحديدا حين امتلكتُ خيولَ الكلام .
إنه مشهد شهي لسيدة ٍ عارية ٍ
في زمن ٍ لا تبصر فيه عيناك
غير السواد الكئيب .
حين أصبحتُ يافعًا
بما فيه الكفاية
استبدَّ بي ندمٌ فادح .
ظلَّ يخزني مثل نصل ٍ صقيل .
ماذا لو لمستٌُ تلك الثمار الشهية ؟
ماذا سيحدث لو أنني لمست ؟!


.

Ernst Anders
صورة مفقودة
 
أعلى