كيفن سبيد - سترة من الصوف .. ت: د. محمد عبد الحليم غنيم

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

حاكت زوجتى سترة من الصوف لأبيها ، لكنه مات ، لذلك أعطتها لى ، حاولت أن ألبسها ، لم يسبق لأبيها أن لبسها على الإطلاق ، ولا حتى عرف بوجودها ، ومع ذلك شعرت كما لو كنت ألبس سترته

فى أول مرة لبست هذه السترة ، بكت زوجتى . قالت :

- تبدو جيدة عليك . لا تخلعها .

- لا أريد أن أسبب لك ضيقاً .

- ستضايقنى لو خلعتها ، لقد عملت بإخلاص فى هذه السترة

- إنها أفضل شيء عمله أحد لى على الإطلاق .

- لم أعمله لك .

ذهبنا إلى حفل ، كان الحفل فى منزل صديقة ، والتى كانت أكثر صداقة مع زوجتى ، قالت لى زوجتى أن ألبس السترة . لقد أرادت أن تعرض عليها مهارتها فى الحياكة .

لبست السترة وتطلعت إلى نفسى فى المرأة عبر الممر .

لماذا لا أكون مشهوراً ؟ فكرت فى نفسى . لماذا لا أكون أكثر شهرة ؟ بمجرد أن غادرنا المنزل بدأت زوجتى فى البكاء مرة أخرى .

قلت :

- لا أستطيع أن أتحمل هذا .

خلعت السترة .

- لا تخلعها . لا شئ .

- لا أعرف حتى من يفترض أن أكون و أنا فى هذه السترة .

قالت :

- ليس عليك أن تكون أى أحدٍ .

- لا يجعلنى ذلك أشعر بالارتياح .

- آسف ، هل قلت شيئاً ؟

- يا إلهى ، أنا فقط أتحدث بصوت عالٍ خلفك ؟

مسحت الدموع من وجهها وقالت :

- هل تتوقع أن أنصت إلى كل كلمة تقولها ؟

ارتديت سترة والدها وتوجهنا إلى الحفل ، كان هناك الكثير من البشر . كان الجميع يدخن و يشرب و يتحدث عن كل ما يخطر فى رأسه . أردت أن أخلع السترة ، لقد أغرق العرق ظهرى وبلل سروالى الداخلى ، أكاد أختنق . لكنى لا أريد أن تبدأ زوجتى فى البكاء من جديد ، كانت هذه هى المرة الأولى التى أخشى فيها أن أخلع شيئاً من الملابس خوفاً من جرح شعور شخص ما ، كنا نجلس على مادئة مع آخرين . كنت أعرفهم جميعا ، لكنهم كانوا لا أحد ، فقد تولت زوجتى كل الحديث عنى .

قالت :

- لقد قمت بحياكة هذه السترة من أجل أبى.

كان الجميع يعرف أباها . و قد أحببه الجميع. فلقد كان إلى حد ما معروفاً.

قال شخص ما

- مناسبة له تماماً .

و قال آخر :

- إنها جميلة ، كان والدك أضخم بكثير، أليس كذلك ؟

- لا ، إنه فقط يبدو فى الظاهر ضخما .. ربما كان شيء ما يتعلق بشخصيته .

قلت :

- كانت عالى الصوت .

وقفت زوجتى وذهبت إلى الحمام وهى تبكى .

قال شخص ما بالكاد أعرفه :

- يا مسيح ، لماذا تلبس هذه . لقدد صنعتها من أجل أبيها !

و قالت امرأة صغيرة ترتدى النظارات . كنت قد نسيت اسمها بالفعل :

- ألست تفتقد إلى الفطرة السليمة ؟

فقلت :

- لا . و لا هى أيضاً .

نهضت وقمت لفتح نافذة .

مع نهاية الليلة كنت أشعر بحالة من السكر ، تكفى لأن أعتقد أننى ألهو . وبمجرد أن قررت زوجتى العودة إلى المنزل ، قررت أنا – أخيراً- أن أبقى هناك ، لكننى مع ذلك ذهبت معها . لم أكن أريد أن أمشى هناك فى الصباح . لقد كان ذلك مرعباً

فى المنزل بعد أن غسلنا أسنانا ، جذبتنى زوجتى نحو السرير وقبلتنى . رفعت تنورتها و قبلت ركبتيها ، كان لديها بالفعل ركبتان جمليتان . فى تلك الليلة ، بدأت فى خلع سترة والدها .

قالت :

- دعها عليك .

- إننى أموت من العرق هنا .

- الجو لطيف جداً .

فقلت :

- البسيها أنت .

بدأت فى البكاء .

فقلت :

- ما الخطأ فى ذلك ؟

- -لا شئ . لا شئ ، أخلعها لو أحببت ، أياً كان ما تريد ، فقط ضاجعنى .

لم تقل زوجتى لى أبداً شيئاً مثل ذلك من قبل على أى نحو .

- هل تريدين أن أضاجعك ؟

- وهل تعتقد أنك قادر على هذا ؟

- ربما لو توقفت أنت عن البكاء .

