ياسر يونس - مفسر القرآن صاحب الكتب الماجنة

عجيب أمر أولئك السدنة والكهان الذين يفرضون وصايتهم على الناس غصباً ووفقاً لأهوائهم ضاربين عرض الحائط بالمنطق والعقل وخالطين للأوراق دائماً وغارقين في التناقض باستمرار.

فنجدهم يصادرون رواية هنا وكتاباً هناك ويفرقون بين أستاذ جامعي وامرأته ويطالبون بسحب جائزة الدولة من مفكر كبير وكل هذا لا لشىء لا لأنه يخالفهم الرأي أو يكشف دوافعهم أو يؤصل لخطابهم بأسلوب علمي رصين.

ولهؤلاء السدنة أهدي هذه المقلة علها تثير فيهم الرغبة في التفكير أو تخفف من غلوائهم.

وأعرف أن هذه المقالة قد تبدو غريبة على البعض أو تفاجىء البعض مفاجأة غير سارة أو تثير غضب البعض ولكنها مقالة مؤسسة على المراجع المعتبرة وهدفها إظهار التناقض الصارخ في موقفهم التقديسي من التراث أياً كان محتوى النص المعني.

وأنا هنا أتحدث عن العلامة جلال الدين السيوطي صاحب تفسير الجلالين ( مع جلال الدين المحلي ) الغني عن التعريف وصاحب عدد كبير من المؤلفات يقال إنه زاد على تسعمائة مؤلف في التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع، منها الإتقان في علوم القرآن والحاوي للفتاوى والجامع الكبير.

ولكن ما لا يعرفه أو ما يتجاهله الكثيرون هو أن له مؤلفات أخرى في ميدان آخر هو الجنس ولكنها ليست مؤلفات علمية بل هي مؤلفات أقرب إلى المجون والفحش منها إلى أي شيء آخر.

ولا أعتقد أن أحداً ممن طارده سدنة عصرنا هذا وصادروا أو حاولوا أن يصادروا مؤلفاته قد تجرأ على الأخلاق والثوابت حسب منظورهم كما تجرأ عليها العلامة جلال الدين السيوطي. بل إن معظم هؤلاء الكتاب المطاردين لم يتجرأ عليها من الأصل.

ومن هذه المؤلفات الجنسية "الوشاح في فوائد النكاح" و"نواضر الأيك في معرفة النيـ..... " و"نزهة العمر في التفضيل بين البيض والسمر" .

وللتوضيح أورد هنا بعض النصوص من كتابه "نواضر الأيك في معرفة النيـ....." :

" مراتب لذات الدنيا اثنتان: النساء وركوب الخيل"

كان هذا هو تعريف السيوطي لدرجات لذات الدنيا.

" فصل في أنواع الوطء
استلقاء المرأة وعلو الرجل عليها:
ويكون وركها منصوباً ما أمكن وليس في الحيوان من يطأ على هذا الشكل سوى الإنسان والقنفذ"

وفي موضع آخر ينصح من تريد من النساء أن تظفر من الرجل باللذة بأن "تدنو منه فاتحة فاها بعض الفتح كأنها ثملت" .

الواقع أنني بذلت جهداً شديداً كي أقتبس من هذه الكتب هذه العبارات لأنها من بين أقل ما جاء فيه فحشاً كي تصلح للنشر ومع ذلك فلا أرى أن هذه النصوص يمكن أن يكتبها إلا شخص ماجن لديه هوس بالجنس ويمكن بالمصطلح العصري أن تندرج ضمن ما يسمى بكتابات البورنو المحظورة في بلادنا والتي لا تباع في الغرب إلا لمن هم فوق سن الثامنة عشرة.

والواقع أن هذا الكلام لو صدر عن أديب مثل أبي الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني لكان ذلك مفهوماً ولاعتبرناها أدباً حسب تقاليد العصر الذي ألف فيه، ولكن أن يصدر هذا الكلام عن فقيه ومفسر فهو الأمر الذي لا يقره منطق، بل أن أبا الفرج الأصفهاني لم يذهب إلى الحد الذي ذهب إليه العلامة جلال الدين السيوطي في كتابه المذكور.

وتكون المعضلة أكبر لو طالبناهم بتطبيق علم الرجال والجرح والتعديل على العلامة السيوطي حيث ستكون النتيجة مفاجأة من العيار الثقيل فلا أظن أنه سيجيء عدلاً ولا من الثقات ولا أظن أنه سيوصف عندئذ بالعلامة الورع.

أما المفاجأة الكبرى فهي أن للسيوطي كتاباً آخر بعنوان "رشف الزلال من السحر الحلال" وهو عبارة عن مقامة قصها على لسان رواية باسم أبي الدر النفيس بن أبي إدريس الذي خرج يعظ الناس وينفرهم من اللواط وقد استخدم فيها مصطلحات العلوم في الوصف والخطير أنه استخدم ضمن ذلك مصطلحات قرآنية ومصطلحات تلاوة في وصف العلاقة بين الرجل والمرأة حيث قال على لسان المقريء:

"ثم استوينا على العرش وجلسنا على الفرش وكشفت عنها"

"ثم مددتها باللين واستعملت التسهيل والتليين" .

لا أظن أن كاتباً مسلماً كان أم غير مسلم ممن صودرت كتبهم وطاردتهم دعوة الحسبة قد جرؤ وكتب مثل هذا الكلام ولا حتى خطر على ذهنه.

إن التناقض الذي نراه في مؤلفات السيوطي بين الفقه والمجون هو ذاته التناقض الذي نراه في أفعال الموظف المرتشي ولكنه حريص على الصوم والصلاة في وهو نفسه التناقض الذي رأيناه عندما رفعت دعوى الحسبة ضد الرجل نفسه الذي رفع دعوى الحسبة على الدكتور نصر حامد أبي زيد.

وهو ذاته التناقض الذي جمع بين الإخوان المسلمين وبين بعض الناصريين واليساريين بل وأحد كتاب الأغاني الهابطة في الحملة التي شُنت على الدكتور سيد القمني.

وأخيراً فإن من يقدسون كتابات السيوطي وغيره تجدهم يرغون ويزبدون ويشهرون سيوفهم وأقلامهم إذا نقلت من كتب هؤلاء ما لا يوافق هواهم أو ما يكشف ما لا يريدون له أن ينكشف.
 
أعلى