عاطف عبد العزيز - شريان مفتوح

على ظهرِ بابِ مرحاضٍ رأى برجيت باردو، صورة بالحجمِ الطبيعيِّ للقطّةِ الشرسة، التي ساهمَ بها الفرنسيون في الحربِ الباردة. كانت تتمشّى عاريةً تمامًا في غابةِ بولونيا؛ ذراعاها مرفوعتان إلى ما وراء رأسها، كأنها تلمُّ شعرَها على هيئةِ ذيلِ الحصان، وكانتْ حلمتاها داكنتينِ ومنتصبتين، فقدَّرَ صاحبي أن المرأةَ مستثارةٌ- لابد- من فكرةِ التجرُّدِ الخَلَويّ، وحين لمحَ فردةَ الخلخالِ وحيدةً في قدمها اطمأنَّ لحدسه. كلُّ تفاصيلِ المشهدِ كانت قابلةً للنسيان، عدا اثنتين؛ خيطِ الضوءِ الذي فصلَ ما بين الوركينِ في هذا الوضعِ الحركيّ، وبانَ كمتنفَّسٍ طبيعيٍ للزاويةِ الأكثر ضيقًا في الجسد. ثم.. العانة الحمراء، العانة التي بدت لهبًا ضئيلاً تحت السُرّة.
لهذا.. فالنساءُ اللاتي عبَرْنَ بعد ذلك بفراشهِ خضعنَ للفحص؛ إذ اعتادَ الرجلُ أن يفتحَ النورَ فجأةً، ويرفعَ الغطاءَ عن رفيقتهِ باحثًا عن جمرتها المثلَّثة. غير أن الأيام مرت دون جدوى، إذ أن جميعهنَّ خيَّبْنَ رجاءهُ، وجئنَ خامدات،
أجل جميعهنَّ..
بما في ذلك الشقراء الأوكرانيّة، التي كان قد اصطادها من حانةٍ في بيروت.
أمّا الفُرُوج فكانت مختنقةً تحتَ وطأةِ اللحم، حتى إنه كثيرًا ما كان يُضطَّرُ إلى إجراءِ تنفّسٍ اصطناعيٍّ سريعٍ لإنقاذِ الكائن الضعيف.
كفنَّانٍ مُجرِّب كان لزامًا عليه أن يدبِّرَ الأمر؛ عادَ إلى البيتِ بالفتاةِ الفارعةِ التي تعملُ كموديل في المراسم، وفي آخرِ الغرفةِ أوقفها عاريةً بعد أن أوقدَ المدفأة، ثم مرَّرَ فرْدةَ الخلخالِ بيدهِ في قدمها، وعادَ إلى الوراء.

الأمرُ على غيرِ ما يُرام؛ فالذراعانِ المرفوعتانِ غيرُ قادرتينِ علي انتشالِ الصدرِ الثقيل، وخيطُ الضوءِ كان- تقريبًا- في حكْمِ المستحيل، كما أنه لو باعدَ ما بين الساقين قليلاً فستظهرُ البنتُ في وضعيةٍ مضحكة، ستظهرُ.. كأنها تخطو فوقَ مبخرة.
كانت الموديل قد بدأتْ في الارتعاش، بينما الرسَّامُ المؤرَّقُ ما زال منهمكًا في حلِّ المعضلة،
هكذا.. بدأ يصبغُ العانةَ الداكنةَ بفرشاته، تلك الفرشاة التي بدت لنا من بعيدٍ كأنها مغموسةٌ في شريان.



.
صورة مفقودة

tnana
 
أعلى