ثائر زين الدين - عن ألف ليلة وليلة وتأثيرها على الأدب الأوربي

1
كثيراً ما يغفلُ واحدنا قيمة كنزٍ في بيتِهِ، وينظرُ إلى ما لا قيمةَ له عند الآخرين بعين الإعجاب والتقدير وهذا ما أصابنا نحنُ العرب فيما يتعلّق بواحدٍ من أهم الكتب في التاريخ: «ألف ليلة وليلة» ،فجل ما فعلهُ أجدادنا أنهّم نسخوا الكتاب نسخاً مختلفة، وطبعوه طبعاتٍ متعّددة فحفظوه من الضياع، لكن المستشرقين هم الذين اكتشفوه وأذاعوا فضله! ولعلّ أهم طبعة لهذا الكتاب هي طبعة بولاق، المنجزة في مصر والمعتمدة على نسخةٍ هنديّة أحضرها الميجر الانكليزي ماكان (Macan )من مصر إلى الهند وطبعت في كلكتا مرتين، جاءت الثانية منها كاملة (1833)م وهناك مخطوطات كثيرة ومشهورة للكتاب أقدمها مخطوط جالان ( Galand ) المحفوظ في المكتبة الأهليّة في باريس.

تُرجمَ الكتابُ إلى لغاتٍ شرقيّة كثيرة، فهناك تراجم تركيّة بعضها ناقص والآخر كامل ترجع إحداها إلى 1636، وهناك تراجم فارسيّة وأوربيّة عن الأصل العربي والانكليزي.

وقد انتبَهَ الغربيّون إلى «ألف ليلة وليلة» حين قامَ أنطون جالان بترجمتها إلى الفرنسيّة، وتؤكد د. سهير القلماوي1 أن جالان ترجَمَ قبل ذلك قصص سندباد، ثُم أسعدهُ الحظ بأن أرسلت إليهِ من حلب ( وهو يعمل في سفارة بلاده في تركيا) أربعة مجلدات من الليالي فبدأَ الترجمة سنة 1704 وأنهاها 1717، ومع أنها لم تكن أمينة للأصل وناقصة فإن سِرّ نجاحها الكبير هو شخصيّة المترجم الذي كان قاصاً بطبعهِ.

بقيت الترجمة المذكورة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تمثل للأوربيين مفهوم الشرق بصورة عامة، فترجمت إلى لغات أوربّا كلها ولاقت نجاحاً عظيماً، ثُمّ جاءت مرحلة أُخرى بدأت فيها تلكَ الشعوب تترجمُ الأثر عن الأصل العربي ومنها ترجمة المستشرق الانكليزي المشهور لين (Ed.w.lane) التي أنجزها بين عامي

( 1839- 1841) ولقد غيّرت ترجمةُ الليالي إلى أوربا اتجاه النظر إلى الشرق، بل رؤيا أوربّا للشرق وللعرب، ولكنّها في الآن نفسه أثرت في حياة أوربّا أكثر من ذلك بكثير، عن طريق تأثيرها على الأدب والمسرح والفن والموسيقا.

وكل ذلك بسبب ما فيها من خيالٍ رائع وثّابٍ غني، وجسارة ومغامرة جاءت بدلاً لتلكَ الينابع الكلاسيكيّة التقليدية التي كان الغرب قد مَلّها! تكتبُ مجّلة «ابن الوطن» الروسيّة عن الليالي بعد أن ترجمت إلى الروسيّة عن جالان في اثني عشر مجلداً (1763– 1771) وطُبعت مَرات عديدة: لوحة دقيقة لروح ولطابع الحياة المدنيّة، وللطبائع الأسريّة لشعبٍ كانَ قوياً في غابر الأزمان، وانتشرت منجزاتُهُ في أطراف العالم الثلاث. ونحنُ نتعرف من خلال هذهِ الأساطير على العرب تحتَ خيام الصحراء، وفي قصور الخلفاء، وفي المجتمعات التجاريّة، وفي القوافِلِ الرُحّل، وفي الواقع الاجتماعي2.

