ابن معتوق - يَلُوحُ فَتَسْتَدْعِي الْفِرَاشَ وَتَبْسُمُ

يَلُوحُ فَتَسْتَدْعِي الْفِرَاشَ وَتَبْسُمُ = فَيَفْتَرُّ ثَغْرُ الصُّبْحِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ
وتبدي ثناياها لنا كنزَ جوهرٍ= فترصدها في فروعها وهو أرقمُ
وَتَقْضِي فَيَمْشِي السِّحْرُ فِي غِمْدِ فِتْنَة ٍ= وترنو فيضحي مصلتاً وهوَ محرمُ
وتسعى فتخشى الطّعنَ من عطفِ قدّها = وَرُبَّ قَوَامٍ وَهْوَ رُمْحٌ مُقَوَّمُ
إما وحبابٍ وهوَ ثغرُ مفلّجٌ = وَجَامِدِ خَمْرٍ وَهْوَ خَدٌّ مُعَنْدَمُ
لصنوانِ مسمومُ السّهامِ ولحظها = وَمَبْسِمُهَا وَالْجَوْهَرُ الْفَرْدُ تَوْأَمُ
وَقَامَتُهَا وَالسَّمْهَرِيُّ وَإِنَّهَا = لأعدلُ منهُ وهوَ في الفتكِ أظلمُ
هي البدرُ في الإشراقِ لولا ححالها =وَشَمْسُ الضُّحَى لَوْلاَ السجَافُ الْمُخَيِّمُ
وبيضُ الدّمى لولا البراقعُ والحيا = وظبيُ الحمى لولا الثوى والتّكلّمِ
مهاة ٌ لديها السمرُ في حرمِ الهوى = تُحِلُّ دِمَاءَ الصَّيْدِ وَالبِيضُ تَحْرُمُ
تَحُفُّ الظِّبَاءُ الْعِيْنُ فِيْهَا إِذَا شَدَتْ = وتزأرُ آسادُ الشّراحينَ تبغمُ
فَكَمْ حَوْلَهَا لَيْثٌ بِحُلَّة ِ أَرْقَمٍ = يَطُوفُ وَكْمْ خِشْفٍ بِعَيْنَيْهِ ضَيْغَمُ
تَحَامَى حِماهَا واحْذَرِ الْمَوْتَ دُونَهَا = فَلَيْسَ الْحِمَى إِلاَّ الْحِمَامُ اْلمُرَخَّمُ
وما الحبُ إلا أن يكونَ مزارهُ = عزيزاً إليهِ لا يجوزُ التّوهمُ
بحيثُ الدّمُ المحظورُ فيهِ محلّلٌ = عَلَى السَّيْفِ وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ مُحَرَّمُ
وإنّا لقومٌ قد نشا في قلوبنا = بِحُبِّ الدِّمَا وَالْمَكْرُمَاتِ الْتَسَنُّمُ
فَفِي الدُّرّ رُخْصٌ عِنْدَنَا وَهْوَ جَوْهَرٌ = ويغلو لدينا قيمة ً وهوَ مبسِمُ
نَفِرُّ إِذَا يَرْنُو غَزَالٌ مُقَنَّعٌ = وَنَسْطُو إِذَا يَرْنُو هِزَبْرٌ مُعَمَّمُ
نُضَاحِكُ ضَوْءَ الْبَرْقِ وَهْوَ مُهَنَّدٌ = ونبكي نجيعاً وهوَ ثغرٌ ملثَّمُ
ونحذرُ من نبل الرّدى وهوَ أعينٌ = وَنَلْقَاهُ فِي لَبَّاتِنَا وَهْوَ أَسْهُمُ
وَمَحْجُوبَة ٍ لَوْ يَنْظُرُ الْبَدْرُ وَجْهَهَا = لخرَّ صريعاً وانثنى وهوَ مغرمُ
إذا حدّثتْ في بقعة ٍ أو تنفّستْ = فَفِي بَابِلٍ أَوْ باسْمِ دَارِينَ تُوسَمُ
