خزعل الماجدي - بملقطها الطويل تُقلِّب الجمرَ وتتهيّج

بملقطها الطويل تقلِّب الجمرَ في الموقد
كأنها تقلِّب النجوم في صدرها
بملقطها تشد ُّ الخيوط التي تربط شهواتها الصغيرة ببعضها
وتنتظر توقد الجمر
كان بريدها يتكوم في السلال
وكانت تضع ثيابها دون عناية وترتيب
لكنها الآن في أقصى زينتها
وأقصى توهجها
تضعُ المسك تحت مهابط شعرها
وتقول لي ، من بعيدٍ، ضعْ الغارَ على شعرك
تضع على رقبتها رقيمَ الفضة القديم
وتقول لي ضع على رقبتكَ قلادة الذهب
تضع على نهدها قطرات الندى
وتقول لي افتح قميصكَ
تضع على شفتيها لمسةَ النور
وتقول لي ضع كلماتك على الطبق
يتوهج الجمر وتتوهج عيونها
رأت الجمر يتكاثر في كبدها
رأته يصعد نحو ثدييها
ولم تسمع طرقات الباب .
تثيرها الشمعةُ الموضوعة في الزاوية
تثيرها أقلام الرصاص
وتثيرها رائحة السيجارة
طالما أن هناك أسئلةً لم تجب عنها
فهناك شهوات كثيرة
تتقاسم مع ملقطها سهر الليل
وترشّ المكان بما يتساقط منها من الضباب
لم تكن غامضة كما الآن
لم تكن نديّةً كما الآن
كأنها خارجة ٌ من صلصال الخليقة
ثمة سريرٌ فارغ يمتد في داخلها
ثمةَ أفرشةٌ مازالت على الحبل لم تجفّ
ثمة قناني العطور مغلقةٌ
وثمة شهقات ذابلة معلقةٌ على الجدار
بملقطها الطويل تُقلِّبُ الجمرَ في الموقد
وتتهيج
لكن الفجر يجئُ
ولابد من مجاملة نهارٍ طويلٍ مليئٍ بالتفاصيل .
الحيوانات الصغيرة
التي تركتِها في داخلي
الحيوانات الصغيرة التي تركتِها في داخلي
بدت شاحبةً منكمشةً هذا اليوم
لاتعرف كيف تتحرك
لاتعرف كيف تأكل
هجرت أعضاءها
وتمددت في سواحلي
مثل أسماكٍ ميتةٍ جرفتها الأمواج
مرةً بعد مرةٍ تكونين على عجل ٍ
وتتركينها مريضةً
تخرجين غاضبةً أو ساهمةً
فتتكوم في داخلي مثل القناني الفارغة
تريثي ولو لمرةٍ واحدة ٍ
ود عيها تنتعش وتنظر اليك وتكبر
دعيها تتلاقى وتتكاثر
قولي كلاما يمسها ويحركها
غنّي أغنية ترفعها الى عيوني
إلى فمي
لكي تحييكِ
هي بعضكِ تركتها فيَّ
دون مبالاةٍ
لكنها مازالت تريدكِ
وتحنّ اليك كأنكِ أمٌ مرضعةٌ لها .
تذوّقني على مهل
الكؤوس التي تركتها معي مازالت فارغةً
الشموع مازالت مطفأةً
كلما نظرتُ الى فصولي لم أجدك
لا الربيع محتفٍ بك ولا الصيف
لا هلال الشهر ولا قرون الباقلاء
زرعت وحدي حقولي
سقيت ماشيتي وحدي
وعدتني أن تكوني معي كل يوم وليلة
لكنك تخلفين
وشبكتك لاتحسن الصيد
كانت نموري تناديكِ
لكني كنت أراك خلف دموعكِ
تمزجين الماء واللبن
وتملأين جراركِ المثقوبة دون جدوى
قلتُ لكِ: أين أذهب بنموري ؟
قلتِ: اسرح معها في حدائقي كل يوم
قلتُ : وهذا الصراخ الذي في داخلي ؟
قلتِ : حوِّله إلى أغاني
قلتُ : وهذه الرغبات ؟
قلتِ: تذوّقني على مهل .
هاكِ المهفّةَ
الحنانُ الذي يعلقُ عابراً في معصمكِ
وأنت ِ تشيلين ثوبكِ من مياه الساحل
ذهبَ بي بعيداً
ودلّني على آباري المهجورةِ
فامتلأت بالمياه
الحصان الذي تمدد في داخلي ميتاً
قامَ
هاكِ المهفّةَ إذن
ودعي المروج تجتاحني .
ماتساقطَ من الملائكةِ
سقطت دموع الملائكةِ
فكانت عيونكِ
سقطت تراتيلها
فكان فمُكِ
سقطت أساورها
فكانت يداك
سقطت ناياتها فكان غناؤكِ .


.
صورة مفقودة

ariadne-1898
 
أعلى