حامد خضير الشمري - عاصمة النساء

لي درة في شغاف القلب غافية
إن غادرته فماذا بعدها أجد
بكيتها قبل أن تنأى وواعجبا
من أدمع كاد منها الثلج يتقد
إذا تهادت تراءى الكون أغنية
وأزهد الخلق في محرابها سجدوا
تحفها أينما حلت ملائكة
لأنها عن بنات الوحي تنفرد
أهفو إليها بصمت كي أعانقها
كما يعانق جوعاً ظبية ً أسد
حتى إذا اقتربت أنفاسنا شغفا
وقفت في روضها القدسي أرتعد
ترنو إلى ظلها روحي لتلثمه
وما دنت شفة مني لها ويد
لقد جنى القلب من حرمانها نِعَما
لم يحظ َ مثلي بها بين الورى أحد
قد أصبحت لنساء الأرض عاصمة
لأن في كنهها الأقدار تتحد
نسيت فيها ومنها كل إمرأة
ولم أعد بسواها بعد أعتقد
قل أن ملهمتي في الكون واحدة
يأتي من الملأ الأعلى لها مدد
قد فاقت الحور طرا في مفاتنها
ولم يُحِط أبدا آلاءها عدد
ترتد عنها عصا موسى إذا بزغت
ويركع السحر أو يُرقى بها الحسد
لو أنها أرسلت ما أشركت أمم
ولو تراءت لأهل الكهف ما رقدوا
قد أسكر الخمرَ شهدٌ سال من فمها
وخط َّ في الريح نقشا صوتها الغرد
أغض طرفي حياء حين أبصرها
فلا أحدق إلا حين تبتعد
روحان فيها فلا تبدو لرقـتها
فقد تسامى بها حتى اختفى الجسد
من سدرة المنتهى فرع يظللها
والعالمون بإعجازاتها شهدوا
تجري الرياح رخاء حيث تأمرها
ولو مشت فوق وجه الماء ينجمد
عيطاء ما أمطرت أعذاقها رطبا
حتى رأتني إلى أفيائها أرد
أحببتها لم تكن في ناظري امرأة
بل آية مثلها الأرحام لا تلد
إن مر في خاطري من طيفها عبق
أرى قوافل ورد فيَّ تحتشد
ذرفت في ربعها دمعي دما ولظىً
ورحت أبطئ في خطوي وأتئد
لعل فيه ترابا من مواطئها
أو نفحة من شذا أنفاسها تفد
لو صرت في جنة الفردوس ما رغبت
نفسي سواها ففي أحضانها الرغد
أكننتها وسط روحي خير لؤلؤة
ومَن سواها هباء ثم أو زبَد
قد أوثقـتني أسيرا في محبتها
وإن عتقيَ يأتي قبله الأبد
أجنني الحب حتى صرت أعقلهم
ولو عقلت تناءى عني الرشَد
أنا الغرام أنا للحب مبتدأ
والعاشقون على كتفيَّ قد صعدوا
لم يغرني وهي في عينيَّ ماثلة
يومٌ يحلُّ وأمسٌ آفلٌ وغد
قد ذبتُ في حبها حدَّ الفناء ومن
يفنَ اشتياقا يكنْ خير الألى عبدوا




.
 
أعلى