سقى دارها ماء الطُّلى بارقُ الظّبا = ففي التربِ منها لا يسوغُ التيمّمُ
مُمَنَّعَة ٌ لا يُمْكِنُ الطِّيْفَ نَحْوَها = صعودٌ ولو أنَّ المجرّة َ سلّمُ
تأتّيتها والنّسرُ في الأفقِ واقعٌ = وبيضُ حمامِ الأنجمِ الزّهرِ حوَّمُ
فَوَافَيْتُ مِنْهَا الشَّمْسُ فِي اللَّيْلِ مَارِداً= وَمِنْ دُوْنِهَا شُهْبٌ مِنَ الْنَبْلِ تُرْجَمُ
وبتنا كلانا في العفافة ِ والتّقى = أَنَا يُوسُفٌ وَهِيَ الْكَرِيمَة ُ مَرْيَمُ
وما أنا ممّنْ يتّقي الحتفَ إن بغى = مراماً ولا يثنيهِ في الحبِّ لوَّمُ
ورَكْبٍ تَعَاطَوْا فِي الدُّجَى دَلَجَ السُّرَى = يميلونَ من سكرِ الكرى لمْ يهوّموا
سِهَاماً عَلَى مِثْلِ الْقِسِيِّ ارْتَمَتْ بِهِمْ = يؤمونَ نجداً والهوى حيثُ يمّموا
تراءى لهم قلبي أماماً فغرّهمْ = وَأَوْهَمَهُمْ نَارَ الْغَضَا فَتَوَهَّمُوا
أَرُوحُ وَلِي رَوْحٌ إِلَى نَحْوِ رَامَة ٍ= وَآرَامُهَا شَوْقاً تِحِنُّ وَتَرْأَمُ
إذا مرَّ ذكرُ الخيفِ لو لم يكن بهِ = ولاءُ عليٍّ يكادُ بالنّارِ يضرمُ
جوادٌ هوى المعروفَ قبلَ رضاعهِ = ومالَ إلى حبِّ العلا قبلَ يفطمِ
همامٌ إذا قامت وغى ً فهوَ ساقها = وإن شمَّرتْ عن زندها فهو معصمُ
فتى ً حبّهث للمجدِ أفقدهُ الغنى = كما فقدَ السّلوانَ صبٌّ متيّمُ
يَلَذُّ دُعَاءُ السَّامِعِينَ بِسَمِعِه = كَمَا لَذَّ فِي سَمْعِ الطَّرُوبِ التَّرَنُّمُ
كَسَا الْعِرْضَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَا خَيْرَ حُلَّة ٍ= لَهَا الْفَخْرُ يُسْدِي وَالْمَكَارِمُ تُلْحِمُ
لَهُ الطَّعَنَاتُ الْنُّجْلُ تَبْكِي كَأَنَّهَا = عُيُونٌ رَأَتْ يَوْمَ النَّوَى فَهْيَ تَسْجُمُ
ولاَ عَجَباً يَجْرِي حَياً وَهْوَ شُعْلَة ٌ = وَيَضْرَمُ نَاراً فِي الْوَغَى وَهْوَ خِضْرِمُ
يَصُولُ بَفَجْرٍ كَاذِبٍ وَهْوَ صَارِمٌ = وَيَسْطُو بَنَجْمٍ ثَاقِبٍ وَهْوَ لَهْذَمُ
دنانيرهُ صفرُ الوجوهِ لعلمها = بأنَّ النّوى في شملهنَّ محكمُ
إِذَا زَارَهُ الْعَافُونَ يَوْماً تَشَتَّتَتْ = كأدمعِ صبٍّ قد دعتهنَّ أرسمُ
فلو جلسَ الأقمارُ من حولهِ دجى ً= دروا أنّهُ المولى وإن كانَ منمهمُ
وَلَوْ أَنْفَقَتْهَا فِي الْهِبَاتِ يَمِينُهُ = لَقَلَّ لَدَيْهَا بَدْرُهَا وَهْوَ دِرْهَمُ
ولو كلفتْ أهلَ الهوى درعُ أمنهِ = مُزَانُونَ فِي حَلْيِ الْعُلاَ مُنْذُ خَلْعِهِمْ
