علي الدرويش - تمتعت دهرا بالفلاني فلذ لي

تمتعت دهراً بالفلاني فلذَّ لي = وقد كان عنه للمتاب تحوّلي
ولما سئمناه غدا مثل حائر = بسقط اللوى بين الدخول فحومل
تمتعت دهراً باسته ثم عفتها = لما نسجتها من جنوب وشمال
وما عفتها إلا لبعرٍ بدورها = وقيعانها كأنه حب فلفل
رأى الأير لما خصيتاه تدلدلت = لدى سمرات الحي ناقف حنظل
حمارٌ إذا أعياه حمل متاعنا = يقولون لا تهلك أسىً وتجمل
فليس عليه لو عرفت معولٌ = وهل عند رسم دارسٍ من معول
له شقة صفراء آنفُ لثمَها = وجارتها أم الرباب بمأسل
يقول عليك اليوم أجريت مدمعي = على النحر حتى بل دمعي محملي
فقلت له للَه أيام أنسنا = ولا سيما يوماً بدارة جلجل
وركَّبني من فوق إستٍ كناقةٍ = فواعجباً من زجلها المتحمّل
لقد هزلت من طول فحشٍ فشعرُها = يلوح كهُدَّاب الدمقس المفتَّل
وأتعبتها مما تقاسي من الأذى = فقالت لك الويلات إنك مرجلي
وكم فوقها أنشدت شعري فقلت لي = عقرت بعيري يا امرء القيس فانزل
فقل باعدي يا إست إن زال نفعها = ولا تبعدينا من جناك المعلِّل
فيالك من علق تراضي أجانباً = بِشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يُحوَّل
منعت عن الفحشاء نفساً تمنَّعت = علي وآلت حلفةً لم تحلل
فقل لاستك الحراء كفي عن الخنا = وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
ويا عين أنصفت ببغضك شخصه = وإنك مهما تأمري القلب يفعلي
ويا عين من أهوى سواه ترفقي = بسهميك في أعشار قلب مقتل
فإني أنفت الوصل من ذي خناثة = تمتعتُ من لهو بها غيرَ معجل
وكم لك أمثالاً كرهت وإنهم = علي حراصاً لو يسرون مقتلي
له برَصٌ في إليتيه مُعرَّضٌ = تعرُّض أثناء الوشاح المفصل
له بخرٌ من ثغره إن شممته = فما أن أرى عنك العماية تنجلي
له فقحة عمت بشعرٍ كأنه = على إثرها أذيال مرطٍ مُرحَّل
ويحبق إذ تعلو عليه وقوله = نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ولكن به قد عذب اللَه زوجةً = ترائبها مصقولة كالسجنجل
وقد حُرِّم المرعى عليها وإنما = غذاها نمير الماء غير المحلل
فتنظر منه الخبز في العام مرة = بناظرة من وحش وجرةَ مُطْفل
فليس بذات الزوج والخبز طالق = إذا هي نصّته ولا بمعطَّل
وأحلى الذي يهوى قضيبٌ مقوّمٌ = أثيثٌ كقنو النخلة المتعثكل
فيبعثه في فقحة أشعريةٍ = تضل المداري بين مثنى ومرسل
له بوزُ نسناسٍ وعينا جرادةٍ = وساق كأنبوب السقيِّ المذلَّل
وإليةُ دبٍّ فوق فخذين شابَها = أساريعَ ظبيٍ أو مساويك أسحل
ويشرف من لئم على الجار طالعاً = منارة ممسى راهبٍ متبتل
ويوقظ من نومٍ أباه ضحىً بيا = نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
وذو عجز يلقى بها جيش عسكرٍ = إذا ما استكرت بين درع ومجْوَل
غيور متى أهوى يقول من الذي = عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل
عجيزته صارت عجوزاً هزيلةً = وليس صبائي من هواها بمنسل
فكم عاذل فيها تبين أنه = نصيح على تعذاله غير مؤتل
توهم في نظم اختلافاً وقد أتى = علي بأنواع الهموم ليبتلي
وأشهر ما نزهت عن فعل مثله= وأردف أعجازاً وناء بكلكل
فيا لك تضميناً على أم راسه = كجلمود صخر حطه السيل من عل


(علي الدرويش) علي أفندي الدرويش بن حسن بن إبراهيم المصري عاش في أواسط القرن التاسع عشر، توفي سنة 1270 (1853م) جمع ديوانه وأقواله النثرية تلميذه مصطفى سلامة النجاري فطبعه على الحجر في مصر في 482 صفحة وعنونه بالأشعار في حميد الأشعار (1270).


.


by Mara Sicca,
صورة مفقودة
 
أعلى