قصة قصيرة كيفن سبيد - قسم الأورام.. ت: د. محمد عبد الحليم غنيم

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

ذهبنا إلى المستشفى لزيارة خليل زوجتى السابق ، المصاب بالسرطان . كان راقداً فى السرير يشاهد مبارة فى كرة السلة ، بينما كانت الممرضة تسحب الدم من ذراعه .

انتظرنا فى الردهة . قالت زوجى :

- يبدو جيداً.

قلت :

- إنها فقط ركبته ، أليس كذلك ؟

- شىء من ذلك القبيل .

- كيف يكون ذلك سيئاً ؟

خرجت الممرضة ، فدخلنا ، قال خليل زوجتى السابق :

- هذا سخيف .

بدا قصيراً جداً ومشعراً فى السرير .

قالت زوجتى :

- كيف حالك ؟

- كما لو كنت غير مصاب بالسرطان ، أشعر بتحسن .

لم أعرف ماذا أقول ، لذلك لم أقل شيئاً . يجعلنى المرضى عصبياً ، تمنيت ألا يفعلوا ذلك – أعرف أنهم لا يقصدون ذلك ، لكنهم يفعلون .

قال :

- لا أعرف كيف يمكن لك أن تصاب بالسرطان فى ركبتك من أين يأتى ذلك ؟

فقالت زوجتى :

- أعتقد أن المرء يمكن أن يصاب بالسرطان فى أى جزء من أجزاء الجسد .

قلت :

- لا تقولى ذلك بصوت عالٍ .

قالت له :

- أرنى ركبتك .

سحب الملاءة إلى الوراء وكشف لها عن ركبته ، لم تبد أنها مصابة ، لقد بدت مثل أى ركبة عادية .

قال :

- هنا الورم . ضعى إصبعك هنا ودلكى قليلاً .

أمسك بإصبع زوجتى ووضعه على ركبته ، مسدت زوجتى الورم السرطانى فى ركبة خليلها السابق . وقالت :

- أستطيع أن أحدد حجمه، إنه أصغر مما كنت أتصور .

- يقولون ، أنهم ربما يضطرون لقطع ساقى .

كان لابد لى أن أتبول ، وكان هناك حمام فى الغرفة . لكن العلامة فوق الباب حذرتنى ، مخصص فقط للمرضى .

تجولت عبر الممر أبحث عن حمام . فلم أتمكن من العثور على شئ . توجهت إلى الطابق الثانى ، و هناك كان الكثير من البشر يسحبون عريات المرضى عبر الممرات ، وهم متعلقون بها ، فبدت سيقاناهم مدلاة كما لو كانت منفصلة عنهم .

وجدت حماما ودخلته وبينما كنت أتبول خرج رجل من حمام خلفى وسألنى إذا ما كنت أريد أن .... انتهيت من التبول وأعدت قضيبى إلى داخل بنطلونى . فقال :

- آه ، شيت . ظننتك شخصا آخر .

كان الرجل يرتدى نظارات سميكة سوداء ، وتبدو سحنته سحنة سكان البحر الأبيض المتوسط . لسبب ما أعتقدت أنه يونانى . فى كلمات أخرى ، يمكن أن يكون أى شخص . قلت :

- هل أنت مريض مقيم هنا .

- لا . لا . مجرد زائر .

- هل تقوم بعمل ... فى غرفة الرجال بعنبر الأورام ؟

- أحب الرجال ، أوكيه ؟

- نعم – لكن –

- انظر ، أنا حقاً آسف . كان خطئاً غير مقصود ، أوكيه ؟ كنت أعتقد أنك شخصا أخر تبعنى على الممر ، أمل ألأ تبلغ الأمن عنى.

- إن لم تكف عن السير خلفى .

- أوه شكراً ، حقاً . لن يحدث ذلك مرة أخرى

يا إلهى ، آسف ، جداً . لم يحدث هذا أبداً من قبل عاد مرة أخر ودخل الحمام .

دخلت المصعد . أردت أن أرى المنظر من أعلى السطح ، أردت أن أرى البحيرة .

توقف المصعد تقريباً عند كل دور ، ناس تدخل وناس تخرج . بعضهم من الأطباء ، كان الأطباء أكثر صخباً ، يضحكون كما لو كان الضحك يحافظ على حياتهم . كانت الناس تموت وراء كل باب . ومع ذلك يموضن كما لو كان لا أحد له إذن سوى الأطباء . كان يضحكون فى كل الوجوه ، يخططون لقضاء العطلة الأسبوعية ويتحدثون عن الصيف الماضى . يضحكون أثناء دخولهم وأثناء خروجهم من المصعد . من المحتمل أننى فقط ، مع ذلك أشك أن معظم الناس أرادس الأطباء المكتئين يسيطر الموت عليهم بشكل واضح . دخلت امرأة إلى المصعد معى . كانت ذاهبة إلى الطابق الثانى وخرجت . تبعتها ، حتى هذه اللحظة لم يكن لدى فكرة عن قدرتى عن فعل شئ مثل هذا ..