- ماذا يبنغى أن تفعل مع أى شئ ؟

- آه ، لا أعرف . إنها ليست بالصفقة الكبيرة على ما أظن .

خلعت السترة ، ومارسنا الحب .لا أعرف إذا كان ما نقوم به مضاجعة أم حبا ؟ ، ربما كنا نفعل الاتنين معاً. لم يكن قد مر على زواجنا وقت طويل ، ربما عام أو اثنان على الأكثر .

فى مرحلة ما تدحرجنا فوق السترة ،كنت أعتقد أننى قد رميت بها إلى الأرض ، لكنها كانت راقدة هناك ، بدا لى أنها تحاول أن تحجز بيننا ، فأمسكت بها وطيرتها عبر فراغ الحجرة الوسيع .

قالت زوجتى :

- لا تتوقف

لم أفعل ذلك ، ليس لبعض الوقت .

فى الصباح اكتشفت أنها تمشى فى المطبخ وهى ترتدتى سترة والدها وبوكسر من ملابسى الداخلية ، بدت جملية فيهما مع أن الألوان لم تكن متناسقة . حاولت أن أجرها إلى الحجرة الأخرى .

- لا ، اتركنى وحدى .

- كنت تقولين طوال الليلة أمس ضاجعنى ضاجعنى واليوم تقولين اتركنى وحدى.

وضعت يدى تحت السترة ولمست ثدييها ، وقلت :

- فقط امنحينى دقيقة واحدة .

كانت الشمس تشرق عبر النافذة على غطاء محرك السيارة فى المدخل مما جعلنى أفكر فى الدخول إليها والذهاب إلى مكان ما . لكن هناك ثمة شيء خطأ مع ذلك ، شيء لم أستطع أن أفهمه .

قلت :

- ما الخطأ فى السيارة ؟

- لا أعرف . هناك دخان يخرج من المحرك .

تناولنا طعام الإفطار فى المطبخ ، فنحن نتناول الافطار معاً كل صباح .. كان الإفطار خبزا وقهوة ، وأحياناً البيض . تظاهرنا أن ذلك هو كل ما نريده من الحياة ، وربما كان ذلك صحيحاً .

قلت :

- أرغب أن نذهب إلى مكان ما . فالجو اليوم يبدو لطيفاً ، هاى ، ربما يمكننا أن نستخدم سيارة والدك .

- لن أستطيع أن أقود سيارته ، ليس بعد

- لمَ لا ؟ أنها سيارة جيدة .

- أنا لا أستطيع أن أنظر حتى إليها . السيارة مثل الممتلكات الشخصية ، عندما تدخل سيارة شخص ما كأنك دخلت فيه .

- لا . ليس كذلك .

قالت :

- أنت حتى لا تعرف كيف تقود السيارة ؟

انتهينا من تناول طعام الإفطار ، غسلت الأطباق . ثم اعددت كوباً آخر من القهوة ، فى أثناء ذلك بدأت أشعر بالعرق والرعشة، لذلك جلست . فتحت زوجتى الصحيفة على مائدة المطبخ وجلست تقرأها كما لو كانت قد خططت أن تفعل ذلك بقية يومها .

بعد فترة من الوقت ، قالت :

- تعرف ، أشعر بالراحة فى هذه السترة لا أعرف لماذا كنت أنت متحمساً جداً لخلعها,

- لم أكن متحمساً لخلعها ، لكنى لم أستطع أن ألبسها دون الشعور بأننى ألبس ملابس والدك . إنه لم يكن يشهبنى على الإطلاق .

قالت :

- أنت مثله .

- اعتقد أننى كنت غريباً .

- نعم ، لكنه أحبك .

- ارتداء ملابس شخص ما مثل استعارة جلده

قالت :

- لم يضع أبداً عينه على شئ ، إنه رائحته مثلك .

- ماذا تشبه رائحتى ؟

- هذه السترة تماما

مدت ذراعيها ، وشممت الكم ، إنها تشبه رائحة الحفلة .

قرأت مقالة من الصحيحة بصوت عالٍ ، كانت عن سمك السالمون فى أنهار أوربا . تحدثنا عن ذلك الموضوع . تناقشنا ، غابت الشمس خلف السحب .

اندفعت سيارة إطفاء وراء المنزل ، أطلقت صفارات الانذار . فقفزت القطة فى حضنى , وحكت ذقنها فى ذقنى ، وبدأت آلة جز العشب فى العمل فى مكان ما من الشارع .

قالت زوجتى :

- لن أكل أبداً سمك السالمون مرة أخرى .

- حسناً . أفضل ، من أجل الدببة الرمادية

- لا توجد دببة رمادية فى أوربا .

و ذهبت إلى حجرة النوم ، خلعت السترة وقذفت بها إلى الأرض ثم دخلت إلى السرير وأخذت تبكى .

النهاية



كيفين سبيد : كاتب قصة أمريكى ولد فى نيويورك ويعيش الآن فى مدريد ويمكن التواصل معه عبر البلوج الخاص به :
 
أعلى