أما المستشرق الشهير سيمسون دي ساسي فيتوقف عند عنصري الخيالِ والتشويق في الكتاب فيقول: «يجب أن نعد العرب معّلمين لنا في ابتكار الأحداث الشيقة، وفي العناية والاهتمام بالتنويع المستمر من خلال عالم الأساطير المتألق للسحرةِ والعجائب، الذي يجعل حدود العالم أكثر اتساعاً وثراءً وينميّ القوى الإنسانية، وينقلنا إلى آفاق الروعة، ويثير دهشتنا حيال المفاجآت3، وستصلُ درجة تقدير هذا الكتاب مرتبةً تجعل كاتباً كبيراً معاصراً هو بورخيس يقول: «لقد نشرَ جالان مُجلدهُ الأول عام 1704 و أثارَ نوعاً من الفضيحة، لكنهُ في نفس الوقت سَحَرَ فرنسا العقلانيّة التي كان يحكمها لويس الرابع عشر، عندما نتأمل بالحركة الرومنتيكية نفكّر عادةً بتواريخ جاءت جد متأخرة. لكن يمكننا القول إن الرومنتيكيّة بدأت في تلك اللحظة عندما قرأ شخصٌ ما في باريس أو النرويج ( ألف ليلة وليلة ). هذا القارئ يترك العالم الذي شرّعَهُ بوالو ويدخل عالم الحريّة الرومنتيكيّة4.

ويؤكد بورخيس أن الليالي كتاب عَشقَهُ منذُ الطفولة، وأوّل ما قرأهُ من أعمال، وقد أدى دوراً كبيراً في بناء شخصيتِهِ الأدبية : «يبدو لي أن هذا يمثّل أفضل مقاربة لموضوع أحبّه كثيراً، لكتاب عشقته منذ الطفولة هو كتاب (ألف ليلة وليلة ) أو كما سمي في نسخته الانكليزيّة – تلك التي كانت أوّل ما قرأت–(الليالي العربية )، وهو عنوان لا يخلو من الغموض، رغم أنه أقلّ جمالاً من سابقه5.

وسيرى بورخيس في كتاب «الليالي» لقاءً عظيماً للغرب مع الشرق، ضمن بعض لقاءات ٍأولها حملات وحروب الإسكندر في بلاد فارس والهند وموته أخيراً في بابل وقد أصبح نصفه فارسيّاً.. لقد أوحى بورخيس من خلال تلك المقارنة الغريبة بأهميّة كتاب الليالي وتأثيره على الغرب، بل سيذكر في مقال عنوانه «ألف ليلة وليلة» من كتابه «سبع ليالٍ» الذي يحيلنا عنوانه سلفاً إلى الليالي العربية،سيذكر أن لقاءات الغرب بالشرق دائماً تركت أثراً عميقاً في الغرب نفسه؛ فهاهو ذا الإسكندر الذي كان ينام والسيف إلى جنبه وكتاب الإلياذة تحت مخدته يتحول جزئياً إلى رجل شرقي بعد لقائه العنيف بالشرق...وهاهي ذي بعض شعارات النبالة في أوربا، كما هي الحال مع الملك الإنكليزي الصليبي ريتشارد تستوحى من الشرق الذي قام بغزوه فيصبح اسمه «ريتشارد قلب الأسد»؛ لقد دخل هذا الوحش(الأسد) وهو ابن الشرق شعارات النبالة الأوربيّة!

وحين يتحدث بورخيس عن الكتاب نفسه أول ما يستوقفه العنوان، الذي يصفه بقوله: إنه يكمن كما أعتقد في حقيقة أن كلمة ألف thousandهي رديف في أذهاننا لكلمة لامتناه infinite، فإن تقول: «ألف ليلة» يعني أن تقول: ليال لا متناهية؛ ليال لا تحصى، ليال لا نهاية لها. وأن تقول: ألف ليلة وليلة، يعني أن تضيف ليلة واحدة على المالانهاية، دعونا نتذكر تعبيراً انكليزياً طريفاً: عوضاً عن «إلى الأبد» يقولون أحياناً «إلى الأبد ويوم»..إن فكرة اللانهاية هي من نفس مادة: ألف ليلة وليلة6.

الكتاب إذاً يترك في نفس القارئ شعوراً مفاده أنك أمام عمل لا متناه،وهذا ما يحدث لمن يحاول قراءته حتى النهاية...إنه سيشعر بالدوار ليس بسبب الإحساس بالملل ولكن لإحساسه أنه أمام فضاء شاسع لا متناه كل قصّة ٍ فيه تفضي إلى الأخرى، كل حكاية ٍ تنفتح على ما يليها !!

