منقول - الأدب الأيروتيكي (الجنسي)

يخشى الكثير التطرق إلى الأدب الجنسي (الأيروتيكي) و فنونه و ينكر الأغلبية وجوده ضمن الأدب العربي و الإسلامي. بينما الأدب الأيروتيكي موجود منذ العصور القديمة و جزء لا يتجزأ من أي ثقافة عريقة و يشمل الفكر بشرائعه و عاداته و تراثه و التي تناولها المفكرون في كل أنحاء العالم على مدى العصور.

اندثرت الكتابات و المقالات في هذا الشأن لسبب أو لآخر و لكن التاريخ لا يُكذِب و لا يُكذَب. بحكم العادات و التقاليد المستحدثة يرفض الناس كل ماهو جريء غاضين البصر عن نصوص أدبية شهيرة فدخول العادات و التقاليد على الكتابات جردت الأدب العربي من النوع الأيروتيكي. مؤلفات ومجلدات تكاد أن تكون انعدمت أو منعت ،حرقاً أو تمزيقاً، على الصعيد العربي و الإسلامي و لكنها موجودة في مكتبات أوروبا.

انتشر الأدب الأيروتيكي في عصر الجاهلية (عصر قبل الاسلام)، معلقة امرؤ القيس لم تخلو من الجرأة و الجنس :

ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح = ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ
ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي = فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ
فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها = وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة = فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً = عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ = ولا تُبعديني من جناك المعللِ
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول

و في عصر صدر الإسلام و بعده و لكن من الصعب أن نجد مراجع موثقة لعصر صدر الإسلام ومنعاً للجدل لن نخوض فيها. أما بعد انتهاء فترة الخلفاء الراشدين نستطيع أن نقول أن عصر الزهد قد انتهى خاصة في حكم معاوية و يزيد من بعده. مئات الجواري بالاضافة إلى الأربع زوجات و أعداد مهولة من العبيد و ملكات اليمين لم تكن كافية لاطفاء شهوة الخلفاء و لم يكتفي بعضهم بالجواري فاتجه الى الغلمان.

كتب الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان شعراً يعبر عن رغباته الشاذة :

أدينا مني خليلي = عبدالله من دون الإزار
فلقد أيقنت أني = غير مبعوث لنار..
واتركا من يطلب الج = نة يسعى في خسار

النصوص الأدبية احتوت على كثير من الجرأة و الفحش و يمكن أن نجد هذه في كتابات الجاحظ (كتاب مفاخرة الغلمان) و ابن حزم. و في روايات عديدة مثل “ألف ليلة و ليلة” و مؤلفات السيوطي (نواضر الايك في معرفة النيك) . منها من ينقل واقع معاصر لذلك العصر أو روايات من نسج الخيال.

تطرق الدين الاسلامي الى المعالجات الجنسية و الموضوعية للنكاح فلا حياء في الدين مثل (العقد الفريد، الأغاني) كلها نصوص و أحكام جنسية أي أنها كانت و مازالت من ضمن ثقافتنا العربية و الإسلامية. فلما الخوف منها؟

جاء رجل إلى الفرزدق فقال له:
إني رأيت في المنام كأنك وزنت بحمارك فرجح الحمار بك، فقطع اير الحمار وجعل في استك فرجحت بالحمار وقطع لسانك وجعل باست الحمار فاعتدلتما.
فقال الفرزدق: إن صدقت رؤياك نـ… أمك.

هنا أيضا ما يدل على أن الفكاهة لم تخلو من المقتطفات الجنسية.

جاء في الأثر أن أبا نواس مر على باب مكتب فرأى صبيا حسنا فقال :
- تبارك الله أحسن الخالقين.
فقال الصبي :
- لمثل هذا فليعمل العاملون.
فقال أبونواس :
- نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين.
فقال الصبي الأمرد :
- لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.
فقال أبو نواس :
- اجعل بيني وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا انت مكانا سوى.
فقال الصبي :
- موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى.
فصبر أبو نواس الى يوم الجمعة فلما أتى وجد الصبي يلعب مع الغلمان .
فقال أبو نواس :
- والموفون بعهدهم اذا عاهدوا.
فمشى الصبي مع أبو نواس الى مخدع خفي ، فاستحى أبو نواس أن يقول للصبي نم.
فقال أبو نواس :
- ان الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم .
فقام الصبي وحل سراويله وقال :
- اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها.
فركب أبو نواس على الصبي . فأوجعه.
فقال الصبي :
- إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.
وكان قريبا منهم شيخ يسمع كلام الصبي وأبو نواس ويرى ما يفعلون.
فقال يخاطب أبو نواس :
- فكلوا منها واطعموا البائس الفقير .
فقال الصبي :
- لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

أبو نواس يعتبر عميد الأدب الايروتيكي العربي والنص السابق ليس بالضرورة أن يكون معناه ان أبو نواس لديه ميول شاذة ولكن كانت الجرأة في ذلك العصر منتشرة في الكتابات والقصص لا عيب فيها.

تقدم ثمامة العوفي امرأة فسألت عن مهنته فكتب إليها:

و سائلة ماحرفتي؟ قلت: حرفتي = مقارعة الأبطال في كل مأزق.
وضربي طلى الأبطال بالسيف معلما.. = إذا زحف الصفان تحت الخوافق
فلما قرأت الشعر، قالت للرسول:
- فديتك، أنت أسد فاطلب لبوة، فإني ظبية أحتاج إلى غزال.

الآن بعد استعراض عدة نصوص وكتابات وبالبحث سيظهر الكثير والكثير وتظهر العديد من التساؤلات والانتقادات ولكن يبقى التاريخ تاريخا والجهل جهلاً. السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا اختفى هذا النوع من الأدب والنصوص من الكتابات العربية؟ هل خوف من انحلال المجتمع العربي أم خوف من معرفة حقائق الحياة القديمة و تفاصيلها الجنسية؟ هل الخوف من التحرر في نظر البعض انحلال؟ الاجابة بداخلنا ولكن تأبى أن تخرج والسبب أننا مجتمعات عربية محافظة ( نحافظ على الأخلاق علناً ننتهكها سراً) الخوف الذي يراودنا من معرفة تاريخنا كحلم مزعج يطارد نومنا ليلاً.

تظل علاقة الإنسان بجسده علاقة شرعية مباحة لا يخدشها شيء، هكذا تعامل الأولين مع الفكر والأدب.


.
 
أعلى