أحمد الخطيب - باحثة أردنية تستعرض كتاب «مصارع العشاق» للسراج

قالت الباحثة د. بسمة الدجاني إن جعفر السراج اشتهر بكتابه مصارع العشاق الذي قضى في تأليفه وقتا طويلا من حياته في القرن الخامس الهجري، وروته عنه تلميذته شُهدَة بن أحمد بن الفرج الإبري في النصف الثاني من القرن السادس الهجري.
واستعرضت في الندوة التي نظمتها مديرية ثقافة إربد بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين بإربد، مساء أول من أمس، سيرة السراج الذي ولد في بغداد تحديدا بين عامي 416 و419 هجري، مشيرة إلى أن نجمه قد تألق علما من أعلام حضارتنا الإسلامية بما قدَّمه في حياته الحافلة خلال ثمانين عاماً ، وبما تركه من آثار بعد وفاته عام 500 هجري.
إلى ذلك قالت في الندوة التي جاءت في سياق ندوات الأسبوع « من عيون التراث»، وأدارها الشاعر حسن ناجي، إن القرن الهجري الخامس في تاريخنا العربي قرن حافل على صعد كثيرة، سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا. منوهة أن السراج عاش هذا القرن وتفاعل معه بما فيه من تقلبات في أحوال الدولة، وتوسعات في رقعتها، وتغييرات على صعيد أهل الحكم فيها. إضافة إلى أن الحياة الثقافية في عصره كانت نشطة حيوية، ازدهر فيها العلم والأدب والتأليف في ظِل ظروف سياسية متشابكة.
وتابعت أستاذة الأدب العربي في الجامعة الأردنية ومن المفيد أيضاً ونحن نتحدث عن ظروف كتابة السراج لمصارع العشاق الإشارة إلى أن العراق كان قد شهد ظهور موجة انحلال خُلقي في فترة نضوج المؤلف، فأخذ علماء الدين بالتصدي لها. ولأن القصص كانت ولا تزال فن التأثير المحبوب لدى العامة، فقد نجح السراج في تقديم حكايات عاطفية هادفة إلى الإصلاح وداعية في مجملها إلى التطهُّر.
واعتبرت د. الدجاني أن كتاب مصارع العشاق يمثل حلقة في سلسلة الكتابات عن الحب في الحضارة العربية الإسلامية. فقد جاء تأليف السراج كتابه هذا بعد أن عرفت المكتبة العربية حوالي أربعة عشر كتابا ورسالة في الموضوع قبله. كما أُلّف عدد من الكتب بعده تأثر أغلبها به تأثرا كبيرا. ذلك أن هذه الحلقة تميزت بقوة إشعاعها، واعتبر أكبر وأهم مصدر لأخبار العشاقِ وقصصهم مع اختلاف اتجاهات عشقهم.
وقالت إن السراج أخرج كتاب مصارع العشاقِ في اثنين وعشرين جزءا، قدم كل جزء منها بثلاثة أبيات شعرية من نظمه أشار فيها إلى موضوع الحديث. لافتة إلى أنه يمكن اعتبار هذه الأبيات مجتمعة وكأنها مقدمة تتضمن محتويات الكتاب حيث أخذ بعض النقاد على السراج أنه لم يكتب مقدمة لكتابه. إلى ذلك نوهت الباحثة إلى أن السراج خصص البيت الثاني من كل مجموعة للحديث عن نفسه وتجربته في هذا المضمار.
وحول هدف السراج من هذا الكتاب قالت الباحثة إنه وضع نصب عينيه حين ألَّف كتابه مصارع العشاق هدفي إمتاع القارئ وإفادته. مشيرة إلى أنه تحرى بلوغ هذين الهدفين بما اختاره من أخبار أدبية، وحكايات، وشعر. واعتبرت أن مصارع العشاقِ يحمل في محصلته رسالة أخلاقية هادفة، وذلك بتوظيفه قصص العشقِ لتكون في خدمة العقيدة.
وختمت الباحثة د. الدجاني محاضرتها بالتأكيد على أن السراج اعتمد التلقائية في رواية حكاياته اخذا في الاعتبار ما يناسب من أخذوا عنه في مجلس العلم. كما أنه لم يعمد إلى التحليل والتعليل في تناوله موضوع العشق. تاركا للقارئ أن يقوم هو بذلك من خلال قراءة ما في الكتاب.
 
أعلى