محمود عمدة هجانة - انجراف الحب

م

مجتبى محمود عمدة هجانة

(1)
فلسفتنا للحياة، طباعنا، تخطيطنا، هذا منزلي، هذه زوجتى، تلك مياس ابنتي، اخبرنا بعض عن كل شيء.
قالت: لماذا تركتك؟ تركتها؟
قلت: عدم تفاهم .
قالت: تزعجني اﻹجابات العائمة .
قلت : عبارة عن تراكم لمشكلات صغيرة، كبرت، ولدت عدم ثقة، عدم تفاهم .

(2)
التطور السريع في بلوغ الذروة، القطع المفاجئ، الترتيب اللامنطقي للأحداث؛ كل ذلك سبب جدلا وبلبلة في الاستيعاب.
قالت: الحب ان تخاف عليها حتى من نفسك .
قلت: الحب دفعني لفعل ذلك .
قالت: لم تخف عليها .
قلت: كنت حريصا ان اخاف عليها، لم افضها اثناء العزف، احببتها .
قالت: العزف رذيلة .
قلت: العزف بحب فضيلة .

(3)
انها خلاصة خبث وجبن ضمير، كم كنت وقحا وحقيرا وانا اخبرها تفاصيل كل الذنوب والخطايا التى اقترفتها في ذاك الماضي، شجعني حبها للرجل الواقعي الذي يصارح نفسه ويتصالح معها، وحوجتي ﻷحكي ما بداخلي .
قلت: ندمت على كل شيء .
قالت: لا تندم على اي شيء .
قلت: احس بأني حقير.
قالت: انا هي الحقيرة.. تركتك تحكي .

(4)
ادركت حينها اني افتقد احترام ذاتي، ذاتها اﻵخر، اختلط الصدق مع الكذب، الحق مع الباطل، الحياة مع الموت، الاحترام مع الإهانة، كل شيء مع كل اللاشيء، اختلاط بحب، تشكلت لوحة نفاق رمادية اللون لا غير .
قالت: اجمل ما في عزفك انه نتاج حب .
قلت: الجسد يعشق كما القلب، يعزف حبا مع جسدها .
قالت: لا تتمادى في مثل هكذا اشياء .
قلت: انها هزة .
قالت: أأنت مستاء ؟
قلت: بل نادم .
قالت: بسببي ؟
قلت: بسبب وقاحتي.. انتي منطق، انتي حقيقة .

(5)
يداي، لا أراهما، الشمس رمت بظلالها على القلب، الرئة تمردت، الصدر ضاق، دمع، خلل في الوظائف الفيسولوجية، لا اثق في شيء، لم اكن مستعدا لصدم نفسي بالحقائق القديمة التي لم اعرها انتباها، تلك اﻷشياء، لحظة هروب ضميري بكل حقائبه، تبا له، افتقده، افتقد احاديثه، نصحه، عتابه، حبه، اخاف ان افقد المزيد، اتمسك بقليل بقى، أرصف لها طرقات السماء، اهديها قبلات اﻷنهار .
قلت: هل انت بخير ؟
قالت: بخير .
قلت: متأثرة ؟
قالت: لا .
قلت: اريد لقلبي الاطمئنان .
قالت: على ماذا ؟
قلت: وجودك معي .
قالت: لن تتخلص مني بسهولة .
قلت: لست كآدم وحواء ﻷخرج من الجنة .
قالت: اريد ان ارى ابتسامتك .
قلت : هكذا ؟ .
قالت : لم تقنعني .
قلت : ما رأيك اذا ؟
قالت : من غير دموع .
قلت : ليس بيدي .
قالت : كون افضل صورة لنفسك، كن انت وفقط .
قلت : انا هو انا .
قالت لا تنجرف وراء المشاعر .

(2)
الماضي قذر، سبح في شاطئ الفضيحة، يفوح عفونة، اظنها لا تريد ان تجرحني، لا اخاف الجروح، اعتدت، فقط اخاف حنين اﻹبتعاد، احتاجها بجانبي، ربما لا تود البقاء، فقط انتظر اخراج فيلم رائع، ابطاله خارقون، ربما رشحه النقاد لجائزة الاوسكار، لا اظن، فهي متفهمة، متصالحة مع كل شيء، عن اي أمة واي مجد افكر، اي منطق، كئيبة هذه الحياة، تتلون كالحرباء.
قلت: هل يمكنك الارتباط بصاحب ماض قذر؟
قالت: نعم.. فقط ماذا يريد ان يكون.. سنمضي سويا في الدرب .
قلت: أتغفرين ؟
قالت: بصعوبة.. الثقة تأخذ زمنا لتُبنى، تُهدم في لحظة .
قلت: هل تغيرت نظرتك ؟
قالت: لا ابني نظرتي من شيء واحد.. اﻹنسان مزيج من كل شيء وهذه قمة الجمال. سعيه للأفضل سمو.
قلت: الحياة جميلة معك .
قالت: الحياة اجمل بك .

(6)
ليل الشتاء طويل، الشياطين تتنزه وتلعب الورق داخل رؤس البشر، يكثر عراك القطط، الكلاب الشبقة تتسابق لتفوز بنشوة، الحمر تنهق بلا خجل، الوحدة فيه اكثر الماً وقسوة، يكثر النوم والهروب، تكثر سرقات القلوب والأشياء الجميلة، ﻷننا ننام عن كل شيء، ننام عن المشكلات، عن الاهتمامات، لقد نِمت عن الحرب النفسية الشاذة التي تعزف في مخيلتي، هي من اوقدتها، نِمت عن الاختبارات الصعبة، هي من وضعتها، نِمت عن اﻷحلام الضائعة، ارعبتني، هددتني، استغلت خوفي، هل سأصلي للشتاء كما صليت للقمر؟ ام سأرقص على السطح مثلما رقصت اسفل القاع على انغام الكنارى اﻷزرق؟ حينها سأذوب، اتبخر، أفتقدها كروح لي، أجلس بعيدا على ارصفة النسيان، اقطن هناك، أنزع اشيائي من نملة بيتنا، اعطيها لصرصور، لست صديقه، لكنه يلازمني، سوف لن يضايقني بحكاياته الغبية، سيذهب الى حبيبته ليهديها أشيائي، تلك الحسناء التي تصنع الشاي في آخر الشارع، يمكنني ان أستغل غيابه لمضاجعة بعض الحنين .
.
.
.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجتبى
محمود عمدة هجانة ....
الخرطوم – السودان



.
صورة مفقودة
 
أعلى