جورج ضرغام - شاعر وسيم، وثلاث مومسات خضراء

1
"المومس النحلة"
لساقيها رائحة غزالة حافية. كانت تتزين بخلخالين من سبعة عصافير جبانة
ترفعهما إلى أعلى وتهرب، كلما رأتْ "ساقا بلحية".. ثم تمطر!
نهدها saggy مذاقه كلسعة العنب في الحلوق. هيئته كرأس ذئب
يفترس الأصابع حين تحسبه عجينا له ريش أحمر.
على طرفه تقف نحلة بلهاء، وخفيفة الظل، تخرج لسانها لي وتضحك.
فرجها بئر من دسم محموم، له باب قصر بيضاوي منبعج،
ومفتوح.. فمن دخل مَلَكَ!
على جانبيه جناحان لنسر طائش يحرسه،
يزغرد للزائرين كلما دخلوا وخرجوا.. ثم تمطر!
شفاهها مياه تغرق كل شيء حي
وتأوهاتها صهيل فرس مذبوح، ممزوج بصراخ ناي كانت له عائلة.

2
"المومس الشجرة"
يمكن للمرأة أن تصير شجرة بساق مغرية جدا، فقط لو صمدتْ بالذكريات.. فقط لو انتظرتْ أكثر.. فقط لو احتفظتْ بخطابات العابرين معلقة كأقراط خضراء، حتى لو همس الحطاب الأعور في أذنيها: احرقيها وامشي عارية.. فترد (وهي تضع ساقا فوق أخرى والثالثة في عينه): سأشعل سيجارة وانتظر. ربما أحبل بقفاز أو عصفور بمنقار ناي سمين، أو أشرب زجاجة عطر نستها فاتنة بين أصابعي، وأصعد مخمورة إلى أبي.. وبقية اللصوص!
ويمكن للشجرة أن تصير امرأة قبيحة.. ومثالية أيضا، فقط لو تبولتْ على ظل "العابرين فرادى" كي يرجعوا، ويستبدلوا ظلهم المبتل، ثم يعودوا بصحبة فستان له ظل ملون،
فتسمح لهم بالمرور دون شتيمة.

3
"المومس المطر"
النهود تغري المطر.. حين تسقط قطرة تتشظى إلى سبعة ألسنة، ونابين ملطخين بعرق شاعر همجي. وكذلك الأصابع التي تكحلتْ بلُعاب ذئب.. وانتظرتْ. والأشجار التي جرتْ حافية لتشرب من فخارتين أنيقتين برأس مثقوب. والقفاز الذي فقأ عينه صائد العصافير السمينة (بداعي الغيرة)، طار ليمسك بأول نهد عابر، ينتف ريشه وهو يطمئنه: لم يمسسني الذباب بسوء!
الأنبياء وقفوا في الطقس السيء ليفسروا المعجزة:
أن كل رذاذ مسهما وارتد طائشا، شفي الأكمة والأبرص.. فاملئوا لقومنا قنينة.
أما الفاتنة التي نجتْ من تحرش المطر وأخوته بصدرها، فمضتْ لغرفتها وجلستْ أمام المرآه لتجلدها بضفيرتها، حتى أعترفتْ: أنتِ أجمل ما رأى الزجاج حين كانت له عين نحلة !

(4)
"جورج"
سألته سيدة مهجورة، وبداخلها بناية مكتظة بالذكريات، والقصائد المبللة: ما اسمك..؟
فأجاب:
لاشيء سوى خراب أبجدية مبعثرة على شفاه مكسورة انطقيها لأعرفني، فأنا غامض منذ أن أحببتُ الخريف فوضوي منذ أن رأيتُ فخذ الأشجار عارية تسيل لُعاب يدي لأصفعها سادي منذ أن عذبتُ الأسماك لتخبرني: أين قنينة العطر التى كانت تستخدمها عروسة البحر.. كي أهديها لحبيبتي؟
وهادئ منذ أن أدمنتُ النبيذ.. لأنه مثلي معتق بالذكريات.
وعمري تسعة فصول وثلاثين صيفا. كنتُ أبلل خبز وجهي الجاف بعرق الفراشات، وأجيء كالندى، حين يزين خصر شجرة ترقص على أغنيات فيروز في الصيف.
الصيف: أن تسهر لتكتب بزبد أمراة، تشبه البحر في "طرطوس":
"لا أحد يجف.. لو غرق في الخيال".
الشتاء: أن تبكي، لأن قصيدتك لا تروق لغرائزها، وشهوة موج بين ساقين
الخريف: ماء البحر، وماء العين.. حميميّان.


.

Thomas Francis Dicksee
صورة مفقودة

.
 
أعلى