حطمنَ عواليهِ قنا كلِّ فتنة ٍ= فَكِدْنَ لِقَامَاتِ الدُّمَى الْبِيْضِ تُحْطَمُ
وردّتْ سيوفُ الجورِ وهي كليلة ٌ = فأوشكنَ حتّى أنصلُ الغنجِ تكهمُ
لهُ بيتُ مجدٍ شامخٌ في صعيدهِ = تعفّرُ آنافُ الملوكِ وترغمُ
تُطَنِّبُهُ شَمْسُ الضُّحَى فِي حِبَالِهَا=
يودُّ حصادهُ الدّهرُ لو أنّهُ غدا= عَلَى جِيدِهِ عِقْداً يُنَاطُ وَيُنْظَمُ
وحسبُ الدّجى فخراً بحصباءِ أرضهِ = لَوِ انْتَثَرَتْ مِنْ فَوْقِهِ وَهْيَ أَنْجُمُ
تُقَبِّلُهَا الأَفْوَاهُ حَتَّى كَأَنَّهَا = ثغورُ الغواني فهيَ تهوى وتلثمُ
نجيبٌ نمتهُ الغرُّ من آلِ حيدرٍ = مُلُوكٌ عَلَى كُلِّ الْمُلُوكِ تَقَدَّمُوا
جنانُ نعيمٍ غيرَ أنَّ سيوفهمْ = لِتَعْذِيبِ أَرْوَاحِ الطُّغَاة ِ جَهَنَّمُ
مزانزنَ في حلي العلا منذُ خلعهمْ = تمائمهم بالمكرماتِ تختّموا
مصالتُ يومِ الكرِّ من شئتَ منهمُ = بهِ يصدمُ الجيشُ اللهامُ ويهزمُ
مَضَوْا وَأَتَى مِنْ بَعْدِهِمْ فَأَعَادَهُمْ = إلى أن رأى كلُّ الورى إنّهمْ همُ
تَحَدَّرَ فِي الأَصْلاَبِ حَتَّى أَتَتْ بِهِ = فكانَ هوَ السّرُّ الخفيُّ المكتّمُ
أَبُوهُ ذُكَاءٌ أَعْقَبَتْ خَيْرَ أَنْجُمٍ = وَلكِنَّهُ نَجْمٌ هُوَ الْبَدْرُ فِيْهِمُ
كريمٌ لديهِ زدتُ قدراً ورفعة ً= وَتَكْرِمَة ً وَالْحُرُّ لِلْحُرِّ يُكْرِمُ
فلي كلّ حينٍ منهُ لطفٌ مجدّدٌ = ولي كلَّ يومٍ من أياديهِ أنعمُ
أمولايَ يا مولايَ دعوة َ مخلصٍ = حليفُ ولاً في ودّهِ لا يجمجمُ
لَقَدْ أَوْجَبَتْ نُعْمَاكَ حَجّاً وَعُمْرَة ً= عَلَى ذِمَّتِي وَالْحَجُّ فَرْضٌ مُحَتَّم
فهل إذنُ لي أقضي حقوقَ مناسكٍ = تشاركني فيها الثّوابُ وتغنمُ
ليهنكَ صومُ الشهرِ وّفِّيتَ أجرهُ = وبالعزِّ عقباهُ لكَ اللهُ يختمُ
وعودة ُ عيدٍ قد تزيّنَ جيدهُ = بطوقِ هلالٍ نونهُ ليسَ تعجمُ
هلالٌ إذا قابلتهُ زالَ نقصهُ = فَيَشْرُقُ لَيْلاً وَهْوَ بَدْرٌ مُتَمَّمُ
يَصُوغُ لِوِرْدِ اللَّيْلِ مِخْلَبَ فِضَّة ٍ= وَلَوْلاَكَ أَمْسَى وَهْوَ ظُفْرٌ مُقَلَّمُ
فَلاَزِلْتَ تَكْسُو وَجْهَهُ مَنْ سَنَا الْعُلاَ = وَلاَ زالَ بِالإِقْبَالِ نَحْوَكَ يَخْدُمُ
لِعَيْنَيْكَ يَبْدُو وَهْوَ قَلْبُ حَبِيبِهِ = ويلقى الأعادي وهوَ سيفٌ مصمّمُ


.

Emile Vernon
( French,1872-1919).
صورة مفقودة


.
 
أعلى