محسن جاسم الموسوي - الف ليلة وليلة في نظرية الأدب الانكليزي: الوقوع في دائرة السحر

تعدّ الف ليلة وليلة أو الليالي العربية -كما أطلق عليها مترجمها الإنكليزي المشهور في مطلع القرن الثامن عشر من بين الكتب القليلة الفريدة في تأثيراتها في القراء، وفي حجم الاستقبال الذي صادفته والرواج الذي حظيت به وبالإضافة إلى ذلك فقد كان تأثيرها، كبيراً على الأدب الإنكليزي ولا سيما المسرحية والرواية الرومانسية، فإذا كانت هذه الحكايات تسرّ "الذوق الأدبي" بمنوعاتها في مجال المشاعر والنوادر وبجموعها المؤثرة من صيادين وسرّاجين وفتيان وأشقياء وزوجات سليطات، فإنها قد تكون ذات إسهام في تشجيع الروائيين عندما أردوا التعامل مع المشاهد المألوفة والحياة الاعتيادية، وبالرغم من شيوع تلك الليالي العربية الكبير وتأثيرها الواضح على الحياة الأدبية هناك، فإن شهرة الحكايات الأدبية لم تنمّق بشكل موضوعي كما يحق لها.
من واقع هذا الإهمال المجحف انطلق الباحث في محاولة لمتابعة وتنميق السمات البارزة لشعبية الحكايات وشيوعها في إنكلتره، لا سيما بين قراء القرن التاسع عشر في إنكلترا. وكان الباحث معيناً بشكل رئيسي في ردود فعل النقاد والمتذوقين وحجمها ازاء هذا العمل الأدبي، والذي يدلل واقع شهرته على ذيوعه وتأثيره في المجتمع الإنكليزي المثقف.
وكي يقترب موضوع بحثه من الدقة المنشودة والرصانة والتأصيل العلميين كان اعتماده على (المقدمات) الذائعة للنسخ المترجمة والطبعات المعدة من الحكايات العربية أو المقلدة، وكذلك على العروض النقدية والمقالات المتميزة التي وردت في المجلات والدوريات المعاصرة (آنذاك)، وعلى مذكرات النقاد والكتّاب والرحالة والوجوه المعروفة ورسائلهم وأحاديثهم. كما أن الباحث لم يهمل (المختارات) من الليالي والمختصرات بها والطبقات المتكررة أو المزورة عنها، والسرقات والأعمال المعدّة مسرحياً عنها، أو تلك النتاجات القصصية المكتوبة في ضوء هياكل الليالي وحبكاتها، ذلك لأن هذه جميعاً تشكل ظواهر ذوقية، وتكشف للقارئ النقاب بوضوح عن نزعة الناشرين لمجاراة الطلب المتزايد على كتب دون أخرى.
 
أعلى