وسنسمَعُ من ماركيز ما يشبهُ هذا القول حين يروي أن المصادفة جعلتهُ يعثرُ في مكتبة جدّه على «ألف ليلة وليلة» وأنه لو لم يفعل لما صار أديباً: «هو ما صنَعَ مني أديباً، بعد أن سحرتني الحكايات داخله، وأكثر ما شُغفتُ به هو دور الراوي»، وقبل هذين العملاقين ألم يتمنى فولتير لو أنهُ يفقد الذاكرة ليستعيّد لذّة قراءة الليالي من جديد؟ وهل يستطيعُ قارئ قصص هانس أندرسن أن يتغاضى عن كثير من الإشاراتِ والتشابهات القادمة من الليالي إلى قصصه، والتي انغرست في خياله الطفل عندما كان أبوهُ صانع الدمى الخشبيّة يروي لهُ تلك الحكايات والحكايات الشعبيّة الدنمركيّة...

لكن من أين جاءت هذه البنية العجيبة المحكمة مع أن للكتاب عشرات وربما مئات المؤلفين، وهو نفسه ليس عملاً أدبياً بقدر ما هو إنجاز شعب أو شعوب ضمن ما يمكن تسميته الأدب الشعبي أو الفلكلور ؟ يقول المستشرق الذي اشتغل طويلاً على الليالي وما يتعلق بها وأصل نشأتها ماكدونالدD.B. Mocdonald،وتنقل عنه د. سهير القلماوي :» إن ألف ليلة وليلة عنوان دلّ على أشياءٍ مختلفة في عصور مختلفة، وهو يريد لبحثه أن يدل على هذه الأشياء بقدر ما يستطيع معلناً منذ البداية أن أطواراً ثلاثة لابد أن تكون قد مرت على مادة الليالي.

فأول طور وجودها على ألسنة العامة وفي ذاكرتهم وهي فولكلور صرف، وثاني طور تهيئة هذه العناصر الفلكلورية على أيدي كتّاب وأدباء لتصبح قصصاً مكتوباً أو مسموعاً، وآخر طور وجودها على الصورة المحدّدة في مجاميع من ألف ليلة وليلة 7

ويرى ماكدونالد أن ناشري الليالي وجامعيها استعانوا بمواد جاهزة مهيأة لم يعملوا فيها شيئاً وإنما أضافوها كما هي إضافة8.

وفي هذا السياق من الحديث عن أصول الليالي يحدّد الباحث الدانماركي الأستاذ أويسترب Oestrup في رسالة دكتوراه له عن الكتاب التواريخ التالية لأصول الليالي: القرن الثامن الميلاي للترجمة من الهزار أفسان، القرن العاشر أو الحادي عشر للمجموعة البغدادية، أوائل دولة المماليك للمجموعة المصريّة، ويمكن أن تكون قصص أخرى قد أضيفت في القرن الرابع عشر والخامس عشر. أما ما بين أيدينا من نسخ فإنها كلها حديثه يرجع أقدامها إلى سنة 943 هــ 9

ويرجع هذا الباحث بعضاً من قصص الليالي إلى كتب ٍعربيّة بعينها، فهناك ثلاث عشرة قصّة مصدرها كتاب «الفرج بعد الشدّة» للتنوخي، وكتاب «حياة الحيوان» للدميري، وكتاب « بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس الحنفي، وكتاب قصص الأنبياء أو العرائس للثعالبي، وبعض الكتب الصوفيّة ككتاب «تزيين الأشواق»، وبعض الكتب في أخبار الصالحين مثل كتاب «روض الرياحين في أخبار الصالحين» لليافعي.... إلخ10

ويعبّر بورخيس عن ذلك بصورة ٍ فنيّة فيقول :«إن أصل الكتاب غامض، يمكننا أن نفكّر بالكاتدرائيّات المسمّاة خطأ ً قوطيّة التي هي نتاج أجيال من الناس. لكن ثمّة خطأ جوهري : هو أن فنّاني وحرفيي الكاتدرائيّات كانوا يعرفون ما يفعلون، في حين أن حكايات ( ألف ليلة وليلة ) ظهرت بطريقة ٍ غامضة. إنها عمل آلاف المؤلفين وليس بينهم من كان يعلم أنه يشارك في بناء هذا الكتاب المرموق، وأحد أكثر الكتب شهرة في كل الآداب11.

