عوّاد ناصر - شيء من الإيروتيك

1– حالة فقدان الوزن
كلٌّ لسبب مختلف
إننّي، الآنَ، جدُّ خفيفْ
وفقدتُ رجاحةَ كفّي
ووقارَ الحمارِ الذي يسمُ الشعراءْ،
عندما سالَ ذاك الرضابُ على زهرةِ الرغبةِ الساخنةْ
ارتفعتْ درجاتُ الحرارةِ في جسدِ الكونِ.. حتى صعدتُ لتنحدرينَ
انحدرتُ لكي تصعدينَ،
صعدتُ كثيراً
وأنتِ صعدتِ أقلَّ قليلاً
(لأنّك خائفةٌ مثلما امرأةٌ عاقلةْ)
وأنا شاعرٌ غائبُ الوعي بين صعودِ الوعولِ إلى قمّةِ الحبّ والانحدارِ إلى سُرّةِ المنتهى..
ولأكثرِ من سببِ
إنني، الآن، لا وزن لي...
شاعرٌ عاثرُ الخطو، مرتبكٌ وغبيْ
ولكي يستعيدَ توازنَهُ،
سوفَ يدخلُ ميزانَكِ الذهبيْ.

لندن – الساعة 11.25 - قبيل الجمعة 14 كانون الثاني 2009

***
2- طبيعة الأشياء
ذابَ الثلجُ، الثلجُ الذي غطّى الحديقةَ وبدايةَ النعاسِ
أمطرتِ اللّيلَ كلّهُ فذابَ الثلجُ
وأنا في كوخي الخشبِ
أتأملُ الثلجَ وهو يذوبُ
تأملتُه طويلاً لأكتشفَ
أنّكِ كنتِ تتأملينَ الثلج مرّتينِ:
عند هطولِهِ على العالمِ وعندما يذوبُ تحتَ المطرِ
عاريةٌ في غرفةِ نومِكِ
الستارةُ مفتوحةٌ
خيطٌ أبيضُ يتسلّلُ ليبلغَ سُرّتك
ويسيلُ إلى الأسفلِ
يبلّلُ ذلك المثلّثَ حيث ثمّة شمسٌ صغيرةٌ خلّفها الثلجُ بعد أن ذابَ
نعم، ثمّةَ شمسٌ صغيرةَ،
وعندي موقدٌ مشتعلٌ على حافةِ ثلجِ العالم.

***

3 - .. والأشجارُ بيضاءُ جدّاً
الأشجارُ بيضاءُ جدّاً
لم تعدْ أشجاراً
تماثيلُ من الثلجِ تقفُ مرتجفةً في الحديقة،
الليلُ أبيضُ
يملأُ كأسَ السماءِ
والنبيذُ أحمرُ جدّاُ
على الطاولةِ المغطّاةِ بشرشفِ حريرٍ أخضرَ
قميصُ نومِكِ خريفٌ مبكّرٌ
لكنّ نهديكِ صيفانِ متجاورانِ
بينهما نهرٌ يجري حتى قدميك
قدماكِ مبتلّتانِ الآنَ،
شفتاي مبللتان أيضاً،
صعوداً حتّى الصيفينِ المتجاورينِ
بينما تماثيلُ الثلج تقفُ مرتجفةً في الحديقةِ.

***

4 - في تائك
في تائِكِ،
التأنيثُ فصلٌ في الرواية،
والحوارُ – حوارُنا – يمتدُّ حتى ذُروةِ الشبَقِ العجيبةِ.
نحن توّاقانِ للبوحِ/ التداعي:
قبلةٌ في أيمّا جهةٍ من الجسدِ المعتّقِ،
فازةٌ في آخرِ الممشى،
وطيرٌ خائفٌ في شرفةِ الماضي،
وأحسبُ أنّنا لمّا نزلْ عند ابتداءِ السردِ،
خاتمةُ الحديثِ قصيرةٌ والشخصُ يكتنفُ الروايةَ منذُ حبكتِها
ليمضي بالمصائرِ وفْقَ رغبتِهِ،
وأنت تفنّدينَ مخطّطَ الشخصِ الذي سيكونُ ظلّاً من غُرابٍ في سريرِكِ،
يخنقُ الأزهارَ فوقَ وسادةِ النوم الخفيفِ
شخصٌ ثقيلُ الظلّ يغلقُ لحظةَ الشبّاكِ
خطوته ستربكُ صفنةَ العصفورِ تحتِ قميصكِ،
فاكتبي خصلاتِكِ فوقَ المرايا
واتركيهِ (ذلك الظلَّ الثقيلَ) معلَّقاً كالثوبِ،
وافتتحي صباحَكِ مثلما، في العادةِ، افتتحتْ بناتٌ ينتظرنَ الموعدَ الممنوعَ،
كُوني طفلةً حتى وأنتِ تصبغين الشيبَ في مفترقِ التاريخِ،
واختبئي وراء الباب، مثل قصيدةٍ، كيما نجدكِ،
الآن، أنت وحيدةُ، فلتهئي بحديث إمرأةٍ لإمرأةٍ
على أن الزمانْ..
شكلٌ لما تستفسرُ الشفتانِ عن معنى الكلامِ العاطفيّ
كأنّما قوسٌ من اللّغةِ البعيدةِ يرسمُ الخطواتِ في شبحِ المكانْ
لا شيءَ يرغمُنا على أن نقبلَ الماضي لكي ننساهُ،
لكنّ الرواياتِ الحزينةْ
تروي حكايةَ عاشقٍ في لحظةِ من عَتمةِ اليأسِ الممضِّ إلى مساءِ البنِّ في فنجانِ خلوتِنا،
لأنّك تكتبينَ على الهوامشِ متنَ قبْلاتِ بلا تفسيرَ،
فانتبهي لأنّا.. سوف نبقى عاشقينْ.

لندن – الأربعاء 12 كانون الثاني 2011


.


"23 مارس".. معركة الذاكرة: تفاصيل مقتطفة من تاريخ لم يكتب بعد (الجزء الأول)
In a Village, El Biar, Algeria Frederick Bridgeman
 
أعلى