يانيس ريتسوس - متوالية صغيرة بالأحمر الرّئيسي.. ترجمة: هشام فهمي

حتى الكلمات
هي عروق
بالداخل
الدم يسيل
عندما تتصادم الكلمات
أديم الورق
يحمرّ
مثلما
في لحظة الحب
أديم الرجل
والمرأة
أثينا 22.1.80
العينان مغمضتان
عارية تماما
على السّجاد الأحمر
تنتظر
أن ينزع حذاءيها
وجوربيها
ليدلك صدرها
بقوة بقوة أكبر
بقدميه العريضتين
أثينا 22.1.80

القصيدة
آه القصيدة – يقول –
قِرانٌ أبدي
بلا ترقيم
ولا نقطة إلى السطر
إنها الأرض التي تشتمّ
الزّبل وزهرة شجرة الليمون
والمنيّ
إنها المعول والمجرفة
هناك على الرخام
إنها عمل مضاعف
حيث الحب المتفرّد
لا ينبس ببنت
شفة
أثينا 22.1.80
ترتدي ثيابها ثم تخلعها
ثيابها نار
عريها نار
المسامير تذوب
نهر من الحديد
يمرّ تحت الأشجار
ثلاث نوافذ تنفتح
العصافير تنظر بالداخل
بعود كبريت في منقارها
هناك اثنتا عشرة واجهة زجاجية حمراء
ستّ منها ذهب

أثينا 30.1.80

تحت السرير
الحذاءان
يحتفظان بشكل قدميها
بحرارة قدميها
يـتـنفـّسان
وعصفوران بيضاوان
بعيون سود
مع خاتم من النيكل
على حنجرتيهما
أثينا 5.11.80
آه مساء شهواني
القمر داخل الغرفة
القمر فوق السرير
على الجسد العاري-
في القبوبالأسفل
خبطان معدنية
الحدّاد يسمّر
حديدا كله ذهب
على حصان أبيض
الحصان المجنّح
وأنت لا تكترثين حتى لمعرفة
إن كان بحديد ثقيل كهذا
سيتمكّن من الطيران مرة أخرى

أثينا 7.11.80

أصابع اليد
أصابع القدم
قضبان
بين الأصابع الخمسة
أربعة فروج
- عشرون وستّة عشر-
قبل أن تتوصّل
إلى القيام بالجمع
منيّـك يرشّ
شفاه التمثال

أثينا 8.11.80

يدك
أوفقط
أصابعك الثلاث
التي تحمل الفنجان
تظهر
كل جسدك
عاريا
أقفل العينين
كي لا ترينه
كي لا ترحلي
زوالا يمرّ المبرّد
بالحي
سأردّ له
السكاكين الإثني عشر

أثينا 11.11.80

دعكِ من ذلك
أنا من سيعدّ الطعام
أنا من سيعدّ المائدة
لن آكل
سأرقبك وأنت تفعلين
كما لوأنك لا تدرين
سأجمع الدّبابيس
واحدا واحدا من على الأرضية الخشبية
فستانك لن أطويه
سأتركه على الأرض
برج عالٍ من الحرارة
مع عصفورين وقمر
وعلبة كبريت
أثينا 11.11.80

