عبد الرزاق بوكبة - جناح لعسل النّص

تلسعُك نحلة النصّ، وكل الواقع يـُجهض تلك اللحظةَ، (جنسَك المقدّس):
عند الصّباح/ عيطة صاحب النزل: أخْلِ الغرفة.
عند المخرج/ دبيب الأشباه والأضداد: أين قبّعتك؟
عند الغداء/ كلّ السّندوتشات تدخل قاعة التحرير، ما عدا
واحدًا هو لك.
عند الظهر/ يستدعيك المدير: مقالك بالعربية الفصحى، دعه بالعربية فقط.
عند العصر/ تنهي الترجمة.
بعد العصر/ تشتمك زميلة لأنك كفء في الحالتين.
عند المغرب/ تُلْهِب وجبتك الأولى: زدني قليلًا من اللّوبياء.
عند مدخل النزل/ عيطة صاحبه أيضًا: أطفئ المصباح باكرًا.

تدخل الغرفة منهارًا على ما يشبه سرير/ تنتبه إلى عقلك، فتشرع في التفكير من رجليك، وتأتي صاعدًا مثل موت النصارى.*

سؤال الرّجلين: لو كان المشي بالأجرة، هل كنت ستشتري أحذية لكلّ الحفاة؟
سؤال السّاقين: هل المداد الذي تكتب به، يصبّ في هذه الشرايين؟!
سؤال الرّكبتين: ما قطر دولة الجزائر العاصمة؟!
سؤال الفخذين: ما لون العياء؟!
سؤال الحوض: فقط، لأنك كفء سبّتك الزميلة؟
سؤال البطن: هل أعجبتك اللوبياء؟
سؤال الصدر: كم حاطبةً تكفي هذه الغابةُ؟!
سؤال الرّقبة: متى تتخلّص من عاهة الالتفات؟
سؤال الرّأس: هل تعود نحلة النصّ؟!
وتلسعك نحلة النصّ...

لا تصدّقُ عودتها/ تغلق النّقال لتصبح نادرًا/ تلتقط ورقة وقلمًا وتسيخ في العسل/ تخرطك الزميلة التي شتمتك في العمل، لأنك كفء، عادة ما تقيس نجاحك المعنوي بمثل هذه المواقف/ صمتَّ حينها، والآن تقول لها في الخيال:

(تعالي...

لن أضربك/ شتيمة الأنثى تفّاحة الرّجل/ تحريض إضافي على الجسد/ منذ صباي وأنا أبخل بنقوديَ على الفاكهة، وأصرف على النساء/ حتى بتّ أرى النساء أشجارًا، أحيانًا أرفض إحداهن، فقط لأنني رأيتها موزة، وأنا أكره الموز/ اسأليني كيف أراك؟/ تعالي... لا تخافي أنا لا أضرب من أراها زيتونة، حتى وإن شتمتني/ جدّتي علّمتني ألا أردّ على الشتائم تحت زيتونة/ هكذا حدَّثتها جدّتها عن جدّتها عن حوّاء/ من أهداك هذا الجسد؟!/ لابدّ أنك من طينة جيّدة، ففقيه قريتنا قال: أخذ سيدي ربي من كل تربة طينةً وعجن آدم، فإن كانت نطفتك من طين جيّد، وإن كانت نطفتك من طين قبيح/ وأنت لابد أن طينتك جيّدة/ أرني أشُفْ: والله أنت جميلة/ أنا أعرف النساء والأشجار جيّدا، وأقول لك: هل رأيت جسدًا مثل هذا؟/ شوفي المرآة/ وإلا أقول لك: لا تشوفي المرآة...حكّميني أنا/ أقسم بالله العظيم إنني سأقول الحقيقة، رغم أنك شتمتني في العمل أمام الزملاء، وفيهم أعضاء في اتحاد الكتّاب الجزائريين، سأقول الحقيقة: أنت فعلًا رائعة...).

تجذبها إليك بقوة ثور/ يستقرّ الصّدر على الصّدر/ والعين في العين، والحوض على الحوض وشفتاها ترقصان مثلما الطفل يغضب/ تتوقّع شتيمة (كما في الصّباح)/ تهيّئ نفسك لعدم الردّ عليها (كما في الصّباح أيضًا) وتحدث المفاجأة:

يهاجمك فمُها، فتقطع لحظة التهيّؤ الأولى، وتصيح فيها: "انتظري"/ كنتَ تظنّ أنها ترغب في عضّك انتقامًا/ فتسحب الحوض من الحوض احترازًا/ تمسك رأسها بين يديك في هيئة من يريد أن يصرع خصمًا، فتصيح فيك: "أحبّك"/ تُفاجَأ يداك بالكلمة، فترتخيان ليسقط فمها في فمك/ انزاحت صورتها من الزيتونة إلى النخلة، بفعل رُطَب القبلات اللّحيمة/ هبطتَّ إلى العنق والأذنين/ هل تريد أن تُشعلها أكثر؟/ امرأة تكرهك ثم تحبّك، امرأة لا تنطفئ شهوتها، فذوات الأنوثة الفائضة، يختبرن الذكور بالاحتقار/ تعرّيها قطعةً... قطعة/ تتشمّم القطع كأنك لا تريد أن تُفْلت منها شيئًا/لم يبق إلا الحذاء و السوتيان/ لا بدّ أن يبقى مكان غامض في الجسد، وإلا تحوّل إلى تمثال/ تعيش حيرة الصّائم من أين يبدأ، فترفع هي عنك أحمالَ الحيرة، بتشغيل خبرتها مع ذكَر لا يُمانع/ تحدث المفاجأة: تُصحيك عيطة صاحب النزل، على قلم مهروس في قبضتك اليسرى، وورقة كنت أفرغتَ فيها منيًّا وفيرًا.

_________________________________________________________
*يعتقد الجزائريون أن الموت يبدأ لدى المسلمين من الرأس بينما يبدأ لدى النصارى من الأرجل.

*****

* أوكسجين
 
أعلى