نعيم عبد مهلهل - الموت اشتياقا و ( عضة الشفتين )..!

في البدء كان الله مساحة لا حدود لها من النور ، ولم تزل هذه المساحة تغرقنا بإحساس الولادة وحلمة نهد الحليب والدمى وحقائب المدرسة ودموع الاباء عندما يتعسر تواجد الخبز على مائدة العشاء واخير يأتي التحول الميتافيزيقي عندما يغزونا العشق لواحدة خديها يضيئان مرايا قمر مكتمل مثل دورة دمعة
ويغزونا كما يغزوا التتار الى الارض الخصبة وينهشوا في قلوب سنابلها بعنف وكأنهم لم يذوقوا طعم القمح يوما ما .
لقد كانت النساء والفتيات الناهدات بحجم التفاح الغض يمثلن تحولا للحظة ولثقافة الرعشة ومشاعرها وحماسها .فمع رسائل الغرام تشعر الاصابع انها امتلكت مران الرقص والمشي واتخاذ القرار.
فيأتي الذي يأتي ( الذكورة ) المتقدة بنار المشاهد ..وهي تعتصر الذهن والخيال والاشتياق وتمد خيوط شهوتها بين فم وفم وبين جفن وجفن كما تمد الفراشة لسانها الى انوثة الوردة لينجبا توأمين ( العطر والعسل ) ليصبح الاشتياق موتاً من مبررات وجود آدم الذي يقول :ان انسيابيته ليست بريئة عندما واحدة تعلن الحرب عليه وعلى وسادته والسرير وخواطره التي تاه منها العقل لتصير هذه الخواطر ضفة العبور الى الضفة المدهشة ..هناك ستجدنا الأشياء الممتعة وفي امطارها نغرق ونسبح ونبعثر اجسادنا بأجساد البعض ، فيكون الود كما يراه المتصوفة في طيران الروح والجسد في عطر الابتهاج :(العمق الدافئ للحظة المفتونة بالصعود اليه والامتزاج بلذته وشرب نور دفئه حتى سكرة التوهان في لمعان جماله ورقته وفيض احساسه)..
هذا التعبير يسكنني وانا احاول ان اضع افتراضا لشكل ما يكون بين اثنين لحظة التوسد ، اتخيل قصيدة من نعاس الكلمات يدميها الاحمر بشهوة التلاقي فتكتب نعاسها باشتهاء خجل مرئي بين مرآة اللسان وتضارب الاسنان والتحام النفسين في شهقة واحدة :
علي ان اتخيلك شجرة تعطي عندما تركبها الريح وتصنع من ثمارها وسائد وقناني عطر واجفان تتدلى اغصانا وارفة بالظل والامنيات والهمس الليلي المتقن .
اتخيلك الهة الموسيقى ..!
او عرافة تعرف سر السؤال من خلال ضوء العين فتقول:
هي وانت في كفة ميزان ...!
هو اثقل منك بالرغبة ..
وانتِ اخف منهُ في القبلة ..
وبين الرغبة والقبلة ثمة عالم شاسع ..
ملائكة تطير ...
وابتهاج روحي لكل ما يحدث بين المرأة والرجل ....!
تثريني صورة ما يحدث بين المرأة والرجل .وحتما ليس طعام الوسائد هو المثير دائما .فقد تكون الدمعة المشتركة اجمل .والطعام المشترك .والرسائل المشتركة .والابتسامة النظرة والزهرة والنزهة والسفر والحياة المشتركة كلها هواجس ربط روحي بين الاثنين ترتقي بالشوق وتصنع معجزته الانسانية التي طورتها الرؤية الحضارية والتطور البشري واكتشاف الكتابة واللغة والاشارة والآلة والواح والشعر وغير ذلك..!
صناعة الاشتياق لاتشبه صناعة البنادق بالرغم من ان الشوق يرمى ايضا بسهام اليد وبندقية القلب ورصاصاته وسهامه هي الكلمات المؤثرة والتي نريد فيها جرح من نود بداء القبول والمبادلة .
وعضة الشفتين هي صورة مثيرة للمشهد ان تكون مع الذي تريده وتتعبد في محرابه بمزاولة الحس في ارتفاع ايقاع النفس ..عندها ما يكون هو اننا نغيب في لحظة التلاقي ونشد اجسادنا الى البهجة الكونية ونتحد في الجسد الواحد.
اثارة عضة الشفتين في احتراب الشوق في التقبيل وصناعة التجميل هي امساك الحياة من ضفائرها ولنجرها بعد ذلك الى ساحة حربنا المشتركة وبدلا من ان تجعلنا ننتظر لتصنع اقدارنا .نجعلها هي من تنتظر ان نصنع اقدارها وهذا التمكن لن يحدث ابدا إلا عندما نمتلك الخبرة والفن بأن نجع الشوق وعضته اللذيذة كمن يعزف سمفونيته بهدوء وحرفية .وكمن يداعب بالسيف خد الوردة دون ان يجرحهُ..!


.
renoir_picking.jpg

رينوار
 
أعلى