وقد نجد بين الباحثين الذين تناولوا الليالي من يحسم أمر تأليفها وينسبه ليس إلى أفرادٍ بعينهم بالتأكيد بل إلى شعب ٍ واحد كما فعل الأب أنطوان الصالحاني، وهو أحد الآباء اليسوعيين في بيروت وقد عاش في القرن التاسع عشر ورأى أن الليالي تأليفٌ عربي تماماً، ومن الأسباب التي ساقها لدعم رأيه ذكر خلفاء وملوك عرب مثل هارون الرشيد، والأماكن التي جرت فيها القصص وهي على الأغلب بغداد ودمشق ومصر وما إلى ذلك، وقد أصدر الأب الصالحاني طبعة ً خاصة ً من الليالي

( 1888- 1890 ) اعتمدت في الأساس على نسخة بولاق، ولكنّه حذف منها أشياء كثيرة لدواع ٍ أخلاقيّة.

2

لقد أعجب الأوربيون بهذا الكتاب أيّما إعجاب وترجموه بعد الترجمة الفرنسية الشهيرة إلى الإنكليزيّة والإيطاليّة والإسبانية والبرتغالية والروسية والدانماركيّة والهولانديّة والرومانية والألمانية والسويدّية والهنغاريّة وغيرها ولاقت هذه التراجم جميعها نجاحاً عظيماً حتى نكاد لا نجد اليوم في تلك البلاد من الأطفال أو اليافعين من يجهل سندباد وعلاء الدين وعلي بابا وشهرزاد ومرجانة وغيرها من شخصيّات الليالي. وقد أثّر هذا الكتاب تأثيراً عظيماً في الثقافة الأوربية عموماً والأدب بصورة خاصة فكان الوجه الأبسط لهذا التأثر هو محاولات تقليد أنطون جالان تقليداً مباشراً، كما فعل جاوزت GAZOTTE الذي نشر ما سمّاه تكملة ألف ليلة وليلة (Suite de 1001 nuits )، وهذا ما فعله برتن الذي ترجم الليالي أيضاً إلى الانكليزية 1885، حين نشر سبعة أجزاء أخرى سمّاها « ليال ٍ ملحقة بألف ليلة وليلة «، وذهب مترجمون آخرون إلى البحث في آداب شعوب الشرق عن ليال ٍ مشابهة ٍ فأصدروا : قصصاً فارسيّة، وأخرى تركيّة، وثالثة مغوليّة ورابعة تتريّة وما إلى ذلك.

ودفع هذا الكتاب الباحثين إلى التنقيب عمّا يشبه الليالي ذائعة الصيت فوفق الأستاذ باسيه BASTE إلى إيجاد كتاب مئة ليلة وليلة المغربي ونشر عنه مقالاً في مجلّة التقاليد الشعبيّة – Traditions Populaires فلفت بذلك نظر الأستاذ دوممبين، فترجم الكتاب إلى الفرنسيّة وعلّق عليه12.

وألّف لاكروا كتابه ألف يوم ويوم / حكايات فارسيّة Petis de la croix : les 1001 jours / contes persanes ،وها هي الكتب القديمة تتأثر بالكتاب الذي غزاها من الشرق فتأخذ شكله، إن القصص الغاليّة التي أخرجتها ملكة نافار ونشرها ( Monhy ) سنة 1740 بعنوان (Heptamero )يعاد إخراجها وتنشر تحت عنوان « ألف حضوة وحضوة – Les Mille et un Faveurs .

وسيدفع هذا الكتاب كثيراً من أدباء الغرب إلى الارتحال نحو الشرق - بعد أن كانت تلك الرحلات وقفاً على السياسيين والتجّار والعلماء - وهم يحملون في أعماقهم مدن ألف ليلة وليلة ومن هؤلاء تيوفل جوتيه T.tautier وجرار دونرفال G.de Nerval ومكسيم دوكان M. DE CAMP.....

وحين ترجمت الليالي إلى الروسيّة عن ترجمة جالان ( 1763 – 1771 )،اجتذبت بشدّة أنظار القرّاء والمثقفين والكتّاب الروس وأعيدت طباعتها مرّات متتالية كما أسلفت وروى المستشرق الروسي الكبير كراتشوفسكي أن قصص « ألف ليلة وليلة «و « القصص الشرقيّة « كانت أكثر الضروب الأدبيّة المحببة في الأدب الروسي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر13.