كان شابة . ذات شعر طويل ناعم ، ومشت كما لو كانت شابة . ذات شعر طويل ناعم ، ومشت كما لو كانت تمر عبر أبواب لا مرئية مع كل خطوة، ذكرتنى بزوجى .

كنا فى قسم الولادة ، أناس جدد ، أناس المستقبل يدخلون العالم من خلف الأبواب المغلقة .

شعرت بأننى شخص انتهك الحرمات .

تظاهرت بأن المرأة زوجتى وإننا جئنا لرؤية طفلنا الجديد ، ومع ذلك لم يكن لذلك جدوى ، لأن زوجتى لا تود أن تركب معى المصعد لزيارة طفلنا الجديد . ولا حتى يمكن أن نستخدم أما بديلة . لماذا نفعل ذلك ؟

نظرت بطرف عينها و واصلت السير . بقيت على عشر خطوات خلفها . مررنا بقسم التمريض . ثم استدرنا إلى ركن آخر . الآن نحن متوجهان من جديد إلى المصعد .استتدارت إلى الركن الأخير وضغطت على الزر لاستدعاء المصعد . لقد قمنا بجولة كبرى معاً حول عنبر الولادة . انتظرت خلفها . دخلت ، لحقت بها . ضغطت على الزر . ثم نظرت إلىَ . قلت :

- الأورام .

ضغطتت على زر آخر . لم تسألنى حتى ما الدور المطلوبً .

وقفت فى ركن المصعد .لم أعرف ماذا حدث . ربما وقعت فى حب هذه المرأة الغريبة التى تتجول مثل الشبح عبر ممرات المستشفى ، توقف المصعد وخرجت ، وعندما أغلق الباب ، قلت :

- مع السلامة ، أيتها الزوجة الأخرى .

بدا الأمر سخيفاً ، وصرت وحدى من جديد .

خرجت إلى قسم الاورام .

وقفت عند مدخل الباب أنصت إل زوجتى الحقيقية وخليلها السابق . كان يبكى قليلاً . قالت :

- أنت شخص قوى . لا يموت .

- لم أكن أتخيل نفسى فى هذا الوضع .

- إنها الحقيقة ، الجميع يعرف ذلك .

قال :

- أظن أننى حقاً وصلت إلىى النهاية .

- بالطبع أنت مصاب بالسرطان ! لكنك سوف تتعافى من هذا . أعدك .

ثم أضافت:

- حسناً ، لا يمكنى أن أقدم أية وعود ، لكنك سوف تتعافى على نحو ما .

- لا أعرف إذا ماكنت أريد ذلك .

- مهلاً ، لا تتحرك هكذا ! إنها فقط ركبتك ، كيف يمكن أن يكون الأمر سيئاً ؟

والآن ، و كانت تقدمنى إلى خليلها السابق . قال :

- أنت لا تدرين ما يحدث فى حياتى .

- لست فى حاجة لأن أعرف أيضاً .

- لا . لا تعرفين . سوف أوفر عليك ذلك .

- لا يمكن أن تكون سيئة جداً .

- إنها سيئة .

- آه ربما ليست سيئة بالقدر الذى تظن .

توقفا عن الحديث للحظة ، ووقفت فى المدخل . فقال :

- أريد أن أخبرك بشئ لا يعرفه أحد آخر .

دخلت إلى الغرفة ، كانت زوجتى تجلس على حافة سرير خليلها السابق وهى تمسك بيده ، أبعد يده عنها قلت :

- لقد تهت ..

فقالت زوجتى :

- لست متفاجئة .

دخل الدكتور ورائى وأشار نحونا بمغادرة المكان .

خرجنا وركبنا سيارتنا .

قالت زوجتى :

- أكره هذا المكان .

- رجل فى الحمام عرض على أن يقوم ... هل يمكن أن تصدقى ذلك ؟

- من كان ذلك ؟ مريض عقلى ؟

- لا أعرف . يبدو يونانياً .

أدارت السيارة وعادت بنا إلى المنزل ..

’’ النهاية ‘‘

ترجمة الدكتور : محمد عبد الحليم غنيم

كيفن سبيد : كاتب امريكى يكتب القصة القصيرة ويعيش فى مدريد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى