زينب المشاط - العلاقة الزوجية الناجحة ضمن حدود السرير

" توجهت مسرعة بعد ليلتي الأولى التي شاركتهُ خلالها السرير، إلى الحمام مُتقيئةً ما بجوفي، كان جسدي البارد يرتجف، يبحثُ عن ذراعين تطوقانه، وروحي تبحث عمّن يهمس إليها بحب، بدفء، بينما كان هو يغط بنومه، بعد أن إنتهى مني تماماً."
رحيق المغمضة العينين كانت تتحدث،
وقد بدأت الدموع تسيل من بين جفنيها، خلال الجلسة التي كُنت احضرها أنا وأربع نساءٍ أُخريات لدى طبيبة نفسية تدعى شيماء، والتي كانت تقيم مثل جلسات العلاج الجماعية النسوية هذه ليتشاركن الحاضرات مشاكلهن ويناقشنها.
أكملت رحيق حديثها " منذ الليلة الأولى راودني قلق رهيب، هذا الرجل الذي احببته، وقبلته ليشاركني حياتي، بعد المعاشرة الأولى أصبح بيت همومي، حاولت ان اطمئن ذاتي قائلةً أنها الليلة الاولى وأننا لم نعتد هذه التجربة بعد، فاستحممت وذهبت الى سريري، إلا أن كل ما عانيته في ليلتي الاولى معه صرت أعانيه الأمريّن في ليالٍ تالية."
"أحياناً نظُن أن الحب كافٍ لنختار من خلاله شريكنا، ولكن العلاقة الزوجية لاتعتمد على مشاعر الحب فقط، فعلاقة الرجل والمرأة ضمن حدود السرير هي أساس الرضا في العلاقة الزوجية، وإن لم يعط كل منهما حق الآخر سيفشل هذا الزواج وإن كان الزوجان عاشقين، سيذبل العشق وينتهي بسهولة." هديل احدى المشاركات في جلسة العلاج تلك قالت كلماتها، محاولة مساعدة رحيق لفهم ما تشعر به.
" كلام سليم يا هديل... هذا بالضبط ما أردت قوله لكِ عزيزتي رحيق، الرجل الذي يغفو بعد الدقائق الاولى من إنهاء المعاشرة، دون ان يحتوي شريكته، والذي لا يُفكر سوى برغباته خلال العلاقة الزوجية سيكون مأساتكِ الأبدية، فالعلاقة الزوجية مبنية على رضا الطرفين." علقت د.شيماء بموضوعية على كلام هديل
"رحيق تذكرني بمأساتي خلال زيجاتي الثلاث" ضحكت أمل ضحكتها المشبوهة تلك، وقد أخرجت سيكارة من حمالتها الصدرية، وضعتها بين طرفي شفتيها واشعلتها، ثم أخذت نفساً عميقاً من الدخان، وطرحته من منخارها وفمها، متأملةً " أغلب الرجال، وعلى الأقل اؤلئك الثلاثة الذين تزوجتهم وهربت منهم الواحد تلو الاخر، جميعهم أتبعوا ذات الطريقة التي اكرهها في معاشرتي، تخيلن معي كم كان أؤلئك الوحوش شغوفين بمعاشرتي من الخلف، رغم أني كنت احذر كل منهم أن هذه المسألة مخطوءة صحيا، ودينياً ايضا."
نظرت أمل الينا، وقد مُحدقة، وقالت وكأنها سترمي قنبلة في المكان " أتعلمن أحدهم كان شغوفا بوضع عضوه في فمي، وهذا الأمر كان يشعرني بالقرف."
ضحكت الدكتورة شيماء وسألت امل " طيب.. ألم تكن لكِ رغبة بأن يضع عضوكِ بين شفتيه؟" أجابت امل وبدا صوتها أعلى مما ينبغي " بالطبع، هنالك فرق بين أن يضع الرجل عضو المرأة بين شفتيه، وأن يضع هو عضوه بين شفتيها، مشكلتنا يا دكتورة اننا لا نملك ثقافة للتعامل مع الجسد والجنس، سابقاً كُنت اقرأ بعض الروايات لكاتب يدعا يوسا، وقد تعلمت من رواياته الثلاث " امتداح الخالة، ودفاتر دون ريغو بيرتو، وشيطنات الطفلة الخبيثة" أن من الطبيعي ان ينحني الرجل لعضو المرأة ويقبله، ويتعبده ويلعقه، ذلك أن عضوها يمثل منبع الحياة، ورمز الخليقة والانسانية، ولم يُشر الكاتب في رواياته الثلاث إلى أن هنالك أمرأة وضعت عضو رجل في فمها، ذلك أن هذا الاخير أشبه بمهانة واذلال للمرأة."
أطلقت نسرين صرخة كمن وجد ضالته وقالت " نعم كلام أمل صحيح، ففي قصة " او" لبولين رياج، كانت الكاتبة تشير كثيراً إلى انه بطلة قصتها العاهرة تضطر لوضع اعضاء الرجال في فمها واصفة العملية بمنتهى المهانة والاذلال."
خالفت نسرين قواعد الجلسة المتفق عليها من خلال مقاطعتها لأمل، واستمرت بمخالفتها، حيث وقفت متوسطة الجلسة وقالت" نحن مجتمع عاشق للجنس ياعزيزاتي، إلا أننا نخشى ان نتحدث عنه أو نتثقف جنسيا، وحين يخبرنا أحدهم بأن الجنس ثقافة تُدرس، نقع ضاحكين، ونقول ألم يُخلفنا أباؤنا واجدادنا دون دراسة هذه الثقافة؟."
بهدوئها المتعالي والمعتاد قالت د. شيماء" كلامك صحيح يانسرين، ولكن حافظي على قواعد الجلسة من فضلك." واضافت" مشكلتكُن يا فتيات هي المجتمع، والعيب، والمحرم، الذي تربينا عليه في هذا المجتمع، فالعاشقة لا تسأل معشوقها عن أسلوبه في معاملة جسدها، وهو كذلك لا يشاركها الحديث عن رغباتهما السريرية والسرية، وحتى في مرحلة الخطوبة الطرفين الذكر والانثى لا يتحدثان في أمر كهذا ليكونا على بيّنة من رغبات وميول كل منهما السرية والسريرية لهذا تقع الكثير من المشاكل بعد الزواج والتي يكون المتسبب الاول والاخير فيها هو الجسد والجنس."
"نعم، نعم... يتوجب على كلّ منا أن يحدث شريكه قبل الارتباط، ولكني يا شيماء حدثت زوجي قبل ارتباطنا، إلا أنه خبأ عني انه شخصية مازوشية، هذا الرجل يعشق أن اضربه، واهينه اثناء المعاشرة، وانعته بكلمات مبتذلة واوبخه ايضا لفضيا، وأعنفه جسديا، في حين يكون هو خاضع لي ومستمتع بذلك تماما، أنا لا اشعر أبدا اني أعاشر رجلا، بدأت اكرهه." فاجأتنا نسرين بما قالته عن زوجها.
" هذا نوع آخر من المشاكل وهي الميول السادية والمازوشية، فبعض النساء يكُنّ ذوات ميول سادية في التعامل الجنسي والجسدي، وكذلك هذا ما يتصف به بعض الرجال، والبعض الاخر على العكس تماما، تكون ميولهم مازوشية." قالت د. شيماء جملتها تلك ثم توجهت بحديثها لأمل" عزيزتي أمل هذا النوع من التعامل الجنسي أشارت له بولين رياج في روايتها " قصة أو" أليس كذلك." تحدثت د. شيماء بطريقتها المُتكلفة التي لا أرى من خلالها أي مبادرة في مساعدتنا كنساء منخورات ومضطهدات جنسيا وجسديا ونفسيا، إلا أنها ابتسمت لاحقاً وقالت " سأخبركُن بأمر ما، حين كُنت طالبة في الجامعة جاء أحدهم وسألني ما اذا كنت ارغب بالزواج به أم لا، كان هذا الرجل رقيقاً جدا في حديثه وطباعه ايضا، حتى أن بعض الزملاء الذكور يسخرون منه ويشبهونه بالاناث، وقال لي هذا الشاب بانه معجب بشخصيتي القوية، فهو بحاجة لان تكون شريكته بهذه الشخصية وخصوصا في العلاقة الزوجية، وذكر هذا الشاب أنه قد زار طبيبا نفسيا وأخبره انه ذو ميول جنسية مازوشية، ولهذا طلب الزواج بي ظناً منه أن شخصيتي القوية ستنعكس على علاقتي الزوجية به فيما بعد لأكون ذات ميول جنسة سادية، لا اخفيكن سراً رفضت طلبه بتخوف وعدم رغبة، فهنالك نسبة من السادية الطبيعية في كل ذكر والمازوشية الطبيعية في كل انثى، لهذا تحب الانثى ان يكون الرجل هو المسيطر الاكبر في جميع تفاصيل حياتها وحين تصبح هذه الميول "اي السادية والمازوشية" زائدة عن حدها فهذا يعني أن الفرد يعاني مرضا نفسيا ما."
العلاقة الزوجية ضمن حدود السرير مهمة جداً ليكون الزواج ناجحا، ولكي نحقق هذا نحن بحاجة إلى إطلاع تام على موضوعة الثقافة الجنسية، ولكن ما يؤسف هو أننا نخجل ونحذر ونخشى مناقشة هذا الموضوع او الحديث عنه بسبب المحظورات الثلاث " العيب والحرام والمجتمع"، إلا انني ايقنت بأن من يرغب بزواج ناجح عليه مسبقاً أن يُناقش شريكه بهذه الأمور وأما بالنسبة للمتخوفين دينياً فباعتقادي أن "لا حياء في الدين والعلم".
حقيقة خجلتُ أن اطرح قضيتي خلال جلسة العلاج التي أقامتها د. شيماء، فأنا إمرأة تمتاز ببرود رهيب، وزوجي يشكو أنني لا أتأوه عند معاشرته لي وبذلك لا استثيره جنسيا، أنا امرأة اشبه بالصنم في سرير زوجها والسبب هو خجلي المفرط، وقد بدأت اشعر أنه ملّ هذه العلاقة، لكني وجدت الحل دون أن اطرح قضيتي وهو أن اتخلى عن خجلي تماماً في سرير زوجي.
 
أعلى