عري الجسد
*
شفاهي
جالت أذنكِ
الصغيرة والناعمة،
كيف تسع لكل
الموسيقى؟
*
تحت كل الكلمات
جسدان يتحدان
وينفصلان
*
في بضع ليالٍ
كيف للعالم أن ينخلق
وينهار؟
*
ألمس أصابع
قدميك
كم هومتعذر على هذا
العالم
أن يحصى
*
شهران دون أن نلتقي
قرنٌ
وتسع ثوانِ
*
أحمر
مع خطّ شاقولي.
التفاح يسقط في النهر.
يطفو.
ويرحل.
*
الأعضاء المخبّأة
تعطي إشارات
خارج الزمن.
السفن المضاءة
تصل، ثم ترحل،
ولا تصفر أبدا
*
في النافذة المقابلة
هناك ضوء.
تتجرّدين من الثياب.
انك دائما أنت.
*
لا وجود لأسمنت.
فراغ
مخترقٌ برافدة من الحديد.
*
جسدك غير مرئي.
قابل للّمس.
عصفوران تحت إبطيك.
صليب على نهدك.
ولا موت.
*
سأحمل المطرقة،
وأنحت الهواء،
سأخلق تمثالك
مفتوحا،
سأدخله،
وسأمكث هناك.
*
وسط القصيدة
أنت، ثم أنت.
نفـَـسُـك يملأ
كل الكلمات
كل الصمت.
*
ستأخذين القطار.
سوف تتأخرين – قلت لك.
أسرعي، أسرعي
فيتصلـّب زرّا نهديك.
*
أحملك على ذراعي
فأطير
*
الجسد
سماء.
لا ينهكه
أي طيران.
*
تجرّدنا من الثياب
أقـفـلنا الخارج، وراء الباب،
البيوت، والكلاب،
والحدائق، والتماثيل،
والموت.
*
كيف يعيش الموتى
بلا حبّ؟
*
كانت الحرب،
كان الحب.
كلانا كان ميّـتا.
جمّعنا الموتى والجرحى.
جرّدناهم من الثياب.
ورقدنا بعد ذلك.
*
نسيت المظلة
في القطار.
كنت تفكّرين فيّ إذن.
شعرك المبلّل
سرّحته،
ووضعت المشط
تحت القصيدة.
كلام الشهوة
i
نوم ايروتيكي بعد المضاجعة. ملاءات عرقانة مجرورة من السرير حتى أرضية الخشب.أسمع في نومي
النهر العظيم. يتباطأ الإيقاع. تتقـلّب على ميّاهه
جذوع كبيرة لشجرة.ألف عصفور على أغصانها يسافر بلا حراك في لازمة طويلة
من الماء والأوراق، وفي تعاقب مع النجوم. أمرّر يدي برفق كبير على عنقك،مخافة أن أقطع تغريد العصافير في نومك.
غدا، نعم، على الساعة العاشرة،
عندما ستفتحين المصاريع وحين تقتحم الشمس الغرف،
سنرى أفضل شفتك السفلى المعضوضة في المرآة، والبيت سيصبح كله قرمزيا، وموشّى بالريش الذهبي والأشعار الطويلة الناقصة.
أثينا 15.11.80
ii
دخلتِ من السوق ضاحكة، ذراعاك محمّلتان بالخبز، والفواكه وباقة من الزهور.على شعرك أرى جيدا أن الريح مرّرت أصابعها. أنا لا أحب الريح، أكرّر لك ذلك. وبعدُ ماذا ستفعلين بكل تلك الزهور؟ أيها أكثر من الأخريات أهداها لك بائع الزهور؟ ربما حتى في مرآة البوتيك مازالت صورتك باقية، مضاءة من جانب، مع بقعة زرقاء على الذقن. أنا لا أحب الزهور.على صدرك هناك زهرة كبيرة مثل يوم كامل. اجلسي بالأحرى أمامي، أريد أن أرى وحدي ثنية ركبتك وأدخّن حتى يأتي اللّيل دون أن أنبس ببنت شفة وتحت سريرنا سينتصب، جذّابا، قمر شائع لمساء السبت مع كمان، وسنبالوم(1) وكلارنيت.
أثينا 15.11.80
iiii
مازلت نائما. أسمعك تغسلين أسنانك في الحمام. في هذه الجلبة
هناك أنهار، وأشجار، وجبل صغير مع قبّة بيضاء،
وقطيع أغنام في مساحة خضراء ( أسمع أجراسه)، وحصانان أحمران، الراية عالية على البرج، وعصفور على مدخنة، ونحلة تطنّ داخل وردة- الوردة تختلج-آه كم تقضين من الوقت، والآن لن تشرعي في تسريح شعرك،
