وليد هرمز - مَراقي الجُمَّار

لاتتَّكِئ على نهركَ الأول.
مُهْرتُكَ لا تغتسِلُ بماءِ المبتدأ.
مُهْرتُكَ منذورةٌ لمناماتِ تفاحتكَ
التي سقطت في جُبِّ الجاذبية
مطمئنة إلى مقصدِها.
سكونُ خيالِكَ لم يستيقظْ بَعْدُ.
شُمَّ يديَكَ الصغيرتين،
كم فرَكْتَ بهما أوراقَ اليوكالبتوس.
)فلاَّحاتُ نهَر خوز يسمينها شجرة القلم طوز!.)
رائحةُ المنثول تُجْفِلُ رغبتَكَ.
غِرْيَنِ أنفاسكَ،
لايغسلها نَثيثٌ ذابلٌ من
مساءاتِ الأقحوان.

أنتَ المُتشبِّثَ بقميصِ الطميِ ومن حولِكَ مَراكِبُ تُحاصِرُكَ بسيرةِ المَلْهاة. كأنَّ على كتِفيكَ أنينَ الكمنجاتِ مخبَّأةً بينَ دفات حاسَّتِكَ العاشرة. قلْبُكَ فليِّنةٌ تَقفزُ من قصبة الشِّصِّ كلَّما أرْخَيْتَ نصلَ يدِكَ اليُمنى سهواً تُسلِّمُ على العابرين بمراكِبِ الطَّيْفِ، ويدكَ الأُخرى على صدرِكَ اليَسار. وعلى طرفِ لِسانكَ تتلوى الأسئلة: إلى أينَ هُمُ ذاهبون؟


وحدَهُم الغُرباءُ،
في مراكِبٍ بزعانِفِها المسعورة
يتركونَ زَبَدَ آثارِهم
على جُرْفِكَ الذي ينزفُ
صَلْصالهُ فوقَ ثرثرةِ المدِّ .
وحدَها قصبتُكَ
تنغرِزُ بشهيَّةٍ في عذوبةِ الجَّزْرِ.
تَمرَّنْ على التجذيفِ بها ليومِ الشدَّة.

وحدها فلِّينتُكَ تشربُ الموجَ
وتعتَصِمُ بين الصخور.

ستمرُّ الأمواجُ على هذيانِ خطاكَ وهي تُهرولُ ككلبٍ نسي سيَّدهُ عند بابِ 'التَنُّومَة'، الذي خرَّمهُ الرَّصاص، وجسرُ الضفتينِ مقصومُ الظهرِ، مُثقلٌ بالمذابِحِ وبَطشِ البَساطير. السيولُ جائعةٌ تنهشُ الجُروفَ بشهيةِ الدمِ الرَّخيصِ. و'تل ـ نُوْمَة'، منفطِرُ الخاصرةِ يفتقدُ 'نُوْمة' بائعةَ الشَّاي المُخدَّرَ على حطبٍ جائِعٍ يُقهقِهُ عالياً على أمِّهِ النَّارِ. ماتتْ 'نومة' بحسرةٍ طريَّةٍ بعد أن تكتَّمتْ على توبيخِ الجُوعِ لها.

سيندَلَقُ ماءُ قلبِكَ،
ساخناً، في فجرٍ أزرقَ
على كفِّ الوردة.

قِطافُكَ نصفُ نيِّئٍ،
يستَمْلِحُ البُخارَ المتدفِّقَ
من قِشْدةِ الجُمَّار.

ظهْرُكَ جسرٌ،
فيا أيائِلُ اعبري وسط
زحمة العابرين غرْباً،
فليسَ وراءكِ غير هذا الحصار الملعون.

حاصِرْ بوصلتكَ،
لاتدعها نائمة في جيب سترتك الصيفيةِ.
الوقتُ في ذمَّتهِ قسمُ العصافيرِ،
وهي تطوي قلقها تحتَ أجنحتِها
المعاطِفِ.



العشَّاق، مِثْلُكَ
لايتكئون
إلاَّ على أكتافِ الهذيانِ.

مثلكَ،
العاشقاتُ لايفاوضْنَ الوقتَ
الذي يحشرهنَّ في عربات الأُنوثةِ،
فيغتسِلْن في ينابيعِ المُتعةِ.

ومثلكَ، العاشقاتِ
لايثقنَ بالنَّهي عن النَّشوةِ.

ومثلك، العشَّاق
ينشدونَ المُنكرَ
في لعثماتِ القيظِ.

ومثلك،
يناشدون النهر أن يسوطَ مجراهُ بعيداً
عن مشيئةِ النخلِ المرتبكِ من أعشاشِ العقاعقِ،
التي تحرسُ الرطَبَ الجنِّيِ حتى النضوجِ.

غوتنبورغ ـ يوليو ـ تموز 2012
شاعر من العراق


.

http://www.alawan.org/IMG/arton9069.jpg
 
أعلى