وأثرت الليالي في نتاج معظم الكتّاب والشعراء الروس في تلك المرحلة وأهمهم الرومانسيين وعلى رأسهم بوشكين، وبدا ذلك واضحاً في بعض أعماله مثل :

روسلان ولودميلا – ليال ٍ مصريّة – أندجيلو – القمر يتألق – التعويذة ،حيث تجاورت عند المبدع مع الأساطير الشعبية الروسيّة وعناصر الفولكلور الروسي.

ولن ينتهي تأثير الليالي عند إدخال أشكال جديدة على الأدب الأوربي كقصص الحيوان و الجن وأدب الرحلات، والمساهمة في نموّ أدب جديد وهو أدب الهجاء والسخريّة Satire ؛كما رأينا عند الفرنسي مونتسيكو في كتابه رسائل فارسيّة الذي كتبه في الثلث الأول من القرن الثامن عشر، وعند فولتيير نفسه في كتابه : رسائل أمابيد – Letters d Amabed » فسيؤثر العمل في موضوعات الكتّاب والأدباء الأوربيين كما شاهدنا عند الشاعر تنسون Tennyson و دوكوينسيDequincy وستووي H. B.Stowe وسيلقي بظلالٍ جميلة ٍ على المسرح الأوربّي فإذا بجول فيرن Verne يكتب للمسرح ألف ليلة وليلة – Les Mille et une Nuits ،وليسنج Lessing الانكليزي يكتب مسرحية علاء الدين وبومارشيه Beaumarchais الفرنسي يكتب مسرحيته حلاّق أشبيلية وغيرها من الأعمال المسرحيّة التي أوحت لكبار الموسيقيين الأوربيين أن يؤلّفوا مقطوعات موسيقيّة وأوبرات كثيرة تستوحي الليالي كما فعل روسيني عندما حوّل حلاّق إشبيلية إلى أوبرا : Le Barbier de Seville –Rossini ،وكما فعل موزارت في أوبرا زواج فيغارو Les Noces de Figaro –Mozart،وأوبريت معروف الإسكافي ويتأثر فن الباليه بذلك فيشاهد الجمهور الأوربي أجمل الباليهات المستوحاة من ألف ليلة وليلة: شهرزاد ، و ثورة الحريم وغيرها.....

وسنسرفُ في الحديث لو استعرضنا شهادات كبار الكتّابِ في تأثير الليالي على إبداعِهِم، وستصبحُ المسألةُ أكثر تشويقاً وصعوبةً لو حاولنا دراسة ذلك في إبداعاتهم روايةً وقصةً ومسرحاً وأوبّرا وما إلى ذلك، إن هذا الأثر الشعبي الشفوي الذي اشتركت في تكوينِهِ شعوبٌ غير قليلة من هنودٍ وفرسٍ وعربٍ شاميين وعراقيين ومصريين ودوّنَ حوالى القرن الخامس عشر في الإسكندريّة أو القاهرة ثُمّ انطلَقَ في أرجاء العالم، هو واحدٌ من أكثر الكتبِ شهرةً في كل الآداب ومن أكثرها تأثيراً في إبداع المبدعين، إنه كتابٌ لا يموت – على حد تعبير بورخيس – إنه شاسعٌ ورحبٌ وليس من الضروري أن تكونوا قد اطلعتم عليّه أو قرأتموه لأنّه جزءٌ من ذاكرتكم وفكركم ووجدانكم!

المصادر :

1- انظر : سهير القلماوي، ألف ليلة وليلة، دار المعارف بمصر 1966، ص 17- 18.
2- د. مكارم العمري،مؤثرات عربية وإسلاميّة في الأدب الروسي، سلسلة عالم المعرفة، العدد 155 الكويت، تشرين الثاني 1991، ص40.
3- نفسه، ص 40- 41.
4- بورخيس، سبع ليال ٍ، دار الينابيع، ترجمة : د. عابد إسماعيل،دمشق2009، ص61-78
5- نفسه،ص 61.
6 - نفسه،ص 65.
7-د. سهير القلماوي، سابق، ص 46.
8- نفسه، ص46
9- نفسه، ص 42
10- نفسه،ص 42
11- بورخيس، سابق، ص68.
12- د. سهير القلماوي، سابق ص67
13- ل. جر وسمان، ليرمونتوف وثقافة الشرق ، في التراث الأدبي، ج 43-44. موسكو 1941 ص 684/ نقلاً عن د. الغمري، سابق، ص 40



* د . ثائر زين الدين
عن ألف ليلة وليلة وتأثيرها على الأدب الأوربي
 
أعلى