مادمت أقول لك بأنني نائم منتظرا فمك. لا أحب
طعم النعناع في رضابك. عندما سأستيقظ، سأقذف بأمشاطك من كل الأحجام،وفروش الأسنان عبر الكوة.
أثينا 15.11.80
iv
الأشعار التي عايشت بصمت في جسدك ستستردّ مني صوتها عندما ترحلين يوما. لكن لن أملك بعدُ صوتا لأقولها. لأنك كنت معتادة دائما على المشي بأقدام حافية داخل الغرف، ثم تتكومين في السرير، يا كرة صغيرة من الريش،من الحرير، من اللهب المتوحش. تشبكين يديك
حول ركبتيك، تاركة بوضوح، وباستفزاز، أعشاب قدميك الورديتين والمغبرّتين. يجب أن تتذكّرني بهذا الشكل- تقولين، يجب أن تتذكّرني بهذا الشكل بقدمين متّسختين، وشعر يسقط على العيون –لأنه هكذا أراك بعمق.إذن كيف لا أبقى بلا صوت. أبدا لم يمش الشِّعر تحت شجر تفاح بزهر طاهر لأي فردوس.
أثينا 16.11.80
v
عندما لا تكونين هنا، لا أعرف بعدُ أين أنا. البيت فارغ. والستائر تتطاير خارج النوافذ. المفاتيح هنا فوق المائدة.
على الأرضية الخشبية، مفتوحةٌ
حقائب أسفار قديمة بها ملابس غريبة لفرقة مسرحية عرفت في الماضي نجاحا باهرا وبعد ذلك تشتّت أفرادها،
في إحدى الليالي أجمل الممثلات انتحرت على المسرح.
عندما لا تكونين هنا، بالخارج الجنود يركضون في الشوارع، ونساء يبكين، ونسمع هدير مركبات مصفّحة، وصفارات الإنذار تنطلق،
سيارات الإسعاف تمرّ، تتوقّف، الممرّضون بلباسهم الأبيض يجمعون الجرحى من على الإسفلت، يحملونني أنا أيضا، وينقلونني إلى مستشفى أبيض تماما وبلا أسرّة،
أقفل العينين مثل طفل محاصر بالأبيض. بقيت ممرّضة في الحديقة، قرب نافورة الماء، ثم انحنت لتجمع بعض الزهور البيضاء التي أسقطتها الريح كأكاسيا،
أنت من تدخلين بسلّة، - رائحة الأجاص الناضج تعبق بها الحجرة.
تنام؟ يقول صوتك. تنام وحيدا؟ لا تنتظرني؟ أفتح عيوني. فإذا بالبيت هنا، وأنا أيضا. أرائك حمراء.وأعواد كبريت فوق الطاولة.
أيها الضوء الطاهر، أيها الدم الأحمر، أيها الحب أيها الحب.
أثينا 16.11.80
vi
صباحا، أنا أكثرك تعباً،
وربما أكثرك سعادة.
تستيقظين بلا جلبة، ضجة صامتة للملاءات، تبتعدين بأقدام حافية. وأنا من جهتي، أستمرّ في النوم في الحرارة التي خلّفها في السرير جسدك العاري. أنام موغلا في أثر جسدك، في حلكة مبيضّة، أسمعك تغتسلين، تحضّرين القهوة، وتنتظرين.
أسمعك هي التي تعود من فوقي دون أن تعزمي على ذلك.
ابتسامتك
تعبرني من الرأس إلى القدمين، تطرّي أظافري.
أنام.
سفن شراعية ناصعة البياض تمرّ مثل بروق جامدة. غطاء أحمر
معلّق بحبل.
الأحمر يثقل جفنيّ. نساء عاريات في النهر. رجال عراة على الأشجار.
خيول بطيئة ووقورة (وليست حزينة) تذرع مدخل البحر. أحدها في حالة انتصاب، يكاد يلمس الماء بعضوه الأسود الضخم.فتاة صغيرة تبكي.
بمُدْيته ينقش صبيّ عدد 99 على شجرة التوت، وبعد ذلك يضيف أيضا 9.
أنام بعمق أكثر، بالداخل أكثر.
دوريّ يحطّ على لبدة الأسد. رمية، رمية، قال صارخا. العالم خلق من جلد وضوء ومنيٌّ مخثّر. صباح الخير أيها الحب، صباح الخير.


(1) السنبالوم: آلة موسيقية وترية مجرية الأصل
 
أعلى