وائل شعبو - غريبة أيتها الأنوثة، لماذا لست شاعرة بك؟

نحن المحجَّبة قلوبنا وعقولنا
كالعورات
تنقصنا باقي الأنوثة كلها
لنروض ما بقي من تاريخ .

فالسؤال الحقيقي كم تحتاج المرأة من زمن لإعادة صياغة الحياة بشكل متوازن بينها وبين إرادة الاقتدار للذكورة المتجبرة على أنوثتها؟ والتي أخضعها ويخضعها الرجل بها عبر تاريخ من الدونية أداره بقوة عضلاته وعضلات عقله، أو لنعد صياغة السؤال: إلى ما تحتاج المرأة كي يكون لإنوثتها دور مواز مع الرجل وذكورته؟ تستطيع فيه أن تحقق ماهية أنوثتها الحقيقية المنفلتة عن سيطرة وبرمجة ذكورة الرجل، لقد احتج مرة نزار قباني على امرأة تطالبه بمزيد من المواقف المتعاطفة معها في صراعها لتتخلص من تسلط الرجل، فأجابها وماذا تفعلن أنتن ؟ والحقيقة لا يمكننا أن ننكر دور عضلات الرجل التي هي أسّه البيولوجي الذي يحميه ويحمي امرأته من جبروت الطبيعة، ومساهمة هذه العضلات في ترسيخ ذكورته على اعتبارها حامياً له و لامرأته، فتتوجب طاعته منها، وبأن هذه القوة أسهمت من جهة أخرى في تنمية عضلاته العقلية ليجد حلولاً لمعيشتهما، ولكن أيضاً هذه العضلية الجسدية/العقلية كان لها دور سلبي استبدادي على طبيعة المرأة العقلية – بل وعلى الحياة - التي بطبيعتها لا تملك القوة الجسدية فظل تفكيرها رهناً بتفكير الرجل وذكورته فرضخت المرأة له تاريخياً على المستويين الجسدي والعقلي، ورغم هذا التاريخ من الهيمنة عبر مؤسسات الذكورة التاريخية التي أنشأها بعضلات جسده وعقله بقيت المرأة محافظة على منطقتها الخاصة الكامنة في أنوثتها البيولوجية الغيرعضلية، فلم تستطع سلطة الرجل الذكورية أن تلغيها وإن طغت عليها وأضعفتها، ففي هذه المنطقة تكمن قوة المرأة الحقيقية، حيث العاطفية والوجدانية المتفجرة كجزء أهم في أنوثتها لا تستطيع أي قوة أن تلغيها، وحيث ظلت المرأة محافظة فيها على الأنوثة الحقيقية، فلم تستطع تشويهها الأنوثة المفروضة عليها، هذه العاطفية الوجدانية لها أساسها البيولوجي كما قلنا، فتجربة الأمومة كتجربة عاطفية جسدية لا يحلم - ولا يتمنى الرجل رغم عضلاته- أن يعيشها هي قوام الأنوثة، فهكذا تجربة بما فيها من رقة فطرية والتي يعتقد إله اليهود أنه عاقبها بها هي من تدعم تفوقها العاطفي الوجداني على الرجل، وإذا ما أضفنا تجربة الحب وما تعطيها بالعموم من أفضلية جنسية وعاطفية لها فإن هاتين التجربتين على اعتبارهما من أعظم التجارب التي يخوضها الإنسان في وجوده يمكن أن تجعل تلك المنطقة الحميمية بانفعاليتها منطلقاً للتمرد على السلطة القهرية للذكر، وعلى اعتبار أن هذه الحميمية الإنفعالية لا يمكن أن تجد مجالها الحيوي في حقول معرفية تحتاج إلى عضلات عقلية مثل السياسة والفلسفة وغيرها تجاري الرجل بها - طبعاً متفقون على موضوع العضلي الجسماني - لتستخدمها سلاحاً في تلك المجابهة، فإن الفن وخصوصاً الشعر بكمِّه البسيط وكيفه الذي كلما تبًّسَط أكثر تجمل أكثر، وبما يحمله من مقدرة على بث العواطف من خلال اللعب المجازي سيكون أكثر جدوى لقربه من طبيعة المرأة الحدسية وأنوثتها الفطرية، ولأنه ذو طبيعة ثورية ناعمة تمكنه من التجاوب مع رغبة المرأة في تحرير أنوثتها من الأنثوية الدونية القلقة التي تفرضها ذكورية الرجل، وبهذا السلاح المناسب لمشكلتها ولمقدرتها يمكنها أن تنقذ الجميل منها ومنه بالجميل نفسه دون خسائر أو حتى صدام، فليس أنزه وأجمل من الشعر (الفن) لإنقاذ الأنوثة من تحجر الذكورة السلفي أو الإباحي ووليس أقدر منه على الكشف عن طاقاتها التي قُمعت كثيراً عبر تاريخ الإنسان، علها بذلك تكون سنداً لتحل الإنسانية المشاكل التي أوجدها الذكر بقوته العضلية والعقلية، والتي يكون ضحاياها الأكبر من النساء والأطفال، حيث لا حول ولا قوة لهم في مواجهة ذكورية أفراد قطعانهم، وذكورية القطعان الأخرى، التي تتنافس في ما بينها وبشكل همجي على السيطرة المادية بحجة عقائد الحضارة والسلام من وجهة نظر ذكورية خالصة، طبعاً الشعر يمكن أن ينقذ الرجل من ذكورته التاريخة النرجسية، ولكن تبقى حاجة المرأة له أكثر وهوالسلاح الأجمل لإنقاذ أنوثتها من ذكرنَتِها قبل انقاذها من الذكورة نفسها .

ربما تكون فكرة أن تبدأ النساء جميعهن بجعل الشعر كما أجسادهن وعواطفهن سلاحهن الناعم القاهر للتسلط الذكوري ليتحررن به من كبتهن وتسطيحهن هي فكرة مستحيلة لكن على الأقل هي فكرة خيالية أخرى يمكن التمتع بها .

وائل شعبو
 
أعلى